"مفكر" رودان يسافر إلى الصين غادر تمثال "المفكّر" مؤخراً حدائق "متحف اللوفر" في باريس، في رحلة طويلة ستحمله الى بكينفشنغهاي وصولاً الى هونكنغ. رُفع "المفكر"، وهو أحد أشهر تماثيل النحات الفرنسي أوغوست رودان، عن قاعدته، ليستقر في صندوق خشبيّ أعد خصيصاً للمناسبة، وذلك تحت أنظار جمهور فضولي، حالفه الحظ بمشاهدة تلك اللحظة النادرة. فالتمثال، الذي يبلغ وزنه 705 كيلوغرامات وارتفاعه 1.82 متر، يغادر فرنسا للمرّة الاولى، ومن المصادفات الطريفة أن تكون وجهته الصين. تشترك هذه التحفة الفنيّة في معرض استعادي ضخم تخصّ به بكين، النحّات أوغوست رودان 1840 - 1917، إبتداء من 15 شباط فبراير الحالي. ويعرض "المفكر" في الهواء الطلق، أمام "قصر الفنون الجميلة" الذي يستضيف 113 عملاً فنيّاً لرودان، بينها منحوتات "القبلة" و"حوّاء" و"بلزاك"، إضافة إلى مجموعة من الرسوم والصور الفوتوغرافيّة. ومن المقرّر أن ينتقل المعرض يوم 14 آذار مارس القادم إلى "مركز المعارض" في مدينة شنغهاي، على أن تكون هونكنغ محطته الاخيرة، حيث يستضيفه متحف "تايبيه فاين آرت ميوزيوم" بين 13 حزيران يونيو و18 تمّوز يوليو من العام الحالي. وتجدر الإشارة إلى أن تمثال "المفكر" قد أوحى الى الكاتب والرسّام اللبناني جبران خليل جبران، الذي تأثر برودان، بإحدى لوحاته المعروفة وتمثل رجلاً ملتحياً يتأمّل أمام كرة من الكريستال. أنقذوا متاحف وآثار لبنان ! مع عودة الحياة تدريجيّاً الى بيروت، يكثر الكلام عن مشاريع الإحياء والتنشيط وإعادة البناء. ولعل الإلتفات الى المتحف الوطني، وسائر المتاحف والآثار اللبنانية المتروكة أو المتضرّرة أو المهملة بفعل سنوات الحرب الطويلة، يدخل في صلب عملية الانبعاث التي ينتظرها الجميع. من هذا المنطلق، قامت "جمعيّة التراث" بتنظيم ندوة بعنوان "متاحف بيروت... تراثاً وثقافةً"، لتسليط الضوء على هذه الثروة الوطنيّة المهمّة. نائب رئيس الجمعيّة، الدكتور روحي البعلبكي، إختصر الموقف كالآتي : "آثارنا بحاجة الى إنقاذ، ومواقعنا الاثرية بحاجة الى دراسة، وأبحاثنا الاثرية بحاجة الى برمجة، وسياستنا المتحفية بحاجة الى ترميم، وتراثنا الثقافي بحاجة الى حماية، وثقافتنا التراثية بحاجة الى إحياء..."، مقترحاً نشر المتاحف اللبنانية على كل المناطق، مع مراعاة تكافؤ التوزيع الجغرافي وتنوّع المهمّات. وأجمع الحاضرون، من المعنيين وأهل الإختصاص، على أهميّة رفع مستوى الوعي الجماعي بالقيمة المادية والمعنوية لهذه الثروة، وبضرورة حماية الآثار وإنقاذها من مختلف الاخطار التي تتهددها، وصيانة المتاحف والمؤسسات التي تعنى بها. ف "المتحف الوطني" لحقت به أضرار فادحة لوقوعه على خطوط التماس، وهو يضم تحفاً من عهود مختلفة، ويجري حالياً ترميمه بغية إعادة افتتاحه مطلع الصيف القادم. وأبرز المتاحف الاخرى في لبنان : "متحف بيت الدين"، "متحف الجامعة الاميركية"، "متحف سرسق"، "متحف جامعة القديس يوسف" و"متحف جبران" في بلدة بشري شمال لبنان. خلال الندوة، تحدث الدكتور منير عطالله مدير متحف بيت الدين عن تجربة المحافظة على المؤسسة التي يديرها "في زمن الحرب والشتات وفقدان الهويّة". أما الدكتورة ليلى بدر، مديرة "متحف الجامعة الاميركية" الذي تأسس عام 1868، فأشارت إلى أن متحفها لم يغلق أبوابه طيلة ايام الحرب. كما استعرضت حملات التنقيب التي شاركت فيها الجامعة الاميركية في لبنان بين 1956 و1974، مساهمة في إغناء الثروة المتحفية بآلاف القطع الاثرية من حجارة وخزف وبرونز. يبقى أن تلتفت حكومة الحريري إلى ضرورة إنقاذ هذه الثروة التي تجسّد إشعاع لبنان الحضاري والثقافي. الجامعة العربية -الاوروبية الجوالةتنعقد في اسطنبول على إمتداد السنوات السبع الماضية، نجحت "الجامعة الاوروبية-العربية الجوالة" في فرض نفسها كمؤسّسة علمية رصينة، تقف عند مفترق الطرق بين الشرق والغرب، لتمد جسور التواصل بين مختلف الثقافات والحضارات. فالمؤسسة، التي تجمع تحت لوائها أساتذة وباحثين واختصاصيين من أهم الجامعات في العالم العربي والغرب، والتي يرأسها الكاتب محمد عزيزة المعروف في أوروبا بإسمه الادبي "شمس النظير"، إختارت الاستقلال المادي والفكري أساساً لنشاطها، وهي تقوم على الجهود الفردية والجماعية للاكاديميات الناشطة في إطارها. تختار "الجامعة الاوروبية-العربية الجوالة" مدينة مختلفة تحل في ضيافتها مع كل دورة جديدة. هكذا اشترك مئات الجامعيين والمبدعين خلال السنوات الماضية في برامجها الدراسية، متنقلين من باليرمو إيطاليا الى مونبلييه فرنسا، ومن تونس إلى الجزائر، بانتظار ان تسمح الظروف في انعقاد الدورة المخصصة في موضوع "النهضة الجديدة" في بيروت. بعد انعقاد الدورة الثامنة في غرداية الجزائرية، خلال الربيع الماضي، ها هي إدارة الجامعة تعلن عن قيام دورتها المقبلة في تركيا، حول محورين أساسيين : التسامح والتعاون بين الشمال والجنوب. والجنوب، وذلك بين 17 و25 نيسان ابريل 1993. بعد التعمّق في "مسائل الصحراء على أبواب القرن الواحد والعشرين" في غرداية إذن، ستستضيف اسطنبول حلقات دراسية تدور حول "التسامح عبر التاريخ"، "الإبداع في خدمة التسامح"، "التسامح وآفاق المستقبل"، وأخيراً "مقاربات جديدة لتحديد التعاون العلمي بين الشمال والجنوب". ومن المقرر أن يعقد محمد عزيزة قريباً مؤتمراً صحافياً يعرض فيه بالتفصيل برنامج الدورة المقبلة لجامعته، وأسماء الجامعات المشاركة والمفكرين المدعوين. معارض الآلات الموسيقية من بيروت الى تونس في الوقت الذي تشكو فيه الموسيقى العربية من مرحلة ركود ، تتميّز بغياب المعلمين الكبار وبعجز جيل الورثة عن تسلم المشعل واللحاق بركابهم، يبدو الإهتمام بالتراث القديم، وتحديداً بالآلات الموسيقيّة العربية نوعاً من التعويض أو العودة إلى الجذور تمهيداً لإنطلاقة جديدة. فالملاحظ أن المؤتمرات واللقاءات والمهرجانات المهتمّة بالموسيقى تتكاثر من أسيوط، التي شهدت "مهرجان الربابة" مؤخراً بمشاركة 20 فرقة شعبية من 8 دول عربيّة، وصولاً الى تونس حيث افتتح في الخريف الماضي "مركز الموسيقى العربية والمتوسطية". في بيروت يقام حالياً في "صالة المنتدى" معرض ل "آلات الموسيقى العربية"، يضم مجموعة من خمسين آلة موسيقية شرقية يعود بعضها لاواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن الحالي، وأغلبها آتٍ من مجموعات خاصة، وبينها الناي والمجوز والمزمار والعود والقانون والسنطور والطنبور والرباب والصنج والكنارة... أما في تونس، فقد تم تحويل "النجمة الزهراء" قصر البارون ديرلانجيه - وهو مستشرق عاش في تونس ووضع مؤلفاً مرجعياً عن الموسيقى الشرقية - الى مركز دائم للموسيقى العربية والمتوسطية. ويشتمل المركز، الذي يشرف عليه الشاعر علي اللواتي، على متحف للآلات الموسيقية هو الاهم على الارجح في العالم العربي. المجموعة، التي تضم قطعاً نادرة، وآلات نفخية وإيقاعية ووترية، هي نتيجة سنوات من الابحاث المعمقة التي قام بها اختصاصيون وعلماء موسيقى وعازفون معترف بهم عربياً وعالمياً.