مدينة قم الايرانية تغلي هذه الأيام وتشهد جدلاً عنيفاً، لسببين رئيسيين: الأول ان انتقادات لاذعة وجهها الى الحوزة ورجال الدين مَنْ عدّه مرشد الثورة خامنئي في آخر خطاب له يوم الاحد 14 شباط فبراير الجاري "معادياً للعلماء والروحانية"، ويدور حالياً بحث لا ينتهي داخل الحوزة حول علاقة الجامعة الدينية بالنظام. والثاني أن خليفة الخميني السابق ونائبه المعزول آية الله منتظري تعرض الى "الثورة والسلطة" وانتقد المسؤولين في الحكومة ووصفهم بأنهم ادعياء لا تهمهم مصلحة النظام والثورة. وقال منتظري في درس "الخارج" وهو اعلى مستويات الدرجات العلمية في الحوزة انه كان ينتقد تصرفات المسؤولين الحكوميين ويعرض آراءه النقدية على الخميني ولم يفعل ذلك من تلقاء نفسه بل كان، كما يقول، يبعث الى الخميني بالرسائل حول تصرفات المسؤولين لأن غيره من كبار العلماء في قم، ومنهم آية الله علي مشكيني إمام الجمعة ورئيس مجلس الخبراء المسؤول عن تعيين القائد، كانوا يتوسطونه في ذلك - ويضيف منتظري انه وبعد ان بعث الى الخميني برسائله النقدية، تعرض للهجوم من اولئك الاشخاص الذين الحوا عليه للكتابة الى الخميني. ووصف منتظري نفسه "بالأم الحقيقية للثورة" والآخرين في النظام بأنهم يقومون بدور "المرضعة التي تدعي الامومة" وانه فضل الانسحاب والصمت حرصاً على الثورة ولم يقل انه عزل، كما اعتبر ما فعله معه مشكيني والآخرون مؤامرة استهدفت اقصاءه. وفي اعقاب حديث منتظري الذي القاه يوم 10 شباط فبراير الجاري عشية الاحتفال بعيد الثورة، خرجت في قم تظاهرات على مدى يومين كاملين توجهت الى منزله وأعربت عن استيائها من منتظري الذي تتوقع بعض الاوساط ان يصار الى محاكمته في محكمة رجال الدين الخاصة اذا واصل توجيه الانتقادات التي وصفتها احدى الصحف الموالية للنظام بالاعمال التي تضر بالنظام والثورة. ولا يحظى منتظري بتأييد كبير لدى العلماء ومدرسي الحوزة في قم حيث تتهمه بعض الاوساط المقربة من المرجعية بالانحراف المذهبي، فيما سيواجه - اذا قدم للمحاكمة - تهماً تتعلق بايوائه "أعداء النظام"، من امثال مهدي الهاشمي المسؤول السابق عن مكتب حركات التحرر والذي اعدمته السلطات الايرانية لارتكابه جرائم قتل ومحاولاته المتكررة تنفيذ عمليات تخريب في الدول المجاورة لايران. وقد هددت صحيفة جمهوري اسلامي يوم 15 شباط فبراير الجاري منتظري بنشر رسالة كان بعثها له الخميني قبل عزله من منصب الخلافة. وتعتقد الاوساط المطلعة ان منتظري وجماعته سيواجهون موقفاً صعباً من الجماهير وآيات الله في قم اذا تم نشر فحوى رسالة الخميني له. ونقلت المعلومات ان خمسة على الاقل من انصار منتظري اعتقلوا في قم.