بعد هدوء الضجة الاعلامية العارمة التي رافقت مخاوف البريطانيين والأوروبيين في كانون الأول ديسمبر 1995 من احتمال اصابة الانسان بمرض جنون البقر "BSE" أو اعتلال الدماغ الاسفنجي البقري والاصابة ببديله البشري مرض كروتزفلت - يعقوب "CJD" أو التهاب الدماغ الاسفنجي من جراء أكله للحوم البقرية، عادت المخاوف ذاتها الى الظهور بشكل أكبر وأوسع شمل معظم بلدان العالم بما فيها الدول العربية، واحتلت أخباره صدر الصحف وطليعة نشرات الاخبار الاذاعية والتلفزيونية حتى صار القارئ أو المستمع يشك باحتمال اصابته بذلك المرض من دون أن يدري، وان تأخر ظهور الأعراض قد يكون عائداً الى طول فترة حضانة المرض. فمن منا لم يأكل لحم البقر؟ ومن منا لم يطعم أطفاله البيف برغر؟ "الوسط" كانت سباقة الى معالجة هذا الموضوع في العدد "203" من العام الماضي عندما أشارت في حينه الى خطورة المرض واحتمال انتقاله الى الانسان وتفشي الاصابات بين مئات الألوف ممن تناولوا لحم البقر البريطاني في الثمانينات. وهذا ما تناوله بعض العلماء وكبار الخبراء البريطانيين أمثال البروفسور جون باتيسون المستشار الأول للحكومة البريطانية ورئيس الفريق الطبي والعلمي المكلف دراسة المرض، والبروفسور ريتشارد لايسي اخصائي علم الجراثيم والبروفسور مايك بينتر استشاري السيطرة على الأمراض المعدية وعضو اللجنة الحكومية المختصة بمرض جنون البقر. السبب الرئيسي وراء الضجة الاعلامية الجديدة هو اعتراف وزير الصحة البريطاني للمرة الأولى أمام البرلمان باحتمال انتقال مرض جنون البقر الى الانسان وتسببه بظهور سلالة جديدة من مرض كروتزفلت - يعقوب الذي يعتقد بأنه أصاب ضحاياه الجدد قبل العام 1989 الذي فرضت فيه الحكومة البريطانية قيوداً على المسالخ تلزمها بسحب بقايا وفضلات الذبائح التي يمكن أن تنقل عامل العدوى الى الانسان والحيوان، كالدماغ والحبل الشوكي والطحال والأمعاء والغدة الصقرية واللوزتين. وهذه هي المرة الأولى التي تعترف فيها الحكومة البريطانية باحتمال وجود صلة بين مرض جنون البقر الذي يصيب الحيوان ومرض كروتزفلت - يعقوب الذي يصيب الانسان. وجاء ذلك بناء على تقرير للجنة الخبراء الحكومية يؤكد وجود احتمال كبير بأن تكون الحالات الأخيرة للسلالة الجديدة لمرض كروتزفلت - يعقوب التي ذهب ضحيتها 10 أشخاص في مقتبل العمر، ناتجة عن انتقال مرض جنون البقر اليها. ودفع ذلك التصريح مفوضية الاتحاد الأوروبي الى فرض حظر على بيع وتصدير الأبقار البريطانية ولحومها ومشتقاتها خارج الأراضي البريطانية. وامتنعت ثلث المدارس عن تقديم وجبات لحوم الأبقار للأطفال، كما توقف بيع البيف برغر في محلات "ماكدونالدز" و"بيرغركنغ" و"ومبي" و"وندي". وأعلنت شركة الخطوط الجوية البريطانية انها لن تقدم وجبات فيها لحوم أبقار بريطانية. استهتار واستهزاء ان تفشي مرض جنون البقر وازدياد الاصابات البشرية بمرض كروتزفلت - يعقوب يعود بالدرجة الأولى الى تجاهل الحكومة البريطانية تحذيرات الخبراء والاستهتار بآرائهم واغفال توصياتهم واقتراحاتهم، واتباع توصيات مجموعة مختارة من العلماء الذين يوافقونها الرأي، واعتماد أنصاف الحلول وانتظار تكاثر الضحايا والجثث قبل الاعتراف بحجم الكارثة والعمل على تداركها. فالحكومة تستعين دائماً بخبراء مستعدين لتأييد وجهة نظرها وذلك لأسباب غامضة قد تعود الى كون 40 عضواً من حزب المحافظين الحاكم البريطاني في مجلس العموم وعدد من الوزراء الحاليين والسابقين من أصحاب المصالح في القطاع الزراعي وتجارة المواشي. وقد يعود السبب الى مصالح انتخابية وسياسية بحتة، أو ربما كان السبب مجرد سوء تصرف وتقدير. فالحكومة لم تقرر الابادة الالزامية للأبقار المريضة سوى بعد 20 شهراً من اكتشاف المرض والاعلان عنه عام 1986. كما أنها لم تقرر دفع تعويضات مغرية وعادلة للمزارعين تغطي ثمن الأبقار التي يجب قتلها عام 1988. واكتفت بدفع 50 في المئة من قيمة التعويضات المستحقة. ما دفع المزارعين للجوء الى بيع الأبقار المصابة أو التي يشكّون في اصابتها كي لا يخسروا أثمانها. واستمر هذا الحال الى العام 1990 عندما قررت الحكومة تعويض المزارعين بالكامل عن خسائرهم من الأبقار. في غضون ذلك اتسع انتشار المرض. وكان الدكتور هاراشي نارانغ، الاخصائي في مرض جنون البقر، اتهم الحكومة البريطانية بتجاهل الأدلة التي قدمها لها عام 1990 حول الصلة المحتملة بين مرض جنون البقر ومرض كروتزفلت - يعقوب الذي يصيب البشر. وأكد ان الأدلة الجديدة التي أعلن عنها وزير الصحة البريطاني حديثاً والتي تؤيد وجود الصلة بين المرضين، ما هي إلا نسخة طبق الأصل عن الأدلة التي سبق وقدمها هو للحكومة عام 1990. واكتشفت أخيراً حالات عدة للغش ومخالفات يقوم بها عدد من المزارعين وبعض المسؤولين لبيع أبقار حاملة للمرض تحت عيون الرقابة وذلك بعد تزوير شهاداتها الصحية. كما لوحظ أن 40 في المئة من المسالخ لا تلتزم بالتعليمات والتوصيات الحكومية لضمان سلامة اللحوم المذبوحة مثل تعقيم السكاكين والمناشير لمدة 7 ساعات تحت درجة حرارة مرتفعة جداً. وتجاهلت الحكومة تحذيرات عدد من الخبراء المرموقين في حقول اختصاصاتهم مثل البروفسور ريتشارد لايسي وبرنارد توملينسون وتيم لانغ وستيفن ديلر الذين تطرقوا الى موضوع جنون البقر ومخاطر اهماله منذ أكثر من 6 سنوات وقوبلت جهودهم وأبحاثهم بالسخرية والاستهزاء وحتى العداء. وعوضاً عن الاستفادة من خبراتهم حرصت الحكومة على عدم اشراكهم في أية لجنة تتعلق بهذا المرض. ولو تصرفت الحكومة بحكمة وحنكة لتمكنت من احتواء المرض منذ 10 سنوات. وليس بغريب ان تشير الاحتمالات الوبائية الى أن أكثر من مليون بقرة مصابة قد تكون أكلت من قبل البشر خلال ال 20 سنة الماضية. وهذا إن دل على شيء فإنه يبين حجم الكارثة التي تنتظر العالم مستقبلاً. التلاعب بطبيعة الغذاء منذ أكثر من 70 عاماً وعملية إطعام الحيوانات الأليفة بقايا فضلات حيوانات أخرى مستمرة على قدم وساق. ويبدو أن هذه الممارسة غير الطبيعية لن تتوقف على رغم التطورات الأخيرة وتفشي مرض جنون البقر. فاستخدام عظام ذبائح الدواجن ولحومها وفضلاتها لتغذية الدواجن الأخرى لم يحظر أو يمنع حتى الآن. وكذلك إطعام الخنازير لحم الدجاج الميت. ولولا الخوف من تفشي مرض جنون البقر بصورة وبائية خطيرة لما جاء قرار منع استخدام بقايا وفضلات ذبائح الأبقار والخراف عام 1989. مع العلم أن إطعام الخنازير بهذه الفضلات ما زال قائماً حتى الآن. تجدر الاشارة الى أن الفيلسوف الألماني رودولف ستايز كان حذر عام 1919 من استخدام الأعلاف الحيوانية مشيراً الى أن إطعام الماشية لحماً سيؤدي الى جنونها. وقد ازداد استخدام البروتينات الحيوانية في الثلاثينات وتكاثف خلال سنوات الحرب العالمية لحرص الناس على استغلال الذبائح الى أقصى الحدود. وتعود بداية وباء جنون البقر الى التغيرات الحاصلة في عملية تحضير وتصنيع أعلاف الماشية التي جاءت كرد على أزمة النفط العالمية في أوائل السبعينات وهبوط سعر الودك أو الشحم الحيواني وما رافق ذلك من اهمال لاجراءات السلامة بغرض الكسب السريع. وتآمرت تلك العوامل على عدم تشجيع منتجي أعلاف الماشية لاستخدام المذوبات في عملية سحب الشحوم من فضلات الأنسجة. وأدى ذلك التغيير الى السماح بتلوث الأعلاف بمرض جرب الخرفان Scrapie وارتعاشها ومن ثم انتقاله الى الأبقار. إذ لجأ المزارعون لاستخدام الأعلاف الحيوانية الرخيصة المصنعة بتلك الطريقة بحيث ساعدت كثافة الشحوم الحيوانية الموجودة فيها على انتقال المرض الى الأبقار. وكانت الكاتبة والمزارعة ألسبث هكسلي حذرت من تغذية الأبقار ببقايا وفضلات الماشية وخلط غذائها بالهرمونات منذ العام 1965 في كتابها الشهير "مأكولات جديدة وجريئة". إن الاستمرار في أسلوب تغذية الأبقار بأعلاف حيوانية على رغم التحذيرات واجراءات الرقابة لمجرد الكسب السريع والثراء على حساب صحة البشر جريمة لا تغتفر. كما ان تحويل الحيوانات النباتية الأليفة الى حيوانات آكلة للحوم أمر مخالف لقوانين الطبيعة يهدد تناسقها البيئي وتنوعها البيولوجي. ومن المؤكد أن معظم المستهلكين للحوم الأبقار يحبذون دفع أسعار أعلى للحصول على لحوم من أبقار تتغذى بأعلاف عضوية نباتية عوضاً عن تعريض حياتهم وحياة أطفالهم للخطر من أجل الحصول على لحوم رخيصة. ومن المؤسف ان شراء اللحوم بأسعار باهظة لا يضمن بالضرورة انها لحوم عضوية نظيفة هذه الأيام. إذ ان ثقة المستهلك باللحوم البقرية قد وصلت الى أدنى درجاتها، ولن يعيد تلك الثقة الا اتخاذ اجراءات حاسمة من قبل الحكومة البريطانية مهما صعبت الخيارات، مع تشجيع المزارعين ومربي الماشية على التحلي بالأمانة والصدق في طريقة تغذيتهم لقطعانهم. الخطر على الأطفال من الصعب جداً ان لم يكن من المستحيل اعطاء توصيات محددة حول ما إذا كان بوسع الأطفال أكل لحوم الأبقار بسلامة واطمئنان ما لم تظهر أدلة علمية جديدة تؤيد وتدّعم ذلك. إذ لا توجد حتى الآن أدلة واضحة على أن الأطفال معرضون أكثر من غيرهم للاصابة بمرض كروتزفلت - يعقوب المشابه لمرض جنون البقر. لكن يعتقد أن المرض قد يظهر بسرعة أكبر عند الأطفال لأن فترة حضانته لديهم تكون أقصر. ويعود السبب في ذلك الى كون عامل نقل العدوى بروتين "برايون" الذي يوجد في أنسجة الدماغ والحبل الشوكي والأعصاب، يحتاج الى عبور طريق الحبل الشوكي قبل وصوله الى الدماغ. ويعتمد توقيت انتهاء هذه الرحلة على مدى طول الحبل الشوكي عند الانسان. لذا تستغرق حضانة المرض وقتاً أقصر عند الأطفال مقارنة بالكبار نظراً لقصر حبلهم الشوكي. وقد يرجع السبب الى كون الأطفال أكثر رغبة من غيرهم في أكل الوجبات السريعة كالبيف برغر والهوت دوغز. وعوضاً عن تحذير الأطفال من تناول لحوم الأبقار الى حين ظهور أدلة علمية تؤكد خلوها من مرض جنون البقر، تخاذلت الحكومة البريطانية عن اتخاذ أي اجراء عملي بهذا الخصوص واكتفت بتشكيل لجنة استشارية علمية أوكلتها مهمة دراسة احتمال وجود الخطر. ثم قامت اثر انتهاء اللجنة من أعمالها باعلان سلامة أكل اللحوم البقرية وعدم وجود فارق بين مستوى الخطر الذي يمكن أن يتعرض له الأطفال والكبار في حالة تلوث اللحوم بالمرض. مع العلم ان أكثر من ثلث عدد مدارس الأطفال في بريطانيا كان قرر الامتناع عن تقديم وجبات فيها لحوم الأبقار. وبعد اعلان لجنة من الخبراء التابعين للاتحاد الأوروبي ضرورة حظر بيع لحوم الأبقار البريطانية ومشتقاتها الى أي مكان في العالم وحتى إشعار آخر، من المتوقع أن تضطر الحكومة البريطانية عاجلاً أم آجلاً الى ذبح ملايين الأبقار نتيجة الضغوط الداخلية والخارجية وعدم قدرة مزارعيها على بيع الأبقار ولحومها داخل أو خارج البلاد. أخطر من الايدز! يتميز مرض التهاب الدماغ الأسفنجي "كروتزفلت - يعقوب" في أنه يفتقد الى وجود فحص مخبري يدل الى اصابة الانسان به. وهو لذلك أخطر من مرض الايدز الذي يمكن التأكد من الاصابة به عن طريق اجراء فحص مخبري. كما أن مرض كروتزفلت - يعقوب يؤدي الى وفاة الانسان خلال أيام معدودة بعد أن يدّمر دماغه. ولا تظهر أعراض المرض الا بعد سنوات عدة تصل أحياناً الى 35 سنة. وتشبه أعراضه مرض الخرف الشيخوخي الزهايمر، إذ يصاب الانسان بالاكتئاب والنسيان والدوار وطنين الأذنين. ويصعب عليه المشي وصعود السلالم، وغالباً ما يترنح ويسقط أرضاً عند الاستدارة. كما يعجز عن استخدام يديه للكتابة. وتتطور حالته فيعاني من الارتعاش والتلوي وتنتابه نوبات هستيرية ترافقها حركات لا إرادية. وفي مراحل المرض الأخيرة يعجز الانسان عن النطق والبلع والاستجابة للآخرين، ويصاب بسلس البول فيظهر كحالة نباتية جامدة. ولا يمكن التعرف على وجود المرض الا بعد وفاة المريض وتشريح دماغه ثم فحصه مخبرياً. وكان البروفسور جون باتيسون المستشار الأول للحكومة البريطانية ورئيس الفريق الطبي المكلف دراسة المرضين جنون البقر وكروتزفلت - يعقوب، أشار الى احتمال وجود مئات الألوف من الاصابات بين السكان في بريطانيا واحتمال تفشي هذا المرض بصورة وبائية مشابهة لمرض الايدز. وهذا ما سبق وأشار اليه البروفسور ريتشارد لايسي أخصائي علم الجراثيم في جامعة ليدز البريطانية. عودة الثقة والاحتمالات الصعبة من أهم الخطوات الكفيلة بالحد من انتشار مرض جنون البقر واعادة الثقة الى مستهلكي لحوم الأبقار البريطانية، لجوء السلطات الصحية المعنية الى تنفيذ أحد الاجراءات الصعبة الآتية: 1- ذبح قطعان الأبقار بأكملها ومحو خطر مرض جنون البقر كلياً. وهذا اجراء مكلف جداً ويستغرق أعواماً لتنفيذه من أجل القضاء على أكثر من 11 مليون بقرة. 2- ذبح كافة الأبقار التي تأثرت بالمرض، أي قرابة 5 ملايين رأس. 3- ذبح كافة الأبقار المولودة قبل العام 1989 الذي منع فيه استخدام الأعلاف الحيوانية، أي حوالي 4.5 مليون بقرة. 4- ذبح الأبقار الكبيرة السن فوق 30 شهراً من بين القطعان المصابة بالمرض، أي حوالي 800 ألف رأس. 5- ذبح الأبقار الحلوبة بعد جفافها، أي ما يقارب 790 ألف رأس. 6- تغيير وسائل نحر الذبائح حتى لا تلامس اللحوم المقطوعة أو المقشوطة سلسلة الظهر أو الحبل الشوكي للأبقار. وبالطبع لا يكفي ذبح الأبقار ودفنها للقضاء على العامل الناقل للعدوى داخلها وهو بروتين "البرايون". إذ أنه قادر على الصمود تحت التربة لمدة 10 سنوات. لذا يجب حرق جثث البقر تحت حرارة مرتفعة جداً تصل الى 130 درجة مئوية. ونظراً الى عدم وجود أكثر من 6 محارق تصلح لهذه المهمة في بريطانيا فإن عملية حرق 4.5 مليون بقرة قد تستغرق 3 سنوات، بينما يستغرق حرق 11 مليون بقرة 9 سنوات أو أكثر. هذا اضافة الى التكاليف الباهظة لتعويض القطعان. من هنا تظهر صعوبة الخيارات المتاحة أمام الحكومة البريطانية وحجم المهام المطلوبة. إلا أن صحة وسلامة المستهلك وعودة الثقة اليه قد تتطلب تنفيذ أحد هذه الخيارات مهما كانت التكلفة. الوضع في الدول العربية أعلنت معظم الدول العربية انها أوقفت استيراد اللحوم البقرية وقطعان الماشية من بريطانيا منذ العام 1990. أي منذ اعلان الحكومة البريطانية عن وجود حالات اصابة بين قطعان الأبقار نتيجة تغذيتها باعلاف مصنعة من بقايا وفضلات الحيوانات المعالجة كيماوياً وبعدما حظرت استخدام هذه الاعلاف في تغذية الأبقار. وكانت دول المغرب العربي توقفت عن استيراد لحوم الأبقار البريطانية منذ 4 سنوات حسب تصريحات وزارة الزراعة البريطانية. وصرح مسؤولون كويتيون بأنهم توقفوا عن استيراد الأبقار منذ العام 1986، وأن اجراءات احترازية قد اتخذت تجاه لحوم الأبقار المستوردة من الخارج لحماية المستهلكين والثروة الحيوانية في البلاد. كما أكدت وزارة الصحة اخضاع اللحوم المستوردة من بريطانيا وايرلندا الى الفحص المخبري. واعطت مفوضية الاتحاد الأوروبي أرقاماً عن صادرات اللحم البقري البريطاني الى بعض الدول العربية خلال العام 1994. غير أنه لم يتم تأكيدها من المصادر العربية المعنية. وشملت الصادرات 2390 طناً للعراق، و970 طناً للبحرين و763 طناً للبنان، و449 طناً للسعودية، 431 طناً لقطر، 300 طن للأردن، 260 طناً لعُمان و38 طناً لليبيا. واعلنت وزارة الصحة السعودية انها اتخذت الاجراءات الضرورية لمنع استيراد المواد الطبية والعلاجية التي تدخل فيها لحوم الأبقار البريطانية أو مشتقاتها مثل الحليب وحقن الانسولين والأمصال. وأكدت على أنها منعت استيراد الأبقار البريطانية ولحومها منذ العام 1990، وانها تراقب وتنسق مع المنظمات الصحية العالمية لمواجهة المستجدات. ونظراً لتردد الحكومة البريطانية في اتخاذ الاجراءات الضرورية الحاسمة لتطهير قطعان أبقارها من هذا المرض الوبائي الخطير، واصرار مفوضية الاتحاد الأوروبي على مقاطعة لحوم الأبقار البريطانية ومشتقاتها وحظر تصديرها عالمياً خارج الأراضي البريطانية، وعلى رغم الاعتراضات والتحليلات الغامضة الصادرة عن منظمة الصحة العالمية لطمأنة الدول الى سلامة لحوم الأبقار البريطانية وعدم ثبوت انتقال مرض جنون البقر اليها، يستحسن التمسك بالموقف الحازم المسؤول من قبل الدول العربية وهو مقاطعة هذه اللحوم ومشتقاتها تماماً الى حين مباشرة الحكومة البريطانية في ذبح الملايين من أبقارها تدريجاً حتى يتم الخلاص نهائياً من خطر مرض جنون البقر واحتمال انتقاله الى الانسان بصورة مرض كروتزفلت - يعقوب أو غيره. مدى سلامة لحوم الأبقار التي نأكلها تشير دلائل عرضية الى أن أكل لحوم الأبقار البريطانية قد يكون وراء ظهور حالات اصابة جديدة بمرض كروتزفلت - يعقوب وهو البديل المكافئ لمرض جنون البقر عند الانسان. ويعتقد أن عامل نقل العدوى في كلا المرضين هو نوع خبيث من بروتين طبيعي غير مؤذ يعرف ببروتين "برايون" الذي يتواجد داخل أنسجة الدماغ والأعصاب، ولا يمكن القضاء عليه إلا بتعريضه مطولاً لدرجات حرارة عالية للغاية. المقانق والهوت دوغز منتوجات خطرة تحتوي هذه المنتوجات على 50 في المئة من لحم الأبقار، ثلثيها نقي والباقي يحتوي على لحم الاذنين والعيون والقلب والغدة الصقرية واللسان. منعت أنسجة الأعصاب عام 1989. اللحم المفروم منتوجات خطرة منع استخدام فضلات الذبائح وأنسجة الأعصاب عام 1989. اللحوم المعلبة يقتضي الخوف من التلوث الجرثومي تسخين المعلبات مطولاً بحرارة 120 درجة مئوية لضمان تدمير بروتين "برايون". البيف برغر يحتوي على لحوم مسحوبة ميكانيكياً من مناطق قريبة من العمود الفقري. فطائر اللحم ادى تهاون الحكومة البريطانية ما بين عامي 1984 و1989 الى استخدام كميات كبيرة من فضلات الذبائح الحاوية على بروتين "برايون". منتوجات خطرة تحتوي فطائر اللحم على أنسجة من الدماغ، الحبل الشوقي، الطحال، اللوز والأمعاء. منعت عام 1989. الكبد، الكلى والقلب لا تحتوي على بروتين "برايون". الستيك والمفاصل لا تحتوي أنسجة الستيك العضلية على بروتين "برايون" ويكفي تعريض المفاصل الى حرارة شديدة الارتفاع أثناء الشوي للقضاء على بروتين "برايون". * لم يعثر العلماء حتى الآن على وجود بروتين "برايون" في الحليب ومشتقاته. الخيارات الصعبة تدرس الحكومة البريطانية حالياً عدة خيارات للخلاص من مرض جنون البقر تشمل ذبح كامل قطعان الأبقار أو جزء محدود منها. ويتوقع المسؤولون أن يساهم الاتحاد الأوروبي في تغطية النفقات الباهظة لهذه العملية. 1- ذبح قطعان الأبقار بكاملها 10.5 بليون دولار تعويض القطعان والمدخول الضائع 30 بليون دولار 2- ذبح 4.5 مليون بقرة عمرها فوق 30 شهراً 10.5 بليون دولار 3- ذبح قطعان الأبقار المشكوك باصابتها 4.6 بليون دولار تكلفة بناء وتربية قطعان جديدة بقرة ولودة خصبة: 3000 دولار بقرة حلوب: 450 دولاراً تعويض بقرة مصابة: 957 دولاراً 4- ذبح كافة الأبقار المولودة قبل عام 1990 1.05 بليون دولار 5- منع التلوث عن طريق تغيير وسائل الذبح 300 مليون دولار