بعد موسم حافل بالمفارقات أسدل الستار على منافسات كرة القدم في السعودية، وشهد الدوري بطلاً جديداً هو فريق الاتحاد الذي استأثر بالذهب وترك للآخرين ميداليات الترضية فضية كانت أو برونزية ولم يكن أكثر الاتحاديين تفاؤلاً يتوقع أن يرى فريقه طرفاً نهائياً في جميع المسابقات الكروية السعودية فكيف وهو يرى الاتحاد يحصد جميع هذه البطولات في سابقة لم يسجلها أي فريق سعودي؟ والواقع ان فريق الاتحاد من جدة يعيش فترة ذهبية يصعب تكرارها مستقبلاً إذ حقق ثلاثية خارقة، فهو بطل مسابقة كأس دوري خادم الحرمين الشريفين، وبطل مسابقة كأس ولي العهد السعودي وبطل كأس الاتحاد السعودي، وهكذا احتكر بطولات الكرة السعودية الثلاث في موسم واحد. قدم الاتحاد هذا الموسم عروضاً باهرة أذهلت الجميع، ودخل الدوري بمدرب جديد هو البلجيكي ديمتري الذي استطاع أن يكوّن مجموعة متناسقة من اللاعبين الدوليين. وكانت ورقته الرابحة أحمد بهجا اللاعب المغربي المتألق الذي لقي دعماً ومساندة من زميله المغربي كماتشو ومن نجمي المنتخب السعودي المدافعين أحمد جميل ومحمد الخليوي، ولاعب الوسط الأنيق خميس الزهراني. سجل الاتحاد ما مجموعه 62 هدفاً في مباريات دوري خادم الحرمين الشريفين، وهزم جميع الفرق السعودية باستثناء فريق الأنصار الذي هبط الى الدرجة الأولى، ومني الاتحاد بست هزائم فقط لم يكن لها تأثير على مسيرته المظفرة ولم تحل دون تحقيقه انجازاً تاريخياً فريداً. ولعل أبرز ما يسجل على الدوري السعودي هذا الموسم غياب الإثارة والمتعة اللتين كان يتصف بهما فقد كانت الملاعب شبه خاوية، لكن الدوري السعودي استعاد وهجه في مباريات المربع الذهبي التي شهدت كثافة جماهيرية خصوصاً في مباراتي الجارين اللدودين النصر والهلال. ويرجع هذا العزوف الى ضعف المستوى العام للدوري، كما يؤكد خليل الزياني مدرب الاتفاق المخلوع ومرد ذلك الى غياب نجوم الأندية السعودية لمشاركتهم في البطولات التي خاضها المنتخب وهذا ما دفع الأندية الى الاستعانة بالبدلاء الذين لم يكونوا في مستوى النجوم الدوليين. ويشاطر قائد فريق الهلال منصور الموينع الزياني الرأي ويضيف أن اللاعبين الأجانب لم يكونوا أيضاً في مستوى اللاعبين الذين سبق أن تعاقدت معهم الأندية السعودية في أوائل الثمانينات أمثال ريفيلينو ونجيب الإمام وتميم وبرونو وطارق ذياب. لاعب الشباب المغربي سعيد ركبي يرى أن اللاعبين الأجانب ذوو مستويات عالية لكن المشكلة تكمن في أنهم كثيرو الترحال الى بلدانهم للمشاركة مع منتخابتهم الوطنية، وهذا ما جعلهم يفتقرون الى الاستقرار وحال دون تأقلمهم بصورة جيدة مع أنديتهم. أما النقاد ومتابعو مجريات الدوري السعودي فيضيفون عاملاً مهماً هو أن الأندية تسببت من حيث لا تدري في انخفاض المستوى العام، ويؤكدون أن تعاقب المدربين على الفرق ولّد الضياع والبلبلة. وتجدر الاشارة الى أن تفاوت المستوى الفني للفرق كان سمة من سمات مباريات الدوري السعودي فتارة تجد فريقاً في القمة وطوراً تجده في الحضيض، وخير مثال على ذلك فريق الاتحاد فبعدما اكتسح فريق النصر بستة أهداف نظيفة هزم في المباراة اللاحقة من فريق الأنصار أحد الفرق الهابطة الى دوري الدرجة الأولى 1/2، لكن اتحاد الكرة السعودي ألغى نتيجة الأنصار كونه أشرك لاعباً موقوفاً واعتبر الاتحاد فائزاً بنتيجة 3/صفر. وشهد الدوري بروز بعض الوجوه الشابة أمثال الدوخي والمفرج والتمياط من الهلال والحارثي والشويع من النصر والزهراني والصحفي من الاتحاد والمشعل من الأهلي، وفي المقابل فشل معظم نجوم المنتخب السعودي في اثبات وجودهم في مباريات الدوري، والوحيد الذي كسر القاعدة هو حارس مرمى الطائي محمد الدعيع الذي يؤكد أن ضعف مستوى الطائي يساعده على البروز. وتألق من اللاعبين الأجانب لاعبا الاتحاد بهجا وكماتشو ولاعبا النصر فيكتور وكينيدي، وبدرجة أقل لاعبا الهلال ليتانا وبصير، أما جاكو وماما دوصو فكان لهما دور فاعل في تفادي هبوط الطائي الى الدرجة الأولى وغاب اللاعبون الاجانب عن الملاعب بوفرة لحصولهم على بطاقات حمراء وفي طليعة هؤلاء أحمد بهجا الذي يعتقد أن الحكام تحاملوا عليه. ويشارك بهجا في انتقاد الحكام عدد كبير من مسؤولي الأندية السعودية واللاعبين والنقاد الرياضيين وقد احتل الحكم يوسف العقيلي مركز الصدارة بين هؤلاء بعد تعرضه لحملة قاسية من الهلاليين والنصر على حد سواء ويليه الحكم عمر المهنا الذي انتقده الهلاليون والاتحاديون وعبدالعزيز الدخيل الذي حمل عليه الهلاليون والنصراويون، ويعتبر الحكمان ناصر الحمدان وعبدالرحمن الزيد أفضل الحكام بشهادة أغلب المتابعين للدوري السعودي. ولم يستطع الحكام الحد من تفشي الاصابات الخطيرة، ومن أبرزها ظاهرة بلع الألسن وكان من أبرز ضحايا هذه الاصابات لاعب الأهلي عبدالرحمن أبو سيفين وعدنان عبدالشكور لاعب النصر وزميله ماجد عبدالله ومدافع الرياض أحمد زايد ناهيك باصابة لاعب الهلال عبدالله الشريدة بكسر في عظم الجمجمة. وقد عزا النقاد تفشي هذه الظاهرة الى تساهل الحكام ازاء مخاشنات اللاعبين، وكان وراء هذه الاصابات لاعبان من الاتحاد وآخران من النصر وهذا ما جعلهما يتساويان في عدد البطاقات الحمراء برصيد 9 بطاقات لكل منهما وهذا ما جعل الرئاسة العامة لرعاية الشباب تشدد على مسألة اللعب النظيف والبعد عن الخشونة، واستطاع فريق الشباب من الرياض أن يتصدر فرق الدوري في هذا المجال فحصل على جائزة اللعب النظيف وكأس الأمير فيصل بن فهد ومبلغ 100 ألف ريال، وحل ثانياً فريق الاتفاق من الدمام وحصل على مبلغ 60 ألف ريال سعودي، بينما جاء الهلال من الرياض ثالثاً وحصل على مبلغ 40 ألف ريال. ومن أبرز مفارقات هذا الدوري هبوط فريق القادسية أحد أعرق فرق المنطقة الشرقية الذي سبق له احراز كأس الكؤوس الآسيوية، وذهاب الكأس الى مدينة جدة بعد أن احتضنتها مدينة الرياض 6 مرات متتالية عن طريق أندية الشباب 3 مرات والنصر مرتين والهلال مرة واحدة، وكسر الاتحاد احتكار أندية الرياض بعد أن تأهلوا معه للمربع الذهبي، وللمرة الأولى أيضاً تعرف الفرق المتأهلة لهذا المربع قبل نهاية الدوري بمرحلتين، ولم تكن المنافسة محصورة على المراكز الأربعة الأولى فقط بل دارت معركة طاحنة بين الفرق لتفادي الهبوط الذي طاول فريقي القادسية والأنصار، ونجت فرق الوحدة والنجمة والطائي. وشهد الدوري ظاهرة الاستغناء عن المدربين فالهلال غير مدربيه بالجملة بدءاً بيوزيتش مروراً بالمدرب الوطني عبدالعزيز العودة الذي استلم الفريق لمرحلة انتقالية قصيرة ثم كامبوس فمواطنه فيريرا الذي أبعد بعد مباراة النصر الأولى في المربع الذهبي انتهاء بأوسكار. وانتقلت عدوى هذه الظاهرة الى الهلال والاتفاق، والقادسية والرياض والنجمة، بينما أبقت فرق الاتحاد والأهلي والوحدة، والنصر على مدربيها. ولم يقتصر تحطيم الأرقام على الغاء عقود المدربين بل ان الدوري شهد مجموعة من تحطيم الأرقام القياسية المسجلة في المواسم السابقة، فعلى صعيد لقب الهداف استطاع بهجا مهاجم الاتحاد أن يسجل 25 هدفاً ناسخاً رقم خالد المعجل السابق 22 هدفاً بعدما صمد لمدة 15 عاماً، كما أن بهجا ساعد فريقه الاتحاد في تحطيم رقم الهلال 53 هدفاً عندما سجل الاتحاديون 62 هدفاً . الأرقام لو حكت - لعبت الفرق 137 مباراة. - سجل اللاعبون فيها 392 هدفاً. - شارك في التسجيل 117 لاعباً. - انتهت 32 مباراة بالتعادل. - أعلى نتيجة سجلها فريق واحد هي للاتحاد عندما فاز على النصر بنتيجة 6/صفر. - أعلى نسبة أهداف سجلت في مباراة واحدة كانت 4/4 في مباراة الاتفاق والوحدة. - يعتبر هجوم الاتحاد أكثر الفرق تسجيلاً في الموسم اذ سجل 62 هدفاً في الدوري فقط. - يعتبر دفاع الهلال أقوى الدفاعات فلم يلج المرمى الهلالي سوى 24 هدفاً بما فيها مباريات المربع والمباراة النهائية. - أحمد بهجا، موسى نضاو هما اللاعبان اللذان سجلا هاتريك 3 أهداف في ثلاث مباريات. - انفرد أحمد بهجا بتسجيل أربعة أهداف في مباراة واحدة وذلك في لقاء الاتحاد والشباب في اطار المربع الذهبي.