إنتاج المدينة من التمور يزداد بنسبة 31%    السعودية تحقق رقما قياسيا جديدا في عدد صفقات الاستثمار الجريء    دبلوماسي سعودي رفيع المستوى يزور لبنان لأول مرة منذ 15 عاما    مساعد رئيس مجلس الشورى تلتقي المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة    وزير الخارجية يبحث مع نظيره الفرنسي تطورات الأوضاع الإقليمية    القبض على مواطن لترويجه أقراصًا خاضعة لتنظيم التداول الطبي بتبوك    محمد بن ناصر يدشن المجمع الأكاديمي الشرقي بجامعة جازان    وزير الدفاع بالإدارة السورية الجديدة: نعمل لمنع اندلاع حرب أهلية    22 ولاية تطعن في أوامر ترمب لمنع منح الجنسية بالولادة    الخطيب: المملكة تستثمر 500 مليار دولار لتطوير وجهات سياحية جديدة    رابطة العالم الإسلامي تعزي تركيا في ضحايا الحريق بمنتجع بولاية بولو    «التجارة»: 19% نمو سجلات «المعلومات والاتصالات»    مكتبة الملك عبدالعزيز العامة تعقد ورشة عمل عن أسس ترميم المخطوطات والوثائق    حسام بن سعود: التطوير لمنظومة العمل يحقق التطلعات    وزير العدل يلتقي السفير الصيني لدى المملكة    آل الشيخ: خطبة الجمعة للتحذير من ظاهرة انتشار مدعي تعبير الرؤى في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي    محافظ الأحساء يُدشّن وجهة "الورود" أحدث وجهات NHC العمرانية في المحافظة    جناح مبادرة "Saudi House" يعرّف زوار "دافوس" بمنجزات المملكة ويعقد جلسات متنوعة    أقل من 1% تفصل الذهب عن قمته التاريخية    بدء أعمال المرحلة الثانية من مشروع تطوير الواجهة البحرية لبحيرة الأربعين    نائب أمير الشرقية يستقبل مدير جوازات المنطقة بمناسبة تعيينه    اعتقالات وحواجز أمنية وتفجيرات.. جرائم إسرائيل تتصاعد في «جنين»    الأمير محمد بن ناصر يدشن المجمع الأكاديمي الشرقي بجامعة جازان    أمير الشرقية يكرم الداعمين لسباق الشرقية الدولي السادس والعشرين للجري    محافظ الخرج يستقبل مدير مكافحة المخدرات    أنغولا تعلن 32 حالة وفاة بسبب الكوليرا    تكريم 850 طالبًا وطالبة بتعليم الطائف    جامعة حائل تستضيف بطولة ألعاب القوى للجامعات    صندوق الاستثمارات العامة وشركة "علم" يوقّعان اتفاقية لاستحواذ "علم" على شركة "ثقة"    فرصة هطول أمطار رعدية على عدة مناطق    كعب «العميد» عالٍ على «الليث»    وفاة مريضة.. نسي الأطباء ضمادة في بطنها    الاتحاد والشباب.. «كلاسيكو نار»    اعتباراً من 23 رجب.. حالة مطرية «سابعة» تترقبها السعودية    انخفاض في وفيات الإنفلونزا الموسمية.. والمنومون ب«العناية» 84 حالة    سكان جنوب المدينة ل «عكاظ»: «المطبّات» تقلقنا    10 % من قيمة عين الوقف للمبلّغين عن «المجهولة والمعطلة»    المكاتب الفنية في محاكم الاستئناف.. ركيزة أساسية لتفعيل القضاء المؤسسي    وفاة الأمير عبدالعزيز بن مشعل بن عبدالعزيز آل سعود    وفد "الشورى" يستعرض دور المجلس في التنمية الوطنية    أبواب السلام    علي خضران القرني سيرة حياة حافلة بالعطاء    إيجابية الإلكتروني    شيطان الشعر    إنستغرام ترفع الحد الأقصى لمقاطع الفيديو    قطة تتقدم باستقالة صاحبتها" أون لاين"    كوليبالي: الفوز ب«عرض كبير» هدفنا    ولي العهد يرأس جلسة مجلس الوزراء    كيف تتخلص من التفكير الزائد    عقار يحقق نتائج واعدة بعلاج الإنفلونزا    تأملات عن بابل الجديدة    "رسمياً" .. البرازيلي "كايو" هلالي    الدبلوماسي الهولندي مارسيل يتحدث مع العريفي عن دور المستشرقين    خطة أمن الحج والعمرة.. رسالة عالمية مفادها السعودية العظمى    متلازمة بهجت.. اضطراب المناعة الذاتية    في جولة "أسبوع الأساطير".. الرياض يكرّم لاعبه السابق "الطائفي"    مفوض الإفتاء في جازان: المخدرات هي السرطان الذي يهدد صلابة نسيجنا الاجتماعي    برئاسة نائب أمير مكة.. لجنة الحج تستعرض مشاريع المشاعر المقدسة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رحلة في حياة بطلة "طيور الظلام" التي هزت القاهرة أخيراً . يسرا لپ"الوسط" : أنا الأم والأخت والمتمردة .. والذائبة في الحب حتى النخاع
نشر في الحياة يوم 05 - 02 - 1996

يسرا تملأ الدنيا وتشغل الناس في القاهرة هذه الأيام، بسبب قضايا وأمور لم تكن لها يد فيها. فهي لئن انتقلت صورتها الى أغلفة المجلات وصفحات الصحف فجأة خلال أسبوعين، تشعر بألم لأن المناسبة لم تكن فيلماً جديداً مثلته أو مأثرة قامت بها، بل محاكمة ظالمة افتعلها اصحابها افتعالاً، وقضية غامضة وقعت فيها ضحية لمعجب شرس وصل به الأمر الى احتجازها واطلاق الرصاص وخلق اشاعات من حولها. كل هذا اليوم حديث القاهرة. "الوسط" التي واكبت اعمال يسرا الفنية الأخيرة، التقتها في القاهرة في خضم ذلك كله وسألتها عن حياتها ومسارها الفني في حوار طويل في ما يأتي الحلقة الثالثة منه:
عشرون عاماً من السينما أو ثلاثون فيلماً، تمكنت من ان تجعل من يسرا "حبيبة مصر الجديدة" وواحدة من سيدات الشاشة العربية. كانت البداية مع "اكتشاف" حسن الامام لها. لكن موعدها مع مخرج الروائع لم يتم. فكان "قصر في الهواء" أول وآخر أفلام عبدالحليم نصر مدرستها السينمائية الحقيقية الأولى. كان دورها في ذلك الفيلم أول دور. ومنذ ذلك الحين لم تتوقف يسرا عن لعب دور البطولة في حياة سينمائية قادتها الى عوالم يوسف شاهين وعادل امام، على تناقضهما، فاذا بها بعد سلسلة أفلام طريفة استغلت ما في وجهها وقامتها من جمال، لتصبح ذات شهرة عالمية في بعض أجمل أفلام يوسف شاهين فتنال سمعة ثقافية وحظوة لدى النقاد، وفي الوقت نفسه تشارك عادل امام في بعض أفضل أفلامه، فتصبح لها حظوة لدى الجمهور. في الحلقة السابقة من هذه السلسلة أخذت يسرا بيدنا وقادتنا في رحلة سبرت علاقتها مع شاهين. وفي هذه الحلقة تحدثنا، خاصة، عن علاقتها بعادل امام، وعن رد فعلها على تعرّف العالم الخارجي عليها، كما تتوقف عند ظاهرة الدور الثانوي الذي تلعبه المرأة، حتى ولو كانت نجمة وبطلة في أفلام زماننا هذا، بالنسبة الى الرجل، الذي بات له الحضور المطلق والبطولة المطلقة.
حين وقفت ارتجف في البندقية
يسرا، لا شك ان بامكاننا ان نعتبرك اليوم واحدة من أشهر الممثلات المصريات في الخارج. واتى التكريم في نانت ليكرس هذا الأمر. ترى أفلا يشعرك هذا بنوع من القلق وبالتساؤل حول مستوى بعض الأفلام التي يمكن ان يعرض عليك التمثيل فيها؟
- القلق نعم ولكن تكريمي في "نانت" كان أسعد أوقات حياتي، لكنه لم يكن المرة الأولى التي احتك فيها بالجمهور الأجنبي. المرة الأولى كانت في البندقية، حين عرض "حدوتة مصرية" في مهرجانها العام 1982. اذكر ان شنطتي ضاعت يومها، ما اضطرني لأن أتوجه الى مكان الاحتفال بالصندل. وراحت قدمي تؤلمني. يومها لم يحضر يوسف شاهين العرض. وهو، في العادة، لا يحضر عروض أفلامه. المهم، ما ان انتهى عرض الفيلم حتى علا التصفيق، وذهلنا، نور الشريف وأنا وشعرنا بطعم التصفيق الأجنبي للمرة الأولى. ركضنا الى حيث كان يوسف شاهين جالساً. فسألنا: عملتوا ايه؟ قلنا له، كاذبين، ان العرض كان وحش خالص والناس استقبلونا استقبالاً سيئاً. ذهل الرجل وكاد يصاب بصدمة لولا اننا عدنا وروينا له، كالأطفال، حقيقة ما حدث، فابتسم بهدوء وقال: على أي حال سوف تعتادان على ذلك كثيراً. واعتقد ان توقعات يوسف تحققت. بعد ذلك كان عرض "اسكندرية كمان وكمان" في تظاهرة "اسبوعي المخرجين" في كان، وكان استقبالاً رائعاً. اما في "نانت" فاختلفت الأمور جذرياً، ومع هذا احسست، مع ان التكريم كان لي شخصياً، انني اذا كنت دخلت العالمية، فانني دخلتها بفضل فنان كبير اسمه يوسف شاهين.
وجمهور "نانت" جمهور مهم ويعرف شاهين جيداً، لكني حين وصلت كنت في غاية القلق، وقفت احدث الناقد الصديق رفيق الصبان وانا أرتعش. طلبت منه ان يرافقني لمواجهة الجمهور، فأنا خائفة. قال لي الصبان ولماذا تخافين، سألته "ترى هل سيعرفني احد هنا؟"، "قال لا يهم، لو أتى عشرة أشخاص سيقولون لعشرين والعشرون سيقولون لمئة". قلت. ربنا يستر. كتر خيرهم على أي حال. ودخلنا. خلال الدقائق الأولى كانت القاعة خالية وصدمت، ولكن خلال خمس دقائق امتلأت الصالة. تكرر هذا في الأفلام السبعة التي عرضت. ولك ان تتخيل سعادتي. أحسست ان هنا تكريمي الحقيقي، من قبل جمهور يريد ان يتعرف على السينما المصرية من خلال أفلامي، من خلال أفلام نعيمة عاكف، من خلال سينما هنري بركات. كان ذلك أهم ما حدث في حياتي. ثم، أفلست أكرم وأنا لا أزال شابة؟ وأحسست فجأة ان هذا الموقف يطالبني بأداء رسالة من نوع ثان، نوع عالمي، ينطلق من المحلية ومن تراثنا الشرقي ليصل الى العالم وليس العكس. احسست ان الناس يريدون اصالتنا. مرة سئلت هناك عما اذا كنت أرغب في ان أمثل في فيلم فرنسي. قلت اجل شرط ان يتناسب الدور مع شخصيتي وأصالتي ومكانتي في بلدي فأنا فنانة وعالمية طالما ان جمهوري "يحبني" و"شايلني في قلبه"، الاعلام الفرنسي رحب بي ترحيباً شديداً وصريحاً. أنا للأمانة فوجئت. اكتشفت انهم قاموا، قبل وصولي، بالبحث عني وعن تاريخي، ودهشت لأنهم يعرفون عني أشياء بالكاد أعرفها أنا. كل هذا جعلني أحس انني سفيرة لمصر وللشرق. وأدركت انهم يرون الشرق من خلالي.
بصورة مختلفة؟
- اجل، مختلفة عن الصورة المعهودة لديهم عن الشرق. اطرف ما في الأمر انهم علقوا على ادائي وشخصيتي قائلين انني شرقية وغربية في الوقت نفسه. قالوا ان شكلي غربي انما روحي شرقية. كل هذا أفرحني وجعلني أشعر بمسؤولية من نوع آخر. ماذا؟ كيف؟ هنا انتقلت من الفرح الى القلق والى الخوف…
بين أفلام وأفلام
أفلامك السبعة التي عرضت هناك، كيف شاهدتيها وانت بينهم؟
- كنت أراها من خلال عيونهم.
فكيف وجدتها؟
- وجدت ان نظرتهم تختلف عن نظرتنا كلياً. احسست انهم يتفاعلون مع أمور ويضحكون على "حاجات" نحن لا نتفاعل معها وربما لا تضحكنا .افلامنا غير افلامهم، عقليتنا غير عقليتهم. هناك الايقاع مختلف والتوقيت مختلف. ومع هذا فان الفن نفسه لغة عالمية، لغة كل الشعوب، لغة واحدة. انا صحيح لا أفهم اللغة الهندية، ولكني أتذوق الفن الهندي وأحبه، فالفن مفهوم من كل الناس ولا يحتاج الى مترجم. في هذا المعنى اعتقد ان افلامنا وصلتهم، ولكنهم شاهدوها انطلاقاً من رؤاهم وتاريخهم وشخصيتهم.
على الجدران، حولنا هنا، شهادات جوائز عديدة حصلت عليها، ما هو شعورك حين تتأملينها؟
- هي حصيلة عمري وجهدي طوال عشرين سنة. هي خلاصة ادائي في الأفلام العديدة التي مثلت فيها. وأنا اليوم حين أتأملها اتذكر عملي في كل فيلم له علاقة بها، هي على أي حال جوائز نالتها الأفلام الجيدة والمميزة بين أفلامي. الأفلام التي كان يهمني في كل فيلم منها، معناه وتكوينه، مثل "حدوتة مصرية" و"المولد" و"ضحك ولعب وجد وحب" و"امرأة آيلة للسقوط" و"الارهاب والكباب" و"مرسيدس" و"المهاجر"… الخ.
اتفق معك على ان هذه هي أجمل الأفلام التي مثلت فيها. فهل ترين اليوم انك أحسنت الاختيار، أم ان المخرجين هم الذين احسنوا في اختيارك؟
- انت عارف، ان المسألة ليست بهذه البساطة. خذ مثلاً دوري في فيلم "المولد" هو دور صغير، لكني أحبه كثيراً. فيه كنت أعمل للمرة الأولى مع المخرج سمير سيف الذي احب شغله كثيراً. حين فاتحني بالعمل معه قال لي: صحيح يا يسرا ان الدور مساحته صغيرة، ولكن لا اعتقد ان في امكان احد غيرك ان يقوم به. لست أرى شخصاً آخر يمكنه ان يؤدي دور المرأة التي يعتقد عادل انها اخته، فاذا بها تكتشف انه ليس اخاها وانه يمكن ان يحلّ لها هي التي ترى فيه الرجل الوحيد على الأرض. فتزعل وتفرح في الوقت نفسه. شرح لي سمير سيف كل أبعاد الدور مؤكداً في الوقت نفسه انه دور صغير. فقبلت التحدي ولا أزال حتى اليوم أحس بالرعشة امام المشهد الذي اكتشف فيه ان عادل امام، في الفيلم، ليس شقيقي، وامام المشهد الآخر مشهد بعد الحمام حين يعانقني عادل بحنان بصفته اخي، فيما أعلم انا انه ليس أخي وأشعر برعشة تدفعني لأن أقول له في النهاية "يخرب بيتك". كان ذلك واحداً من اجمل المشاهد التي أديتها في حياتي. أقول هذا، لأن لدي تعليقاً شئت ان أوصله عن طريق هذه المقابلة، للناس والأصدقاء الذين يأخذون علي في بعض الأحيان قبولي بلعب ادوار صغيرة بعض الشيء. الشيء نفسه حدث في "الارهاب والكباب". تقرأ الدور في السيناريو فتحس انه لا شيء، لكن فيه معنى، فيه ممثل يتعين عليه ان يحمل الدور كله. المهم اداء الدور وليس حجمه. لن أكون مهمة حين أكون جزءاً صادقاً من الجماعة في الفيلم. ولا يهمني ان أكون متفردة في دور لا معنى له. اتساءل بعده نادمة: لماذا فعلت هذا؟ يد واحدة لا تصفق. الأيدي يجب ان تكون كثيرة حتى يصبح التصفيق منطقياً وذا معنى.
انت اذن، من ذلك النوع من الفنانين الذين يقولون ان كل العناصر يجب ان تصب في النهاية لمصلحة الفيلم لا لمصلحة النجم؟
- طبعاً، ومن دون أي جدال، المفروض ان تصب كل جهودنا داخل الفيلم. لا يجب ان يسخر الفيلم لصالح شخص واحد، نجم أو أي شيء كان، مهما علا شأنه.
حسناً، يسرا، يقودني هذا الى سؤال آخر، ان نجاحك كممثلة في الخارج جاءك عن طريق أفلام ذات معنى، يحققها مخرجون/ مؤلفون من نوع استثنائي. في المقابل عندك افلام جماهيرية، مثلاً لم تصل الى الخارج؟
- "الارهاب والكباب" جماهيري وشعبي ومحلي. وامثله مع عادل امام ومع ذلك وصل الى الخارج…
ربما… عرض من على شاشة ثقافية…
- وفي مهرجان روتردام… عرض 9 مرات.
ليس من اجلك، وليس من اجل قيمته الفنية…
- من اجل موضوعه…
تعالي نكون صريحين ونقول انه نجح بسبب عادل امام وان كثيرين قد ينسون حضورك فيه.
- مش مهم، نجاحه بسبب عادل يسعدني.
لست اشك في ذلك.
- بص يا سيدي، انا، عادل، أحب ان اشتغل معه. نحن اثنان نؤمن ببعضنا البعض. ثم الا ترى معي انني لم احضن جمهوري العريض الا بفضل عادل امام ومن خلاله. هذا تعبير لا أكف عن ترديده. ان عادل هو الذي مكنني من حضن هذا الجمهور. لا يمنعني هذا من القول بأن احمد زكي، مثلاً، فنان عبقري واحب ان اشتغل معه، وهناك فنانون كبار آخرون يسعدني دائماً العمل معهم، مثل نور الشريف ومحمود حميدة. ومع ذلك أقول لك بكل بساطة ان الناس تحب ان تشاهد اناس معپبعضهم البعض: يسرا وعادل، أو عادل ويسرا، وأنا شخصياً أحب ان يشاهدني الناس مع عادل…
أحاول ان ألعب دور محامي الشيطان وأسألك: هل تشعرين بالغيرة مثلاً، حين ترين الناس تتجاوب مع عادل في الفيلم. انهم يتجاوبون معك مرة، ولكن مع عادل ألف مرة…
- صحيح، وهذا يفرحني من كل قلبي. وانطباعي هذا يشبه انطباع الجمهور الذي يفرحه، من كل قلبه، ان يحقق عادل نجاحاته. انا حين أذهب الى أي مكان، قبل ان يسألني الناس عن صحتي وأحوالي، يسألونني عن عادل امام فأقول لهم: الحمد لله كويس. "الناس فاهمين" انني أبقى مع عادل امام طيلة الوقت وأنا أتمنى، على أي حال، لو انني أمثل في كل أفلام عادل.
هل تحزنين حين يمثل إلى جانب ممثلة غيرك؟
- أبداً. لأن هذا أمر طبيعي للغاية. بعض الناس يتصور انني أحزن حين لا أكون إلى جانبه في فيلم من أفلامه. والحقيقة انني على العكس من هذا، أشعر بسعادة. فالمفروض ألا أكون مع عادل في كل أفلامه، وإلا فإن الجمهور سوف "يزهق"، يجب أن يكون هناك توازن. انت كمتفرج تشتاق بين الحين والحين إلى مشاهدة عادل إمام على الشاشة، ولكن لو كنت أنا إلى جانبك لن يكون هناك الشوق نفسه، واللقاء قد يكون مرة ذا رونق. لكنه في مرة أخرى قد يخلو من أي رونق. في النهاية لا يمنعني هذا من القول بأني احب العمل مع عادل إمام... دائماً.
دانتيلا... ولكن لا تتمزق
لاحظت ناقدة فرنسية ان أدوار المرأة التي تلعبينها في افلامك لا توجد إلا في العلاقة مع الرجل الذي هو المحور وهو الأساس. ينطبق هذا، في رأيها، على "المهاجر" و"الارهاب والكباب" و"المنسي" وغيرها، حيث لا يكون الوجود الانثوي إلا رد فعل على وجود الرجل الطاغي.
- هذا صحيح، والسبب هو أن السينما التي تنتج في أيامنا هي سينما الرجل. في الماضي كانت هناك أفلام عديدة تعبر عن مشاكل المرأة وبالتالي يتمحور موضوعها من حولها. أما اليوم فالسينما تهتم بمشاكل الرجل، فتقدم المجتمع من خلال الرجل والمتطرف من خلال الرجل والفساد من خلال الرجل. وبهذا تختفي مشاكل المرأة كلياً، ونشعر بحنين إلى سينما هنري بركات وحسن الإمام وغيرهما، تلك السينما التي لطالما تمحورت من حول المرأة. ولا اعتقد ان سبب غياب سينما المرأة اليوم ناتج عن غياب مشاكل المرأة أو قلة تلك المشاكل، بل بسبب عجزنا عن معرفة الكيفية التي يتعين علينا ان نجابه بها مشاكل المرأة. وعجزنا، في الواقع، عن مواجهة المرأة نفسها في عصر يتغير.
هل سبب هذا ان المخرجين والكتاب رجال؟
- أبداً... عندك مثلاً ايناس الدغيدي.
ايناس تمحور، هي الأخرى، معظم افلامها من حول الرجل؟
- اعتقد انك تقول هذا وفي ذهنك فيلم مثل "امرأة واحدة لا تكفي"، حيث يتمحور الفيلم كله من حول أحمد زكي ومشاكله العاطفية. ولكن هناك أيضاً "عفواً أيها القانون" مع نجلاء ومحمود، وهناك "ديسكو ديسكو". على أي حال أحضر اليوم لفيلم جديد مع ايناس الدغيدي، اعتقد ان المرأة هي موضوعه الرئيسي. كتبته الدكتورة هالة سرحان ويكتب السيناريو الدكتور رفيق الصبان، وأمثله أنا، نجلاء فتحي، من اخراج ايناس الدغيدي.
نسوان في نسوان إذن تضحك يسرا... عماذا يتكلم الفيلم؟
- عن صديقتين واحدة مسلمة والثانية مسيحية. المسلمة أنا أما المسيحية فهي نجلاء فتحي. انهما تحبان بعضهما حباً كبيراً يدفعهما إلى التخلي عن الرجل الذي تغرم به كل منهما، حين تشعر كل واحدة منهما بحب الاخرى له. علاقة الصداقة بينهما تدفعهما إلى التضحية المشتركة.
هل يمكن لمثل هذا الأمر أن يحصل في الحياة؟ ماذا تفعلين لو جابهك مثل هذا الموقف؟
- لست ادري. المهم... الاختيار سيكون في غاية الصعوبة.
لكنه في السينما في غاية السهولة...
- وهنا تكمن عظمة السينما وروعتها. في السينما كل شيء ممكن ويأتي من دون عذاب. كل شيء ممكن في السينما. التضحية، الحب، القيم، الألم، الحرىة وكل هذا موجود في فيلم ايناس الجديد...
فيلم عن المشاعر اذن... في زمن يخلو من المشاعر؟
- بالضبط. يمكنك أن تدرك هذا من عنوانه: "دانتيلا". آمل أن يجيب هذا الفيلم عن سؤالك حول سينما المرأة. انت محق حين تقول إن للمرأة في مجتمعاتنا مشاكل كثيرة وفظيعة، وقليل من يمكنه ان يكتب عنها وعن مشاكلها، زمان كانت الكتابة عن المرأة أسهل. كانت المرأة إما سندريلا واما "بلانش نيج" واما الحسناء النائمة في الغابة. اليوم صارت المرأة امرأة، وصارت مشاكلها أكثر الحاحاً وتعقيداً من أن يمكن لأحد استيعابها.
لنأخذ، يسرا، أربعة أدوار نسائية قمت بها: دورك في "المهاجر" وفي "المنسي" حيث تلعبين دور السكرتيرة المتمردة بعد خضوع وفي "مرسيدس" حيث ازدواجية الأم والعشيقة وفي "المولد" حيث المرأة ملحقة بالرجل هدفها أن تكسبه وأن تنبهه إلى حقيقته، أي امرأة هي أنت في الحقيقة، بين هذه النماذج الأربعة؟
- انا أرى ان كل امرأة، بالمطلق، تحمل هذه الوجوه كلها، اما الذي يظهر على السطح أمام المجتمع فإنه قد يختلف عما يكون في الحقيقة موجوداً في صورة المرأة الحقيقية، الصورة التي تقوم بينها وبين نفسها. ومع هذا فأنا عاجزة عن أن أقول لك ما إذا كنت أنا هذه أو تلك. احس انني موجودة في كل تلك المرأة.
أنا الأم والاخت والعشيقة والمنبهة والمتمردة والخاضعة، وأنا الذائبة حتى النخاع في الحب. كل هذا موجود في داخلي. لن اقول ان المرأة تشبه قطعة الدانتيلا، كما يقول عنوان فيلم إيناس الدغيدي. فالدانتيلا يمكن أن تتمزق. أما المرأة فنسيج مغزول بصلابة وقوة تقفان خارج كل امكانية للاهتراء. ومع هذا ثمة نعومة تغلف كل شيء. ذات مرة قد تلتقي بمنحوتة حجرية فيها كمية قوة تمتزج مع كمية نعومة ورهافة. هكذا هي المرأة، وهكذا أنا في صوري العديدة وتقلباتي وتناقضاتي، لا يمكنني ان اكون على نمط واحد.
الحلقة المقبلة: نسوان ورجال وسينما
الصور


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.