الكرة الآن في ملعب ايران للحؤول دون التصعيد في قضية الجزر الاماراتية الثلاث التي تحتلها ومنع وصولها الى الأممالمتحدة، مع ما يعني ذلك من توتر بين البلدين ينعكس حتماً توتراً في العلاقات بين الجمهورية الاسلامية وجيرانها دول مجلس التعاون الخليجي التطور الأخير في هذه القضية التي نشأت في نيسان ابريل 1992 اثر الغاء ايران من جانب واحد مذكرة التفاهم بينها وبين الامارات في شأن جزيرة أبو موسى، كان الغاء الشيخ حمدان بن زايد بن سلطان آل نهيان وزير الدولة الاماراتي للشؤون الخارجية زيارته المقررة لطهران الاسبوع الماضي، بعدما استبق مسؤول ايراني هذه الزيارة بتصريحات أكد فيها ان جزر أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى هي جزر "ايرانية وستبقى ايرانية". وكان هذا الموقف اشارة واضحة الى تمسك طهران بموقفها والى ان النتائج باتت معروفة سلفاً، ما دفع أبو ظبي الى اعلان الغاء زيارة الشيخ حمدان المكلف متابعة ملف الأزمة. وأكد مصدر مسؤول في وزارة الخارجية الاماراتية ان قرار الغاء الزيارة يعود الى سببين رئيسيين أولهما عدم قبول ايران باصدار بيان يشير الى أن الزيارة تهدف الى البحث في الخلاف على الجزر، وثانيهما التصريح الذي أدلى به الناطق باسم وزارة الخارجية الايرانية في السابع من ايلول سبتمبر الجاري وأكد فيه تبعية الجزر لايران. وقال المصدر: "على رغم حرص دولة الامارات على اجراء حوار مباشر مع الجمهورية الاسلامية الايرانية في شأن الخلاف على الجزر الثلاث إلا أن الزيارة أصبحت بلا جدوى ولا تخدم الأهداف المرجوة منها وان نتائجها باتت معروفة سلفاً لأن هذين المؤشرين أكدا بوضوح عدم رغبة الجانب الايراني في التجاوب مع هذا الحرص، ومع البيان الصادر عن المجلس الوزاري لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في السادس من ايلول". وقد أكدت دول مجلس التعاون في هذا البيان دعم المجلس ومساندة دولة الامارات العربية المتحدة وتأكيد سيادتها على جزرها الثلاث أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى، وتأييده كل الاجراءات والوسائل السلمية التي تتخذها لاستعادة سيادتها على جزرها معرباً عن الأمل أن يفضي الحوار بين الاماراتوايران الى إزالة كل المسائل العالقة بينهما. وفي تطور مفاجئ اعتبرته الأوساط الديبلوماسية في الخليج "تعقيداً لأزمة الجزر وزعزعة للاستقرار في المنطقة"، رفضت ايران الدعم الخليجي للامارات وأكد ناطق باسم وزارة خارجيتها ان ايران "لن تسمح لأي بلد بأن يهدد استقرار المنطقة وأمنها بسبب بعض الألعاب السياسية"! عدم التزام ايران وأدت تصريحات المسؤول الايراني الى نسف جميع الجهود السلمية التي كانت تبذل للتوصل الى تسوية للمشاكل "العالقة" بين الاماراتوايران، والعودة بالأزمة الى نقطة البداية. ولاحظ بيان المصدر المسؤول في الخارجية الاماراتية ان التصريحات الايرانية كشفت عدم التزام طهران اجراء تسوية بالطرق الديبلوماسية والسياسية لهذه الأزمة. وأفادت مصادر ديبلوماسية ان الامارات أجرت اتصالات ومشاورات مع دول مجلس التعاون وعدد من الدول العربية والدول الصديقة قبل اتخاذها قراراً بالغاء زيارة الشيخ حمدان لطهران. وتوقعت مصادر ديبلوماسية ان تقوم الامارات اثر قرارها بالغاء هذه الزيارة بتجديد تحركها على المستوى السياسي والديبلوماسي وعلى الصعيد الخليجي والعربي والدولي لاستعادة سيادتها الكاملة على الجزر الثلاث، تمهيداً لاثارة هذه المسألة أمام الأممالمتحدة ومجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية، اذا ظلت ايران على موقفها ورفضها التوصل الى تسوية سلمية للأزمة. بعد هذا التطور أذيع في طهران ان الرئيس هاشمي رفسنجاني استقبل يوم الاثنين 13 ايلول سفيره الى الامارات حجة الاسلام امينيان وقال أمامه ان ايران مهتمة جداً بتطوير علاقاتها مع كل دول الخليج العربية، وأوصاه ببذل "جهود استثنائية لتحسين علاقات ايران مع دولة الامارات العربية المتحدة". وأكد "ان السياسة الخارجية الايرانية تجاه جاراتها الخليجيات تقوم على أساس الأصول الاسلامية والتعاون والاحترام المتبادل"! الشيخ حمدان ... ولكن لم ترد من طهران أية اشارة الى استعدادها للبحث مع الوزير الاماراتي في قضية الجزر، ما يجعل توجهه اليها بلا معنى له وبلا هدف. وسألت "الوسط" الشيخ حمدان بن زايد هل يعتبر، بعد الغاء زيارته لايران، ان فرص التوصل الى حل لمشكلة الجزر الثلاث عبر المفاوضات المباشرة مع طهران بات مستحيلاً، وما هي الخطوات التي ستتخذها دولة الامارات في المستقبل القريب، وهل تنوي اللجوء الى محكمة العدل الدولية أو الأممالمتحدة؟ فأجاب: "لقد أعربت دولة الامارات العربية المتحدة في أكثر من مناسبة عن رغبتها في اجراء مفاوضات مباشرة مع الجمهورية الاسلامية الايرانية للبحث في الخلاف القائم بيننا على الجزر الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى. واننا نعتبر ان المفاوضات المقترحة تنحصر بالبحث في هذا الخلاف فقط. هذا هو موقفنا. وان باب المفاوضات هو الآن عند ايران، فنحن من جهتنا ننطلق من أننا دولة مسلمة وجارة لايران ولا نرى حاجة الى تدخل طرف ثالث بيننا. القضية بيننا وبين جارتنا ايران، فاذا استجابت لهذه الرغبة، فاننا مستعدون لزيارة طهران والبحث في قضية الجزر الثلاث، والا فانه لا سبيل أمامنا سوى الذهاب الى الأممالمتحدة وغيرها". وسألته "الوسط" هل زادت مخاوف الدول العربية الخليجية من برنامج التسلح الايراني من صعوبة التوصل الى تسوية مع طهران في شأن الجزر وكيف تنظرون الى هذه المسألة؟ فأجاب: "ان من حق أية دولة أن تتخذ ما تراه مناسباً للحفاظ على أمنها وسيادتها. ونعتبر ان ما يتم في هذا المجال هو شأن داخلي ولا اعتراض عليه".