ستحتاج الدول الاعضاء في منظمة "اوبيك" الى ما لا يقل عن 66 مليار دولار لانفاقها على مشاريع البحث والتنقيب عن النفط في السنوات الست المقبلة، لرفع مستوى الانتاج الى 39 مليون برميل يومياً. وهو المستوى التي تحتاجه السوق النفطية العالمية في العام 2000. ومن المقرر ان تتوزع النفقات على الدول الاعضاء في "اوبيك" بمستويات مختلفة، حسب الامكانات المتوافرة في كل بلد منتج على حده. ومن الطبيعي ان تستأثر دول الشرق الاوسط بحصة الاسد من هذه النفقات الضخمة، خصوصا على ضوء الخطط الطموحة التي قررتها دول نفطية رئيسية مثل السعودية والكويتوايرانوالامارات، وحتى العراق الذي يتمتع باحتياط نفطي كبير، لكن من غير المتوقع الافادة منه في الوقت الحاضر بسبب الحظر الدولي على الصادرات النفطية العراقية، وحاجة قطاع النفط العراقي الى استثمارات قد لا تقل قيمتها عن 15 مليار دولار للعودة الى مستوى الانتاج الذي كان قائماً قبل العام 1990. الا ان بلدانا اخرى اعضاء في "اوبيك"، مثل فنزويلاواندونيسياونيجيريا، وحتى ليبيا والجزائر، ستكون مضطرة لانفاق استثمارات ضخمة لزيادة انتاجها، ان لم يكن للمحافظة على المستويات الحالية للانتاج. وطرح الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للنفط الدكتور سوبروتو، في اطار المؤتمر الثالث لمركز دراسات الطاقة الدولية في لندن اخيراً، ضرورة حصول الدول المنتجة للنفط على ضمانات لاستثماراتها الجديدة، في اشارة مباشرة الى الانعكاسات السلبية والخسائر التي ستؤدي اليها ضريبة الطاقة، التي تستعد دول السوق الاوروبية المشتركة والولاياتالمتحدة ودول صناعية أخرى، لفرضها على استهلاكها من النفط، لاعتبارات يقول اصحاب الضريبة الجديدة انها تتعلق بالبيئة وتشجيع استخدامات المصادر الاخرى للطاقة، خصوصاً الغاز والطاقة الشمسية. وفي الواقع، تقول دراسات اعدتها "اوبيك" وتتوافق مع دراسات اعدتها مراكز متخصصة بابحاث الطاقة، ان المشكلة التي تواجهها الدول المنتجة ستكون من الملاءمة بين اكلاف الاستثمار للمحافظة على مستويات معينة للانتاج والعائدات التي يمكن ان تحصل عليها هذه الدول. ويقول توما س ستوفر استاذ الطاقة في جامعة جون هوبكنز الاميركية ان المشكلة الاهم التي يواجهها بعض البلدان المنتجة للنفط هي في ارتفاع اكلاف الانتاج الى الحد الذي من شأنه ان يجعل اي انخفاض كبير في اسعار النفط العالمية كابوسا مزعجا لهذه البلدان. وطبقا لمعادلات معروضة في عالم النفط، فانه كلما زاد انتاج البئر النفطية، كلما كانت كلفة الانتاج ارخص ، واستنادا الى دراسات اعدها مركز دراسات الطاقة في لندن ، فان غالبية دول "اوبيك" تعاني ، بنسبة او بأخرى، من ضعف الانتاج في آبارها ، الامر الذي يجعل الكلفة اكثر عبئا على العائدات. وباستثناء اربعة بلدان يطلق عليها عادة اسم الاربعة الكبار، وهي السعودية وايرانوالعراقوالكويت، فإن معدل انتاج البئر الواحدة في معظم البلدان الاعضاء في "اوبيك" تقل عن 3 آلاف برميل يومياً ويمكن ان تصل الى اقل من 200 برميل في اليوم في بلدان مثل اندونيسياوفنزويلا، وهي اقل من 400 برميل في كل من الغابون والجزائر وأقل من الف برميل في ثلاثة بلدان اخرى مثل نيجيريا وليبيا والاكوادور. وثمة مشكلة اخرى تعاني منها بعض دول "اوبيك" هي ان قسماً كبيراً من آبارها موجود في المياه الاقليمية، حيث تكون الاكلاف عادة اعلى مثل الغابونونيجيريا، كما ان تكاليف النفط الثقيل ذي النوعية الرديئة الذي تنتجه دولة مثل فنزويللا مرتفعة قياساً الى اسعار بيعه المتدنية. وطبقاً للدراسات التي اعدها مركز دراسات الطاقة في لندن، فإن السعودية تحتل المرتبة الأولى عالمياً من حيث انتاجية آبارها، اذ يزيد متوسط انتاج البئر الواحدة عن 11 ألف برميل يومياً. فيما هو في ايران التي تحتل المرتبة الثانية حوالي 9.6 الف برميل، و7.5 الف برميل في العراق و4 آلاف في الكويت التي ربما احتاجت الى فترة زمنية اطول لاستعادة انتاجية آبارها بعد الدمار الذي اصابها اثناء الغزو العراقي للبلاد. وكانت دولة الامارات التي يصل متوسط انتاج البئر الواحدة فيها الى حوالي الف برميل يومياً، اضطرت الى تحمل تكاليف تطوير حقل زاكوم الاعلى بعدما تحفظت الشركات النفطية الاجنبية علي الاستثمار فيه نظرا الى معدلات الانتاج المتدنية التي تقل عن الف برميل يومياً للبئر الواحد. ومع ذلك، فإن كلفة الانتاج في البلدان الاعضاء في "اوبيك" ما زالت اقل بكثير من كلفة الانتاج في البلدان النفطية الاخرى، باستثناء روسيا، نظرا الى تدني القدرات الانتاجية للآبار في هذه الدول، اذ يقدر معدل انتاج البئر الواحد في الولاياتالمتحدة ب20 برميلاً في اليوم، في حين يصل الى 3 آلاف برميل في آبار بحر الشمال، لكن مشكلة هذه الابار ان معظمها موجد في مياه عميقة. وبحسب الدكتور سوبراتو، فإن كلفة الانتاج في بلدان "اوبيك" لا زالت ادنى بكثير مما هي عليه في دول اخرى، الا ان المشكلة التي تواجهها هذه البلدان هي ان الاستمرار عند معدلات معينة للانتاج يعني انها ستحتاج الى استثمارات ضخمة ، وبالتالي الى عائدات تغطي الاكلاف وتوفر ارباحا مقنعة للمنتجين. وبحسب تقديرات "اوبيك" ، فان اي ضغط على الاسعار سيحد كثيرا من اماكانات الانفاق. ويجعل البلدان المنتجة اكثر تردداً في تنفيذ مشاريع التطوير لديها، وهذه هي الرسالة التي تحاول المنظمة ايصالها الى البلدان المستهلكة، خصوصاً البلدان التي تسعى الى زيادة معدلات الضرائب.