في أول قمة عربية - مصغرة - تعقد في قصر المنتزه في الاسكندرية منذ القمة العربية الأولى التي وضعت بروتوكول الاسكندرية عام 1944 عقد الرئيس حسني مبارك وخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز والرئيس حافظ الأسد قمة ثلاثية وصفها مسؤول مصري بأنها تمهد الأرضية وتضع حجر الزاوية لمصالحة عربية شاملة. وكانت مفاجأة نهاية عام 1994 نجاح الرئيس مبارك في عقد هذه القمة، وان كانت توقعاته لعام 1995 أن يكون عام السلام بالوصول الى اتفاق على المسارين السوري واللبناني في محادثات السلام، إلا أنه بدا أن مصر أيضاً تريد أن يكون العام الجديد هو عام المصالحة وتنقية الأجواء وبدء تنسيق عربي. وجاءت القمة المصغرة - التي فرضت مصر عليها تكتماً شديداً - في أجواء اعتبرتها الأوساط المصرية السياسية "سلبية على الصعيدين العربي والاسلامي" بسبب التراخي الدولي تجاه أوضاع المسلمين في البوسنة واستبعاد قرارات دولية مهمة وأساسية لعملية السلام في الشرق الأوسط، من قرارات الجمعية العامة، كقراري الجمعية العامة الرقم 194 الخاص بمشكلة اللاجئين العام الماضي، ومجلس الأمن الرقم 425 الخاص بالانسحاب الاسرائيلي من جنوبلبنان. واستدعت هذه الاجواء كما صرح وزير الاعلام المصري صفوت الشريف، ان يدعو الرئيس المصري الى عقد قمة ربما جاءت ايضا بعد انتقادات أميركية معينة لدولتين عربيتين وطرح اسرائيل مشاريع اقليمية حازت اهتماماً أميركياً أكثر من المشاريع الأخرى ورفضها التصديق على المعاهدة الدولية لمنع الانتشار النووي ولكي تؤكد مصر دورها الاقليمي. ولعل ما يدعم الاعتقاد بالرغبة المصرية في تأكيد هذا المعنى اشارة الدكتور اسامة الباز المستشار السياسي للرئيس المصري الى ان هناك خلافات مصرية - أميركية تتعلق بالأمن القومي ودور مصر الاقليمي، وتشديده على أن مصر "لن تتنازل عن دورها الاقليمي إلا بنقلها من موقعها الجغرافي الى مكان قريب من الولاياتالمتحدة، وليكن البحر الكاريبي!". ثلاث قضايا وخرجت القمة باتفاق وتنسيق حيال عناوين رئيسية يمكن اجمالها في دعم الموقف السوري في عملية السلام، وأسلوب موحد للتعاطي مع اسرائيل سياسياً واقتصادياً، وتفعيل "اعلان دمشق"، وتطوير الجامعة العربية، والعمل على التوصل الى حلول لا تمس سيادة دولة عربية في ما يتعلق بالقضايا المطروحة، خصوصاً أزمة لوكربي، وايجاد رؤية مشتركة حيال التعاطي مع قضية المصالحة العربية على أسس تراعي المصالح العربية، وفي اتجاه نزع أسلحة الدمار الاسرائيلية كشرط من شروط السلام الشامل والعادل والمستقر. الى جانب ذلك فرضت تطورات قضية القدس والأوضاع في الأراضي المحتلة نفسها على القمة لجهة تأكيد ان القدسالشرقية جزء من الأراضي العربية التي احتلت عام 1967. وبدا ان أكثر القضايا إلحاحاً هو تأجيل ما وصفه الرئيس السوري حافظ الاسد ب "الهرولة العربية" نحو اسرائيل حتى لا يحدث ضرر، سواء بالنسبة الى الموقف التفاوضي السوري، أو لقضية القدسالشرقية والجولان "كأراضٍ عربية"، والتمهيد لمصالحة عربية تراعي القرارات الدولية والحالة السياسية في منطقة الخليج. وركزت القمة الثلاثية على ثلاث نقاط، أولها البحث عن آليات وضع أسس لتحقيق المصالحة العربية ولو في حدها الأدنى، والثانية ضرورة اتخاذ مواقف عربية على المستوى السياسي لدعم سورية ولبنان في عملية السلام وتخفيف الضغوط المتزايدة على سورية بسبب سرعة عملية التغلغل الاسرائيلي في المنطقة العربية، اما النقطة الثالثة فتناولت التنسيق المصري - السعودي - السوري لادخال "اعلان دمشق" الذي اقترب من عامه الرابع - من دون تنفيذ - الى مرحلة التطبيق. ولوحظ ان القمة جاءت اثر الاعلان عن تأجيل اجتماع وزراء خارجية "اعلان دمشق" الى شهر شباط فبراير المقبل، وبعد ثلاثة أيام على زيارة رئيس الوزراء الاسرائيلي اسحق رابين لمسقط حيث أجرى محادثات مع السلطان قابوس بن سعيد. وقد تركت هذه الزيارة مخاوف في الأوساط السورية من الذهاب بعيداً في التطبيع الخليجي مع الدولة العبرية، علماً ان المسؤولين العمانيين أكدوا ان لا تبادل ديبلوماسيا مع اسرائيل قبل استكمال التسوية على المسارين السوري واللبناني. ولم تستبعد مصادر سياسية ان تشهد الأيام القليلة المقبلة اتصالات نشطة لعقد قمة عربية على هامش احتفالات الجامعة العربية بالذكرى الخمسين لتأسيسها في آذار مارس المقبل وهي رغبة عبّر عنها الأمين العام للجامعة. فقد بدا طبيعياً دعوة الدكتور عصمت عبدالمجيد الى قمة الاسكندرية، وكان وزير الخارجية المصري الدكتور عمرو موسى قال في تصريحات اتسمت بالعمومية يوم الاثنين الماضي عقب لقاء مفاجئ مع عبدالمجيد أنه بحث معه سبل تفعيل الجامعة العربية، خصوصاً بالنسبة الى تنقية الاجواء بين الدول العربية واصلاح ما يمكن من تداعيات ازمة الخليج الثانية. اما عبدالمجيد فقال ل "الوسط" ان قمة الاسكندرية فاتحة خير لاعادة التضامن العربي وتنقية الاجواء، وأضاف "ان المصالحة تبدأ بأخذ دروس وعبر الماضي وضمان عدم تكرار ما حدث في صيف 1990"، مؤكداً أنه لمس من الزعماء العرب الثلاثة "حرصهم على تفعيل العمل العربي المشترك وان يكون للجامعة دور فعال خلال المرحلة المقبلة لمواجهة التحديات التي تحيط بالعالم العربي". وبالنسبة الى امكان تحقيق المصالحة العربية قال: بعد قمة الاسكندرية اؤكد ان العد التنازلي للخصام العربي بدأ وان البداية كانت في اجتماع وزراء الخارجية العرب المغلق في الدورة 98 لمجلس الجامعة في شهر نيسان ابريل 1992 والتي تم خلالها طرح موضوع المصالحة، معتبراً اجتماع الاسكندرية نقطة تحول في العمل العربي المشترك، ولافتاً الى أن "الدعم المصري والسعودي والسوري للمصالحة العربية من شأنه تفعيلها واتخاذ اجراءات لتنفيذها، خصوصاً ان الأرضية حالياً مهيأة أكثر من أي فترة مضت لاتمام هذه المصالحة، وبعد اعتراف العراق بحدود الكويت وسيادتها على أراضيها". الى ذلك وبمحاذاة تحرك الجامعة العربية يبدو ان التحرك الأساسي سيكون من جانب وزراء خارجية الدول الثلاث مصر وسورية والسعودية احياء للجنة الثلاثية المشتركة التي كانت تشكلت في مطلع عام 1990 للتنسيق وتوقفت مع تداعيات الغزو العراقي للكويت. وكشفت المصادر المصرية ان القمة تم التحضير لها في أواخر شهر تشرين الثاني نوفمبر الماضي، عندما قام وزير الخارجية المصري عمرو موسى بنقل رسالة، خلال زيارة مفاجئة للسعودية، من الرئيس مبارك الى الملك فهد وما أعقب ذلك من اتصالات ثلاثية مصرية - سعودية - سورية. تحرك للجامعة ويتوقع ان يبدأ الدكتور عبدالمجيد تحركاً عربياً يستند الى تكليفات قمة الاسكندرية خصوصا بالنسبة الى تفعيل دور الجامعة بعد تأكيد ضرورة الابقاء على الجامعة العربية كتجمع عربي هو الوحيد الذي له صفة التجانس. وتهدف تحركات عبدالمجيد واتصالاته الى الحصول على غالبية عربية لتعديل ميثاق الجامعة من خلال اضافة ملاحق جديدة، خصوصاً بالنسبة الى قاعدة التصويت والاكتفاء بالغالبية بدلاً من الاجماع كما ينص الميثاق. وعلى الصعيد السياسي علمت "الوسط" ان الجامعة العربية ستوجه دعوات الى وزراء الخارجية أو من يمثلهم لعقد اجتماع تنسيقي للخروج بموقف عربي موحد من التوقيع على أسلحة الدمار الشامل والاصرار على رفض التوقيع على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية في نيسان ابريل المقبل من دون انضمام اسرائيل اليها. وفي هذا السياق أيضاً وبعد رفض الدول الغربية الثلاث المعنية بأزمة لوكربي للمقترحات العربية والليبية لايجاد حل، تتجه تحركات الجامعة بدعم من الدول الثلاث الى اجراء اتصالات جديدة مع الولاياتالمتحدة وفرنسا وبريطانيا لحثها على قبول محاكمة الليبيين المشتبه فيهما في جهة ثالثة بخلاف الولاياتالمتحدة واسكتلندا والعمل على انهاء الحظر المفروض على ليبيا، والقاعدة الأساسية التي سيكون عليها التحرك. وعلى الصعيد نفسه قالت المصادر ان هناك شبه اتفاق بين وزراء خارجية مصر والسعودية وسورية على أن الدخول في مشاريع أو أي تعاون اقليمي مرهون بالتوصل الى اتفاقات على المسار الثنائي لمحادثات السلام العربية - الاسرائيلية، لأنه من غير المعقول الدخول في مراحل التعاون في الوقت الذي لا زالت فيه اسرائيل تحتل الجولان السورية والجنوباللبناني وتماطل في تنفيذ اعلان المبادئ على المسار الفلسطيني. ومن بين الأمور التي سيتولاها الأمين العام للجامعة العربية خلال الفترة المقبلة تنشيط القناة العراقية - العربية من خلال حث العراق على اطلاق سراح الأسرى الكويتيين والتعاون في هذا الموضوع لاغلاق هذا الملف، خصوصاً ان العراق اعترف باستقلال الكويت وقرار الأممالمتحدة لترسيم الحدود. ويمكن القول، كما ذكرت المصادر، ان اجتماع القمة الثلاثية سيمهد أرضية مناسبة لتفعيل "اعلان دمشق"، وان يكون اجتماع وزراء خارجية الاعلان في الشهر المقبل هو نقطة انطلاق لتنفيذه. رابين في مسقط وكانت زيارة رئيس الوزراء الاسرائيلي لسلطنة عُمان يوم الاثنين الماضي فاجأت الرسميين في منطقة الخليج قبل الصحافيين والمراقبين. لكنها لم تفاجئ بعض المصادر العليمة في مسقط التي اعتبرت الأمر متفقاً مع تأييد عُمان التقليدي والقديم لحل سلمي للصراع العربي - الاسرائيلي والذي جعلها تنفرد قبل أكثر من عقد ونصف عقد ب "مفاجأة معروفة" وهي مخالفة المقاطعة العربية لمصر بعد اتفاقات كامب دايفيد، واستمرارها على علاقاتها الطبيعية مع القاهرة. واعتبرت هذه المصادر ان اشارة السلطان قابوس بن سعيد في خطابه السنوي قبل حوالى شهر ونصف شهر تقريباً الى "ان اسرائيل باتت مطالبة الآن أكثر من أي وقت مضى باتخاذ خطوات على المسارين السوري واللبناني" اشارة ذات مغزى كانت تمهد لاستقبال رابين للمرة الأولى في بلد عربي في الخليج، منذ انشاء الدولة العبرية عام 1948، لحثه على اتخاذ هذه الخطوات بالفعل وتشجيعه على المضي فيها. وعلى رغم الانتقادات التي تلقتها الخطوة العُمانية من ايران وبعض المنظمات الفلسطينية المعارضة، فإن المصادر المذكورة اعتبرت ان الخطوة تأتي في "السياق الخليجي" تجاه عملية السلام الذي يؤيد التسوية السلمية على أساس مقررات مدريد تأييداً مطلقاً بكل ما تمخضت عنه من اتفاقات اتفاق أوسلو الاسرائيلي - الفلسطيني والمعاهدة الأردنية - الاسرائيلية ويؤيد تطوراً تدريجياً نحو اقامة علاقات طبيعية مع اسرائيل تتزامن مع التوصل الى سلام على كل المسارات. ولكنها استبعدت ان تكون عُمان عرضت رسمياً موضوع زيارة رابين على القمة الخليجية التي عقدت في المنامة الاسبوع قبل الماضي في ظل "التوافق الضمني" بين دول مجلس التعاون على استقلالية السياسة الخارجية لكل دولة منها على حدة في اطار المواقف الجماعية العامة، وهي الاستقلالية التي سمحت لعُمان وغيرها من دول المجلس باتخاذ مبادرات ذاتية في مناسبات ومواقف مختلفة والتي تفسر الى حد بعيد "التباين" الذي يظهر أحياناً في ردود فعل دول المجلس إزاء بعض الأحداث أو الأزمات الاقليمية أو العربية. وإذا كانت استضافة رابين هي "مبادرة عُمانية" في الأساس فإن نتائجها قد لا تقتصر على عُمان وحدها فهي - على حد قول ديبلوماسي غربي - كسرت "الحاجز النفسي" الكبير الذي كان يحول في السابق دون تصور وجود أكبر مسؤول اسرائيلي في دول الخليج وجعلت من امكان تبادل الزيارات العلنية بين الرسميين الاسرائيليين والرسميين من دول خليجية أخرى أقل صعوبة. بل ان احتمالات ترتيب دول أخرى في مجلس التعاون أجرت من قبل محادثات مباشرة مع اسرائيل لزيارة مماثلة لرابين نفسه لم تعد مستبعدة، خصوصاً بعد قرار دول المجلس هذا العام رفع المقاطعة الاقتصادية على اسرائيل من الدرجتين الثانية والثالثة واستضافة بعض عواصمها وفوداً اسرائيلية رسمية ضمن اجتماعات مجموعات العمل المتعددة الأطراف التابعة لمؤتمر سلام الشرق الأوسط. ومع وجود مؤشرات الى أن زيارة رابين كانت فرصة للبحث في قضايا العلاقات الثنائية مع دول الخليج ديبلوماسياً واقتصادياً فإن الأثر المتوقع هو جعل حركة بعض بلدان الخليج تجاه اقامة صورة من صور العلاقات الديبلوماسية والتطبيع مع اسرائيل أكثر سرعة مما كان متوقعاً. على أن هذه السرعة المتوقعة لا تعني ان هذه العلاقات، سواء كانت على "مكاتب اتصال" أو غيره، أصبحت وشيكة أو مسألة أيام كما أشارت مصادر اسرائيلية، ذلك ان المصادر في مسقط تؤكد أن هذه الخطوة لا تزال مرتبطة بشكل من الأشكال بحدوث تقدم أو على الأقل الثقة بامكان حدوث تقدم في مسار السلام السوري واللبناني. ويبدو أن هذا المسار على وجه التحديد هو الذي استحوذ على معظم الوقت القصير الذي استغرقته زيارة رابين ومحادثاته مع السلطان قابوس خصوصاً ان هدف الزيارة كما اعلنت عُمان عنه هو تحريك عملية السلام العربية - الاسرائيلية. وعلى رغم انه ليس واضحاً القدر الذي يمكن أن تذهب اليه مسقط للاضطلاع بدور مباشر وعملي في عملية السلام إلا أنه من الواضح أن المغزى الرمزي أو السياسي من استقبال رابين في مسقط قد يكون سبباً وهدفاً كافيين للعُمانيين لاتمامها على هذا النحو غير المتوقع. وعبر عن هذا المغزى جزئياً ما اسماه رابين بعد عودته من مسقط بأن هذه الزيارة "تشجع على الاستمرار في العملية السلمية ومفاوضات السلام التي يجب أن تقود الى سلام شامل" ويبدو أن عُمان أرادت اعطاء لفتة تشجيع لاسرائيل للمضي في المفاوضات واستكمال المسارات المتبقية من خلال توجيه دعوة لرابين لزيارتها، ما يمثل رسالة مفادها ان كل تقدم سيتحقق في المسار السياسي للمفاوضات خصوصاً في الجولان وجنوبلبنان ستقابله خطوة في اتجاه التطبيع مع اسرائيل من قبل الدول العربية. ويتوقف الأثر المتوقع للمبادرة العُمانية على استعداد اسرائيل لتقديم تنازلات في الأرض في مقابل الحصول على العلاقات الطبيعية والفرص الاقتصادية مع الدول العربية خصوصاً دول الخليج الغنية، وأيضاً على رد الفعل السوري الحقيقي عليها. نص البيان الختامي للقمة الثلاثية "تلبية لدعوة كريمة من فخامة الرئيس محمد حسني مبارك رئيس جمهورية مصر العربية الى خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية، وفخامة الرئيس حافظ الاسد رئيس الجمهورية العربية السورية، فقد عقد القادة الثلاثة اجتماعات بمدينة الاسكندرية يومي 25 - 26 رجب 1415 ه الموافق 28 - 29 ديسمبر كانون الاول 1994 م. وجريا على نهج التعاون والتشاور في ما بين الدول الثلاث فقد عرض القادة في جو من الاخوة والثقة المتبادلة العلاقات المتميزة بينها في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، واكدوا عزمهم على تطويرها وتعزيزها في اطار من التعاون الاقتصادي القائم على توسيع التعاون المثمر وتوثيقه بين دولهم في مجالات التجارة والاستثمار والتنمية، وبما يخدم المصالح المشتركة ويحقق الخير للامة العربية. ان الدول الثلاث جزء من الوطن العربي الكبير، تضطلع بدور اساسي مؤثر في الحفاظ على مصالحه الحيوية وتتفاعل بما يجري حولها في الساحة العربية، ولذا فقد اتفقت رؤية القادة الثلاثة على تعزيز الدور الذي تنهض به جامعة الدول العربية ومؤسساتها لتبقى المنظمة العربية الام التي تصب فيها كل روافد العمل العربي توافقا مع الاغراض السامية التي تضمنها ميثاق الجامعة. ان مصلحتنا المشتركة والتطورات الاقتصادية العالمية تتطلب تجميع قدرات امتنا العربية في اطار اقتصادي عربي قوي قادر على خدمة المصالح العربية. ولما كان التعاون بين الدول الثلاث يشكل ركيزة اساسية للعمل العربي المشترك، فقد عقد القادة المجتمعون العزم على مضاعفة جهود دولهم في اطار تنفيذ وتطوير الاتفاقات العربية القائمة وعلى تعزيز مسيرة العمل الاقتصادي العربي المشترك واعطاء الفعاليات الاقتصادية دورها الرائد في خدمة هذه الاهداف. ان قدرة الامة العربية على تعزيز التضامن والعمل العربي المشترك وتقوية دورها ومشاركتها على النطاق الدولي تتطلب مضاعفة جهود الدول العربية المعنية لحل مشاكلها الثنائية بالوسائل السلمية، وفي هذا السياق، اعرب القادة عن ثقتهم الراسخة بأن هذه المشاكل مهما بدت شائكة ومعقدة لن تستعصي على الحل بمجرد ان تصفو النيات وتسود روح الاخاء. ومن ناحية اخرى، فان اصلاح الخلل الناجم عن غزو العراق للكويت يتطلب تأكيد الدول العربية احترامها الشرعية العربية والدولية والتزامها التزاماً جاداً ومخلصاً ميثاق جامعة الدول العربية ومعاهدة الدفاع المشترك. ودعا قادة الدول الثلاث العراق الى استكمال الخطوة التي اتخذها باعترافه باستقلال الكويت وحدودها، وذلك بالالتزام الكامل بجميع قرارات مجلس الامن ذات الصلة، حتى يتسنى رفع المعاناة عن الشعب العراقي الشقيق وتوفير المناخ الملائم لتعزيز الامن والاستقرار في العالم العربي. وانطلاقاً من حرص الدول الثلاث على تحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة كخيار استراتيجي وما قامت به من جانبها من جهود صادقة لازالة العقبات التي تعترض مسيرة السلام، فقد أكد القادة ان هذا السلام يجب ان يبنى على قرارات مجلس الامن 242 و338 و425 ومبدأ الارض في مقابل السلام، وفي هذا الاطار قدر القادة عالياً موقف سورية وجهودهاالجادة لانجاح عملية السلام، واكدوا دعمهم الثابت مطالب سورية العادلة. كما اكد القادة مطالبتهم بانسحاب اسرائيل الكامل من الجولان الى خط الرابع من حزيران يونيو 1967 وجنوبلبنان والاراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس العربية، ومساندة الشعب الفلسطيني في ممارسته لحقه المشروع في تقرير المصير. وتدعو الدول الثلاث المجتمع الدولي وراعيي عملية السلام خصوصا إلى العمل الدؤوب لازالة الفجوات والعقبات التي يصطنعها الجانب الاسرائيلي في طريق عملية السلام، وفي هذا الاطار يجدد القادة الثلاثة مطالبتهم بانشاء منطقة خالية من اسلحة الدمار الشامل في الشرق الاوسط وفي مقدمها الاسلحة النووية. واذ يتطلع القادة الى لقائهم القادم لمواصلة مسيرة التنسيق السياسي والتعاون بين دولهم الثلاث، فإنهم يعبرون عن شكرهم العميق لفخامة الرئيس محمد حسني مبارك رئيس جمهورية مصر العربية على كرم الضيافة وحسن الوفادة.