يتعرض مئات الآلاف من الرجال للاصابة بسرطان البروستات سنوياً في مختلف اقطار العالم وبالذات في الولاياتالمتحدة الاميركية وأوروبا. ويعتبر هذا المرض ثاني أكثر أمراض السرطان قتلاً للرجال بعد سرطان الرئة. أسبابه بالتحديد غير معروفة حتى الآن، ولكن يعتقد ان هورمون الذكورة "التستوستيرون" يلعب دوراً فيه. كما انه تم ربط نوعية الغذاء والإصابة بسرطان البروستات لأن سكان المناطق الآسيوية مثل الصين واليابان وبعض دول العالم الثالث التي تعتمد في غذائها على النباتات والاسماك يندر فيها حدوث المرض. وتشير الاحصاءات الى ان آكلي اللحوم معرضون للاصابة بسرطان البروستات بنسبة تضاعف نسبة النباتيين. وعلى رغم ان بعض الأدلة يشير الى انتقال هذا المرض داخل العائلات، الا ان الدراسات فشلت في تأكيد العلاقة بين العوامل الوراثية او العوامل البيئية مثل التعرض للاشعاعات النووية، والاصابة بسرطان البروستات. وتزداد خطورة الاصابة بسرطان البروستات مع تقدم الانسان في السن. وتحدث معظم الاصابات بعد سن 65 عاماً. البروستات هي غدة صغيرة بحجم الجوزة، تقع تحت المثانة وتحيط بالمبال او المجرى البولي. وتفرز البروستات سائلاً قلوياً أبيض اللون يغذي سائل المني ويشكل جزءاً منه اثناء عملية القذف. ويساعد ذلك في زيادة كمية ونوعية الاحياء المنوية عند الرجال. وهو لذلك ضروري جداً لعملية الاخصاب. تنمو غدة البروستات ببطء أثناء الطفولة وتصل الى حجمها الطبيعي في سن البلوغ. وتحافظ على هذا الحجم حتى منتصف العمر، ثم تتابع نموها عند البعض من دون أية مضاعفات. اما عند البعض الآخر وبالذات ما بين سن 55 و70 سنة فإنها تتسبب بصعوبات في عملية التبول وما يصاحب ذلك من اوجاع. وقد يصل حجم البروستات احياناً لدى البعض الى ما يقارب حجم التفاحة من دون ظهور مضاعفات. اما اكثر مشاكل البروستات انتشاراً فهو التضخم او الورم الحميد Benign Heyperplasia الذي يصيب 80 في المئة من مرض البروستات في مرحلة منتصف العمر وما بعدها. وهنالك مشكلة التهاب البروستات Prostatitis الناتج عن اصابتها بعدوى او خمج من أحدى الجراثيم مثل المكورات العنقودية E. coli او الحراشف البرعمية Chlamydia، والتي يصاب بها الرجال ما بين سن 30 و50 وأعراضها شبيهة بأعراض الانفلونزا يضاف اليها الأوجاع وصعوبة التبول وظهور افرازات قيحية صادرة عن العضو الذكري التناسلي. ويتم علاج هذه الحالة عادة باستخدام المضادات الحيوية المناسبة، الا ان فترة الشفاء منها تستغرق وقتاً طويلاً مع امكانية او احتمال عودة الالتهاب للظهور مرة اخرى. وعلى رغم ان سرطان البروستات لا يصيب اكثر من 10 في المئة من مرض البروستات، إلا انه آخذ في الازدياد نتيجة التقاعس أو العجز في تشخيصه وكشفه مبكراً. وتصل نسبة الموتى من بين المصابين بسرطان البروستات الى 3 في المئة. الاعراض: من أبرز الأعراض الصحية التي يعاني منها المصابون بالتهاب البروستات او سرطانها: - تقطع مجرى البول وضعفه. - صعوبة البدء في التبول وصعوبة ايقاف ادراره. - ازدياد الرغبة في التبول، خصوصاً اثناء الليل. - ظهور الدم في البول او في سائل المني. - ظهور بعض الافرازات عبر فتحة العضو التناسلي عند الاستيقاظ صباحاً. - الحرقان والألم اثناء التبول. الاوجاع المستمرة والمزمنة في قاع الظهر والحوض وأعلى الفخذين. - الشعور بالارهاق والوهن الجسدي الشامل. العلاج من الخيارات العلاجية الناجعة التي اثبتت فاعليتها ضد تضخم البروستات والاورام السرطانية التي تصيبها، عملية استئصال البروستات او جزء منها جراحياً. اما عن طريق ادخال منظار للمثانة عبر العضو الذكري ومن ثم ادخال سلك حلقي مزدوج وملتهب عبر المنظار لقشط واستئصال اكبر جزء من نسيج البروستات المتضرر. أو عن طريق شق البطن في حالة تضخم البروستات الى حد كبير. وغالباً لا تستغرق عملية الاستشفاء من الجراحة اكثر من 4 أو 5 أيام في الحالة الأولى وما بين 8 و10 أيام في الحالة الجراحية الثانية. اما مضاعفات استئصال البروستات جراحياً فهي امكانية التأثير على القدرة الجنسية وعملية الاخصاب. غير ان اكثر اعراضها الجانبية انتشاراً مشكلة القذف العكسي لسائل المني باتجاه المثانة. وهذا بدوره لا يشكل خطراً على المريض الا انه قد يسبب للبعض ازعاجاً واحراجاً. وبالطبع فان القذف العكسي يعني تحوّل الرجل المصاب الى ما يشبه الانسان العقيم لأن احياءه المنوية لن تصل الى زوجته اثناء الجماع. وهنالك ما بين 5 و10 في المئة من المرضى الذين يشعرون بتدهور قدراتهم الجنسية بعد العملية الجراحية، الا ان الخبراء يعتقدون بأن هذا الشعور يعود لأسباب نفسية بحتة. ويؤكد البروفسور ادولف ستيغ اخصائي الجهاز البولي المعروف على أهمية مصارحة المرضى بكافة حيثيات العملية الجراحية ومضاعفاتها قبل تعريضه لها، لأن ذلك يساهم في ازالة المخاوف النفسية التي يمكن ان تؤثر على ثقة المريض بقدرته الجنسية لاحقاً. ويأمل الجراحون مستقبلاً في التمكن من استئصال البروستات من دون الحاجة الى جراحة صولية، وذلك باللجوء الى استخدام اشعة الليزر والتموجات الميكروية لحرق البروستات وخروج بقايا مخلفاتها عبر العضو الذكري. ولن تحتاج العملية سوى الى ادخال انبوب عبر المستقيم او العضو الذكري في حالة المعالجة بالتموجات الميكروية. او الى ادخال سلك من الياف الليزر داخل المبال ومن ثم حرق البروستات بأشعة الليزر. ولن تستغرق مثل هذه العمليات اكثر من ساعة واحدة لانجازها. غير ان الشفاء منها قد يستغرق شهراً كاملاً. تجدر الاشارة الى ان هذه الطرق العلاجية الجديدة ما زالت قيد التجربة والتقويم. من جهة اخرى يمكن الاعتماد على أدوية معينة مريحة للأعصاب المتمركزة في عنق المثانة بشكل يسمح لها بالانفتاح بسهولة. الا ان هذه الأدوية لا تنجح الا اذا كان العائق البولي صغيراً ومحدوداً. وهنالك أدوية أخرى قادرة على تقليص غدة البروستات مثل دواء "بروسكار"، غير انها الا تنجح الا عند 50 في المئة من المرضى. وقد تؤثر هذه الأدوية على الرغبة الجنسية بطريقة سلبية. وبالامكان اللجوء الى دواء "زولاديكس" لخفض افرازات هورمون الذكورة "التستوستيرون" وهورمون "اللوتنة"، للحد من تطور سرطان البروستات وانقاص نموه. ويميل الأطباء غالباً الى اتباع خطة تدريجية في علاجهم لمشاكل البروستات حرصاً على عدم الاسراع في اعتماد عملية التشخيص قبل التأكد منها تماماً. لذا يلجأ الاطباء الى توعية المرضى حول اهمية تغيير نمط حياتهم من الناحية الغذائية والمهنية والاجتماعية، واتباع الخطوات الوقائية الوارد ذكرها لاحقاً. ومن ثم ملاحظة تأثير هذه التغييرات على الاعراض التي كانوا يعانون منها. فاذا نجحت الخطة الوقائية تكون هي العلاج المناسب في الوقت الحاضر. اما اذا فشلت فان الاطباء يلجأون الى اعطاء المرضى الأدوية التي تناسب حالاتهم. واذا فشلت هذه الخطوة ايضاً في علاجهم، لا يجد الأطباء بديلاً من اتباع الأسلوب الجراحي للتخلص من التضخم او الورم الذي يصيب البروستات. أهمية التشخيص المبكر ونوعية الغذاء تُجمع آراء الخبراء والباحثين واخصائيي امراض الجهاز البولي على اهمية القيام بفحص الدم الروتيني عند بلوغ الرجال سن الخمسين لاكتشاف الاجسام المضادة لسرطان البروستات PSA التي تساعد في التنبؤ بوجود السرطان او عدمه بنسبة 80 في المئة وتساهم بالتالي في نجاح العلاج قبل استفحال المرض. غير انهم يحذرون من ان بعض النتائج الصادرة عن هذا الفحص قد يعطي انطباعاً خاطئاً او نتائج مشكوكاً في صحتها، سواء من الناحية الايجابية او السلبية. وهذا يتطلب متابعة طبية تعتمد على فحوصات اكلينيكة اخرى للتأكد من صحة التشخيص قبل المباشرة في العلاج. وفي الولاياتالمتحدة الاميركية اصبحت اهمية هذا الفحص الروتيني شبيهة بأهمية فحص الكوليسترول خصوصاً وان قرابة 40 ألف اميركي يموتون سنوياً نتيجة الاصابة بسرطان البروستات، هذا عدا الاشخاص الذين يموتون من دون معرفتهم بأن اجسادهم ابتليت بسرطان البروستات. وقد أكدت دراسة ضخمة شملت حوالى 15 ألف مريض أهمية فحص PSA في التشخيص المبكر لسرطان البروستات. من جهة أخرى يؤكد اخصائيو التغذية وبعض الأطباء على اهمية اختيار الوجبات الغذائية الغنية بالألياف والمعجنات وفيتامين سي ومعدن الزنك في المحافظة على صحة وسلامة البروستات. مع ضرورة الابتعاد عن الوجبات الغنية بالشحوم. فأكل البطاطا، الخبز، الفستق، البذور، الأرز الاسمر، رقائق القمح، والمعكرونة وغيرها من المعجنات والنشويات، يساعد في توفير الألياف ومعدن الزنك التي تساهم في منع انتفاخ البروستات وتضخمها. كما ان أكل الخضار والفواكه الغنية بفيتامين سي مثل الفلفل الأخضر والاحمر والحمضيات والفراولة والكيوي والخضار الورقية تساهم في تنقية المثانة والمبال من الجراثيم والأخماج. وفي حالة صعوبة الحصول على وجبات متزنة ومتكاملة تتوافر فيها الفيتامينات والمعادن المطلوبة لصحة البروستات ينصح بتناول كبسولة من معوضات الفيتامينات والمعادن يومياً، او تناول معوضات غذائية نباتية اخرى يروج استخدامها في اوروبا منذ 20 عاماً مثل كبسولات "بروستابريت" المصنوعة من خلاصة اعشاب حنطية سويدية بمعدل كبسولتين يومياً لمدة 3 أشهر. وتباع هذه الكبسولات في محلات الأغذية الصحية والنباتية. الخطوات الوقائية - تناول وجبات طعام صحية غنية بالخضار والفاكهة والألياف والابتعاد عن الوجبات الغنية بالشحوم. - تفادي أكل الوجبات الحارة الغنية بالبهارات والتوابل. - الابتعاد عن تناول الكحول والمشروبات الروحية. - تفادي شرب القهوة قبل النوم. - عدم محاربة الرغبة في التبول او الرغبة في قذف المني والسعي للاستجابة لهما دون تأخير او مماطلة. - عدم المبالغة في ممارسة العلاقات الجنسية ومحاولة تنظيمها بطريقة تتماشى مع عمر الانسان وقدرته الجسدية. - الامتناع عن الجلوس لفترات طويلة في وضع معين. - القيام بالتمارين الرياضية الكفيلة بتنشيط الجسم وأعضائه. - القيام بالفحوصات الدورية عند بلوغ سن الخمسين او عند ظهور اعراض شبيهة بأعراض البروستات في أي سن مبكرة.