"كتاب "مقاتل من الصحراء" لا يحتاج إلى تزكية أحد، فهو باختصار... ضمير أمة. وتاريخ مملكة. وحقيقة أسرة حاكمة"، بهذه الكلمات لخّص المثقف والصحافي الصيني كوتشنج هوا، مسؤول الشؤون الخارجية في صحيفة "الشعب" الصينية، رأيه في كتاب الأمير خالد بن سلطان أثناء الاحتفال الذي أقيم في بكين الأسبوع الماضي، في مناسبة صدور الطبعة الأولى من ترجمته الصينية. وحضر الاحتفال الفريق قاو قانق تشون نائب رئيس الأركان العامة لجيش التحرير الشعبي الصيني، والفريق خه بينغ مدير المبيعات والمعدات العسكرية، والمؤلف الفريق أوّل ركن الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز، وحشد كبير من القادة العسكريين والمثقفين والمفكرين الصينيين. وهي المرة الأولى التي يحتفل فيها بصدور كتاب في "قاعة الشعب" التي يكفي القول، للدلالة على أهميتها، إن عملية صنع القرار الصيني وتحديد ملامح سياسة بكين داخلياً وخارجياً، تتم داخل أروقتها ومكاتبها ودهاليزها. وهي المرة الأولى أيضاً التي يصدر فيها كتاب لمؤلف عربي عن حرب تحرير الكويت في اللغة الصينية، ما أثار اهتمام القيادات العسكرية في الصين ووسائل الاعلام هناك. حتى أن صحيفة "الشعب" الواسعة الانتشار، والناطقة الرسمية باسم الحكومة، وصفت "مقاتل من الصحراء" بأنه "سجل دقيق وأمين لحرب الخليج الثانية"، والسيرة الذاتية للمؤلف "الذي تولى قيادة القوات المشتركة ومسرح العمليات إبان حرب تحرير الكويت". أما صحيفة "جيش التحرير الشعبي"، فأكدت أن ""مقاتل من الصحراء" قدّم المعلومات التي لا يعرفها إلا القليل من الناس، وكثيراً من وجهات النظر حول تقويم هذه الحرب، ما أثار اهتمام الشخصيات العسكرية والسياسية المعنية في مختلف دول العالم". وقالت في سياق عرضها للكتاب "إن مذكّرات الأمير خالد تختلف عن مذكّرات القادة الأميركيين والبريطانيين اختلافاً شاسعاً"، مشيرة إلى الخلفية العسكرية التي يتمتع بها، والصفات القيادية التي أهّلته لقيادة قوات 25 دولة وتحقيق نجاح باهر أذهل وفاجأ القادة العسكريين الغربيين". وأوضحت الصحيفة نفسها ما ورد في الكتاب "من تسجيل لعمليات التموين والامداد الضخمة لقوات 37 دولة، والعلاقات المعقدة بين القوات المشتركة خلال الحرب، وما قدمته المملكة العربية السعودية لضمان التموين والاعداد". وأكدت أنّه "لولا ذلك لما كان هناك انتصار، ولولا قوة الدولة السعودية والنظام الاقتصادي الذي يجمع بين السلام والحرب لما تحقق ضمان التموين والاعداد". ولم يقتصر الاهتمام الاعلامي الصيني على ذلك. بل عمدت مجلة "معلومات العالم" إلى نشر الكتاب على حلقات، مبتدئة بالفصل الخاص بمسار العلاقات السعودية - الصينية التي لعب الأمير خالد دوراً أساسياً ومهماً في ارساء دعائمها وتثبيت أسسها منذ زيارته الأولى إلى بكين في الثاني من شباط فبراير 1987 والتي اثمرت عن تزويد القوات المسلحة السعودية بصواريخ استراتيجية متوسطة المدى أرض - أرض من طراز D. F - 3 المسماة "رياح الشرق"، ثم مهدت الطريق أمام اقامة علاقات ديبلوماسية كاملة بين الجانبين، أعلنت رسمياً في 21 تموز يوليو 1990، أي قبل الغزو العراقي للكويت بقرابة أسبوع. وفي معلومات "الوسط" أن الكتاب سيصدر باللغة الروسية قبل نهاية العام الجاري. فيما ينتظر ترجمته إلى اللغات الاسبانية واليابانية والاندونيسية، بعد ان صدر حتى الآن باللغات العربية والانكليزية والفرنسية والصينية ليكون بذلك أول كتاب استراتيجي عربي تتم ترجمته إلى هذا العدد من اللغات. قدرات عسكرية وحصافة سياسية وفي هذا الاطار يقول نائب رئيس الأركان الصيني الفريق تشون: "إن الكتاب نال التقدير والاهتمام الشديدين لدى القادة العسكريين استناداً إلى دقة المعلومات التي احتواها وأهميتها خصوصاً ما يتصل منها بحرب تحرير الكويت" التي وصفها بأنها حرب تقنية عالية، وسيظل تأثيرها مستمراً لسنوات عديدة مقبلة". ولم يفت المسؤول الصيني الذي تحدث خلال الاحتفال التنويه "بقدرات الأمير خالد العسكرية وحصافته السياسية، ودوره البارز في توطيد أواصر العلاقة بين الصين والمملكة العربية السعودية" التي أشار إلى "أهميتها في المنطقة وريادتها"، فضلاً عن كونها قلب العالم الاسلامي. ورد الأمير خالد في كلمة مماثلة أعرب فيها عن اعتزازه وفخره بصدور الكتاب في اللغة الصينية، أي لغة خُمس سكان العالم 1200 مليون نسمة. وشدد على أهمية التقارب العربي - الصيني بشكل عام، والتقارب السعودي - الصيني لتحقيق المصالح المشتركة للجانبين، في ظل التكتلات العالمية الراهنة. كما أعرب عن فخره لكونه من أوائل الذين اختارهم خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، للعمل على اقامة علاقات كاملة بين المملكة والصين. وأشار إلى أنه في ظل ما يقال عن النظام الدولي الجديد برزت احتياجات وأهداف غيرت مجرى سياسات الدول مع بعضها، "وبالتالي فإن بذور العلاقة يجب ألا تطرح في أرض غير صالحة للزراعة والنمو"، وينبغي عدم المغامرة بطروحات تأتي نتائجها سلبية.