يتفق خبراء المال والاقتصاد على ان الموازنة السعودية الجديدة لعام 1994 والتي بلغت 160 مليار ريال سعودي 7،42 مليار دولار تمكنت من مواجهة انخفاض عائدات النفط من خلال عاملين اساسيين هما: تخفيض النفقات العامة بنسبة 20 في المئة، وزيادة تنشيط القطاع الخاص ليأخذ دوره في التنمية الشاملة على رغم الحذر الذي يجعل رأس المال جباناً، ولكن بوجود الضمانات والتسهيلات والسوق المفتوحة. والثقة التي اعطت البلاد دوراً فاعلاً على مستوى الاقتصاد العالمي كانت سبباً في استقطاب الرساميل الوطنية، والمشاركة الخارجية في مختلف النشاطات. ولعل الدليل على ردود الفعل الايجابية لأسواق المال انخفاض اسعار الفائدة وتحرك الريال الى اعلى فور اعلان الموازنة على رغم ان تفاصيلها ظلت غير واضحة، خصوصاً على صعيد حجم العائدات المتوقع لهذا العام. واذا كان المدخول النفطي يمثل بصفة عامة 75 في المئة من اجمالي الايرادات، فان التوقعات تشير الى ان العائدات ستكون في حدود 155 مليار ريال سعودي. ووضعت مساندة الملك فهد للريال حداً للتكهنات التي صدرت العام الماضي ومفادها انه سيتعين تخفيض قيمة الريال لزيادة الايرادات المحلية. وكان الملك فهد قال في خطابه الذي القاه اثناء ترؤسه جلسة مجلس الوزراء المخصصة للموازنة في الأول من كانون الثاني يناير، الجاري: "المهم لدينا هو ان نحافظ على قوة اقتصادنا في حدود الامكانات المالية المتوافرة وهو ما تقتضيه الحكمة وسداد الرأي، ومن ذلك المحافظة على قيمة الريال السعودي كما هي دون تعديل، وهو ما اود التأكيد عليه". وتنص الموازنة السعودية على مصروفات قدرت ب 160 مليار ريال، أي بأقل 20 في المئة عن موازنة العام الفائت التي بلغت 196 ملياراً و950 مليون ريال بسبب انخفاض العائد النفطي، وهو الأمر الذي أشار اليه الملك فهد، الا أنه لم يخف تفاؤله بامكان ارتفاع أسعار النفط في المستقبل القريب اذا ما تعاونت جميع الدول المنتجة للبترول تعاوناً مخلصاً. وفي رأي المحللين الاقتصاديين أنه على رغم انخفاض أسعار النفط، وبالتالي استمرار العجز، "وهو أمر لا نخفيه.. ولا نخجل منه" - على حد تعبير خبير اقتصادي سعودي - فإن الاتجاه الرسمي السعودي يسعى نحو تخفيض حجم العجز للوصول الى دعم الريال وبالتالي افساح المجال أمام مؤسسات الاقراض الخاصة لدعم القطاع المحلي مع ملاحظة استمرار نمو الناتج الوطني فضلاً عن استمرار القطاع الخاص في توسعه وبنسبة 5.1 في المئة "الأمر الذي يشير الى قدرته الاستيعابية المتنامية" ولخص نائب وزير المال السعودي الدكتور صالح العمير ل "الوسط" رؤيته لموازنة بلاده بالقول: "ان التكيف مع المتغيرات في السوق النفطية قريب" مؤكداً ان الموازنة "راعت الاستمرارية في المشاريع السابقة وهناك مرونة في النظام بحيث تسمح باجراء أية تعديلات للتغلب على أية نتائج".