ما جديد الشعر والرواية والفن التشكيلي في العالم العربي خلال العام الماضي؟ محمود درويش وشوقي أبي شقرا ونزار قبّاني وعباس بيضون.... عبد القادر الشاوي، الياس خوري، رؤوف مسعد وهدى بركات... مروان، شفيق عبّود، محمد القاسمي، فاتح المدرّس كمال بلاطه ضياء العزّاوي... أسماء وتجارب كثيرة تتلاقى وتتقاطع على الساحة لتضيء الواقع القاتم وترفع التحدي وتخصب الحياة الفكرية والابداعية. "الوسط" تواصل في ما يلي رصد الظواهر والتحولات الثقافية، واستخلاص السمات الاساسية للعام 1994، التي قد تحمل في طيّاتها بعض ملامح المستقبل القريب. شعرية الانكسار تعمق بلاغتها المؤثرة . قصيدة التسعينات : عودة الرومانطيقية ؟ هل يمكن الكلام على بروز جديد للرومانطيقية في الشعر العربي اليوم؟ وهل تعتبر تلك الظاهرة، في حال وجودها، منعطفاً أو تطوراً جمالياً وتعبيرياً متقدماً؟ أم أنها اشارة الى نكوص روحي وتقهقر تعبيري وجمالي، بعد الفورات التجريبية التي عرفها الشعر العربي وبدّلت في العمق من علاقة الشاعر باللغة؟ سنوات الثمانينات مثّلت ذروة مناخ حر لمواصلة تجريب لم تنقطع الثقافة العربية الحديثة عن الحض عليه بجرأة وحماسة وشغف، ربما قلّ نظيرها في ثقافات أخرى معاصرة وحديثة. وها نحن نجتاز نصف عقد من التجريب ليس في الشعر وحده، وانما في القصة والرواية والفنون البصرية - وحتى في السياسة - سنوات صاخبة بسبب ما رمي به الشعر خلالها من ضلالة وخروج على القواعد لمجرد كونه يكسر القوالب ويتفلّت في أرض الحرية. على أن الارهاق الجمالي الذي ظهرت عوارضه على القصيدة العربية في السبعينات، شكّل مأزقاً قاد الشعراء العرب مع نهاياتها الى استئناف مغامرة التجريب فوق دروب مجهولة. وأدى ذلك الى اكساب الشعر لهجة جديدة والى ظهور موجة من الشعراء المجربين، خصوصاً شعراء الطور الثاني في قصيدة النثر. شيء من هذا القبيل يحصل الآن. فموجات التجريب وصلت بالكتابة الى آفاق تعبيرية تكاد تكون مسدودة، في ظل مناخ عربي ممزق، محبَط، متوجس، كاره، متقلّب، لا ينذر انسانه بأقل من الشّر، ما يعمق في شعرية الانكسار بلاغتها المؤثرة... هكذا استفاقت حيوية النص على حاجات أخرى، وراحت تفرز خصالاً رومانطيقية نقع هنا وهناك على أكثر من اشارة الى بروزها في شعر بعض أفضل شعراء قصيدة النثر العربية اليوم. فهل تتكرّس هذه الرومانطيقية مستقبلاً بصفتها سمة فنية من سمات القصيدة الساعية الى تنقية الشعر الجديد مما علق به في سنوات التجريب من "افتعالات"، و"مبالغات"، و"قصدية" في العمل على اللغة تحت يافطة "الشعر الموضوعي"؟ هل نرى في هذا المنحى الجمالي المفاجئ رد فعل على ما شاع من "خلطات" واستهلاك صيغ وتراكيب شعراء آخرين، بحيث لم يبقَ للقراءة إلا حيرتها حيال ما يجري، بعد إعراضها عن "التحقق" كفعل تواصل نقدي وكحوار جمالي؟ والرومانطيقية الخفيفة التي نشير اليها، لم يفقدها الشعر العربي في أي وقت، كما أن بروزها مجدداً لن يبدد ثمرات التجريب، بل سيعمل على تنقية الشعر من "اللعثمة" و"شبهة العجمة" و"الركاكة المقصودة" الموجّهة ضدّ البلاغة لمجرد المعاكسة، وسيعمل على تخليص "اليومي" من صيغه اللغوية المبتذلة وبلاهته الفنية. درويش يوسع فضاءه إن أي متابع للنتاج الشعري في السنوات الاخيرة، يلاحظ ما استبد باللغة وخطابها من "أوهام" عن الهامشية لم يعد في الامكان استمرارها. ففي ظل تهميش مراكز بشرية وحضارية بأكملها، لا بد أن يتحول "الشاعر الهامشي" كما عرفته الثمانينات، وكما لا تزال تقدّمه القراءة النقدية، الى مساحات أوسع من الوجود الانساني، حيث اللغة والحدث والوجود في مركز أصبح هو نفسه الهامش بامتياز. فهذا الخروج من الدائرة المغلقة، وحده كفيل بانقاذ الشعر من ارهاق جمالي وتعبيري أمعنت التسعينات في تظهير أعراضه وملامحه. وعلى الرغم مما سبق، فإن رصيد السنة 1994 يتضمّن مجموعات جديدة لاجيال شتى موزعة بين الاقامة والسفر، من الذين عرفهم الشعر العربي منذ الأربعينات كنزار قباني، الى الشباب الذين ينشرون بواكيرهم في ديوان أول. "أمرّ بإسمكِ إذ أخلو الى نَفَسي/ كما يمرّ دمشقيّ بأندلس/ هنا أضاء لك الليمون ملح دمي/ وها هنا سقطت ريحٌ عن الفرس"، يكتب محمود درويش في مجموعته الاخيرة "لماذا تركت الحصان وحيداً" دار الريس التي تشكّل ضربة جناح قوية لشاعر طالما كان "جديده" جديداً. في هذا العمل الشعري الملحمي، يوسّع درويش فضاءه كشاعر رفيع الموهبة، ويثري مكتبة الشعر العربي الحديث بفتوحات جمالية في لغة الشعر وتراكيبه وأخيلته، ستبقى في النهاية من العلامات الفارقة لتجربته. ومن المؤسف حقاً ألا يكون في وسعنا الكلام بحماسة مشابهة عن جديد شاعرين آخرين، يتمتّع أولهما بشعبية واسعة لدى الذين يقرأون الشعر والذين لا يقرأونه، ويحتلّ الثاني مكانة بينة لدى شعراء القصيدة الجديدة، إنهما نزار قباني وشوقي أبي شقرا. في "خمسون عاماً في مديح النساء" منشورات نزار قباني نقرأ مثلاً، مترددين بين الخجل والتقزز: "سوف أتحرّش بك على مدار الساعات/ بالخطاب الإيروتيكي/ واللغة الدونجوانية/ حتى يصير ليلك نهاراً/ ونهارك ليلاً/ وأتركك تتقّلبين على جمر قصائدي/ وأنام ملء جفوني عن شواردها" من قصيدة "الحب والفاكس". لسنا طبعاً في معرض مقارنة مستحيلة وغير مجدية بين شعر درويش وشعر قباني... ولكننا أمام مجموعتين صدرتا في اسبوع واحد، وفي تقليب النظر بين هذا وذاك إغراء أسود! هنا تنهضُ العين في رشاقة الصورة، وتنهد الحواس من النفس وراء لمعة الجمال في المبتكر من اللغة... وهناك تذوي الحماسة، وتفتر النفس، وتتهاوى الكلمات في سهولة الصوغ وركاكة الشعور. ولا يبقى من "جديد" الشاعر، سوى أصداء باهتة لقديمه الجيد، وأضغاث صور وتعابير كأنها انعكاس مخجل لسابق شعره، بعد أن تم استنساخه عدداً لا يحصى من المرات... وفي "صلاة الاشتياق على سرير الوحدة" دار الريّس، يبدو شوقي أبي شقرا الأكثر وداعة وانسجاماً. فالشاعر الذي يحتل موقعاً على حدة في مسار قصيدة النثر، يواصل الانفراد في منطقة من الحفر والبحث طالما كانت منطقته، يتصرف فيها كطوبوغرافي عريق، وكلاعب أدمن مع اللغة لعبة تخصّه وحده. فهو صاحب سوريالية "العرزال" في شعر الحداثة العربية. ولعلّه كان، دائماً، كذلك. أدونيس: تحول عن التجديد؟ أدونيس بدوره أصدر في وقت مبكر من هذا العام ديوانه "أبجدية ثانية" دار توبقال. واللافت، بعد أكثر من سبعة أشهر على صدور هذه المجموعة، أن أي قراءة نقدية جدية لم تتصدَّ لقراءة جديد صاحب "أغاني مهيار"، اذا استثنينا مقالة نقدية للشاعر عباس بيضون. وللأمر دلالات كثيرة منها إدراك النقد عجزه عن محاورة النصوص الشعرية للخروج بخلاصات طالما كان يرغب في الخروج بها. فالنقد الشعري، بشكل عام، غاب غياباً فادحاً هذا العام. هل السبب هو فتور العلاقة بين النقد وقرائه، أم اليأس من امكان خلق مناخ يصل بين الشعرية وظواهرها من جهة، وبين القراء واستعداداتهم في المغامرة من جهة أخرى؟ الاكيد هو أن الإعراض النقدي عن أدونيس، له دلالات إضافية تتعلق ربما بما تفصح عنه هذه المجموعة من تراجع، ومن تحول عن التجديد، عبر عنهما في كتابات نشرتها "الحياة" خلال العام الفائت. في "أشقاء ندمنا" دار الجديد ينشر عباس بيضون قصائد متفرقة كتبها خلال السنوات الخمس الأخيرة. وتبدو هذه القصائد - على رغم ما فيها من بحث وتوتر وقلق طالما وسمت عمل الشاعر - أقلّ قيمة، شعرياً، من عمليه السابقين "خلاء هذا القدح" و"حجرات". فالمنشور في هذا الكتاب يوحي بأنه حصاد ما جمعه الشاعر مما تناِثر على هوامش تجربته. أبو خليل: شعر "مديني" بينما ينقلنا أمجد ناصر في كتابه الجديد "سرّ من رآك" دار السراة، وينتقل بتجربته الشعرية، الى منطقة لغوية وجمالية وتعبيرية خطرة، لاحت إرهاصاتها في كتابه "وصول الغرباء". ففي هذه المجموعة يفجر الشاعر، وعلى نحو لا سابق له في مسيرته، كلّ مخزونه اللغوي، مطوّعاً عدته الفنية ودافعاً نصّه باتجاه منحى يمكن أن يسمى "قصيدة الجسد". يصل أمجد ناصر بالشعر الى ذروات جمالية خالصة، بلا أقنعة أخرى للشهواني، غير أقنعة اللغة بما هي حيل فنية. إنه يكتب من دون أدنى مساومة، أو خضوع لميكانيزمات القمع في اللغة. أما عبد المنعم رمضان، فتصعّد مجموعته "الغبار أو إقامة الشاعر على الأرض" دار السراة، لعبة استلهام الجسد إلى مناطق وحالات وصياغات غالباً ما تبتذل الموضوع. ويستدعي الشاعر من أهواء النفس ما هو مَرضيّ، عبر لغة لا تفلح غالباً في تجاوز مطبّات التسطيح. في شعره تتحول مواجهة الأخلاقيات والقيم القمعية المتعلّقة بالجسد الى ايديولوجيا لفظية، تستعير من القمعي خصائصه لإخضاع الجسد وابتذاله بواسطة لغة شبقة، تعتد بذكوريتها. وهذا التهور لا تشفع به فنيته، كما هو الحال لدى أمجد ناصر. ويتقدم فادي أبو خليل هذا العام، بدوره، كصوت رومانطيقي مميّز في مجموعته "فيديو" دار الجديد التي تفصح عن تأثر جلي بالشعر الأميركي الجديد. قصيدة فادي أبو خليل تعاكس ب "مدينيّتها" تلك النكهة "الريفية" الفائحة من تجارب عدد من الشعراء الذين ظهروا مع نهايات الحرب اللبنانية. بل إنها تبدو، بشكل من الاشكال، قصيدة تصفية حساب مع الحرب، ومع جزء كبير من نتاجها الشعري. يبحر أبو خليل في الاتجاه المعاكس ل "عاميّة" غليظة الشعور، تهيمن على الخطاب الشعري بلهجة هي ثمرة تبديد لأناقة اللغة ودقتها. إن قصيدة فادي أبو خليل هي قصيدة الريبة في كل ما آل إليه لبنان بفعل الحرب. وقرأنا خلال العام الماضي "سنابل في منحدر" لمحمد الدميني دار السراة، وهي مجموعة تعكس بلغتها ومناخاتها الوضع الشعري في السعودية. مع تجربته الاخيرة، ينتقل الشاعر من قصيدة الوزن الى قصيدة النثر. لكن الانتقال لا يتم قسراً، أو بصورة مفاجئة، اذ نجد له مقدمات جمالية في مجموعته الأولى "أنقاض الغبطة". في "الإخوة ياسين" سادس مجموعات الشاعر العراقي نبيل ياسين وتضم قصيدتين طويلتين، يتجسد انشاد شخصي لمأساة الانسان في اقتلاعه من المكان الأول. الشعر هنا جولة في خراب العالم، حيث لا شيء بعد المكان الأول سوى الانتماء الى "العائلة" في مهبّ يفرط وحدتها ويمزق وجودها بين حقيقة "الاقتلاع والتشتت" أي الغياب، و"حلم" يظلّ عصياً ومؤلماً، فهو ليس إلاّ غياباً آخر. واللغة التي تصوغ هذا الشعر يتنازعها ميلان متناقضان الى التبسيط والتركيب. وهذا التناقض من سمات الشعر الذي ينطلق من السيرة، وتطمح نبرته الى الملحمية باستعاراتها واحالاتها الاسطورية. جاد الحاج أصدر ديوانه "خمسة" دار السراة، وجمع فيه بعد تنقيح واعادة كتابة حصاد عشرين سنة، اضافة الى جزء لم يسبق نشره "شقائق النسيان". وفي تقديم هذا الحصاد اشارة ذات دلالة، الى أن هذه القصائد نقّحت وأعيد كتابة بعضها "سعياً الى غنائية جديدة". وفي مجموعته الثانية التي صدرت قبل شهر، تحت عنوان "كلّ ليلة وضحاياها"، يؤكد الشاعر العماني محمد الحارثي وجوده الشعري وصوته المميز ونزعته الرومانطيكية التي لاتشوبها ميوعة. ويبدو أكثر قدرة على الامساك بخيوط تجربته، ليأتينا صوت شعري عذب من تلك الجهة البعيدة في الخليج. وتحقق لينا الطيبي في مجموعتها الثانية "صورة شخصية" دار السراة، نقلة نوعية في لغتها نحو قصيدة تتسلح بلغة فنية رشيقة. ومن فلسطين عبر الأردن تصلنا المجموعة الشعرية الثانية لزكريا محمد وتحمل عنوان "الجواد يجتاز أسكدار" التي تبدو، لغة ومناخاً وموضوعات، امتداداً لجزء أساسي من مجموعة الأولى "أشغال يدوية" 1991. والشاعر يبدو مهتماً بتكريس لهجته الخفيضة، وميله الى العكوف على حالات حميمة، والتقاط الطفيف والعابر، واستيقاف الهارب. فالشاعر لا يكاد يفارقه الاحساس العميق بغربته الوجودية، يفضحها ذلك الحزن الشجي، في نبرة غنائية خفيفة. وصدرت خلال العام 1994 ستة بواكير لافتة للنظر على الأقل، فيما غابت كالعادة القراءات النقدية التي لا بد أن تحتضنها وترافق ظهورها: "تغيب فأسرج خيل ظنوني" لسعدية مفرح، "قناديل لرصيف أوروبي" لبشير البكر، "ضيوف يثيرون الغبار" لقمان ديركي، "عزلة الأنقاض" لشريف رزق، "بينهما يصدأ الوقت" لشريف الشافعي، "إكتشاف العادي" لعمار مرياش و"ليس للذاكرة روح" لهالا محمد. في مجموعتها تعتمد هالا محمد لغة شاعت منذ مطلع الثمانينات، وتبلورت مع أواسط هذا العقد، لغة تنحت في اليومي موقفاً رومانطيقياً من العالم والأشياء، وبداهات نفس تدهشها أشياؤها. إنه شعر يرغب أساساً في التعامل مع المفارقة، وتخلص معه الشاعرة السورية الشابة الى التعبير عن نفس قلقة تتحدى عالماً يقسو على ما هو طفولي وصاف في الانسان. بينما تتسرب قصيدة الشاعر السعودي أحمد الملا في مجموعته "ظلّ يتقصف" الى مناطق داخلية من النفس، في لغة شفيفة تعكس قلقاً وجودياً. كما تعكس المجموعة موقفاً من اللغة والانسان والوجود يعبر عن نفسه في اختزالات لافتة للحظة الشعورية، وفي اخلاص لا يرغب بما هو أقل من ايصال الومض وتدفيق الشعور من مواضعه العصيّة. فالشعر هنا ليس القصيدة بما هي قوام فني محكم، بمقدار ما هي متن لسرّ يتوارى. وبالتالي فإن اللغة هنا لا يعنيها أن تكون مدهشة، بمقدار ما يعنيها أن تطلق رومانطيقيتها الأسيانة والمشرقة معاً. ولدى شريف رزق من مصر "عزلة الأنقاض"، نجد ذلك الانشغال بالتجريب الذي تشهده مصر ويعبر عنه الولع بقصيدة النثر لدى مجموعة كبيرة من الشعراء الجدد هناك. يسيطر على اللغة نزوعها الشكلاني سعياً الى بناء "النص المغاير" أو "النص المضاد". وتجد قصيدة رزق مرجعيتها في شعر عربي ينتج خارج مصر أكثر مما تجدها في الارث الشعري المصري الحديث. بشير البكر : باكورة متأخّرة أما "قناديل لرصيف أوروبي" فهي باكورة متأخرة لشاعر عرفته سورية في أواخر السبعينات هو بشير البكر. ولا غرو أن تجمع تجربته بين مناخات وأجواء تعبيرية تأسّست عليها القصيدة الجديدة في مراحلها المتأخرة، وبين هموم وسمات المنجز الثمانيني، وذلك عبر مصهر نفس شهدت انكسارات العالم العربي وأحلام نخبته. قصيدة البكر تمتاز بالطول وتستريح الى الاحاطة بما هو أوسع من حياة الشخص وأسئلته الخاصة، لتستلهم الجغرافي والتاريخي في لغة غنية بالمجاز، تنظر الى الانسان بصفته ضحية متجددة الولادة. عند سعدية مفرح أيضاً نقع على تلك المسحة الرومانطيقية، فهي تكتب بلغة تميل الى أن تكون نقية متخففة من الزوائد والحشو اللذين يمكن توقعهما مع كثير من شعر التفعيلة. وموضوعات "تغيب فأسرج خيل ظنوني" تنعقد حول الحب والموت والألم الوجودي. وتكاد مجموعة الشاعر الكردي لقمان ديركي، تكون من بين أفضل بواكير العام المنصرم، مع أن صاحب "ضيوف يثيرون الغبار" لم يتحرر كلياً من أصوات شعرية تأثر بها سليم بركات مثلاً. مناخات شعره حميمية، تضعنا في حضرة الكائن الأعزل المتطلع الى خلاص جمالي بواسطة الشعر، والقادر على توليد السخرية الرقيقة. ليست هذه المراجعة بالطبع أكثر من جولة سريعة على بعض الاصدارات الشعرية التي سمحت ظروف النشر في العالم العربي، وظروف تسويق الكتاب، بوصولها الينا، ولعلها قادرة على اعطاء فكرة - ولو غير نهائية - عن واقع الحركة الشعرية خلال العام الماضي.