في ظل تصاعد الموقف بين العراق ودول التحالف الغربي اكدت سورية، وعلى لسان الرئيس حافظ الاسد، تمسكها بوحدة وسيادة العراق، ارضاً وشعباً، وتعاطفها مع معاناة الشعب العراقي في ظل نظام صدام حسين. وتنظر سورية بقلق الى التطورات في منطقة الخليج بعد اعتبار جنوبالعراق منطقة محظورة على الطيران العراقي خصوصاً من ناحية تأثيرها على مستقبل وحدة العراق ومفاوضات السلام في الشرق الاوسط. فبعد تأكيدها رفض تقسيم العراق لم تعلن سورية تأييدها او رفضها "لعملية مراقبة الجنوب" بانتظار سبر تأثيرها على هذين الملفين الرئيسيين. لكن وزير الخارجية السيد فاروق الشرع قال ان سورية "مع احترام العراق لقرارات الاممالمتحدة، لكنها لا تقبل اي تصرف يمس بسيادة العراق"، وهي تعتبر ان تقسيم العراق يشكل ضربة خطيرة للامن القومي العربي مهما كان النظام الحاكم في بغداد، ويمكن ان يهدد المنطقة كلها بعدم الاستقرار في وقت تجري مفاوضات دقيقة بين العرب والاسرائيليين للتوصل الى حالة سلام في المنطقة. وقد ظهر الموقف السوري بوضوح اثناء المحادثات التي أجراها السيد مسعود بارزاني رئيس الحزب الديموقراطي الكردستاني مع المسؤولين السوريين، وفي مقدمتهم الرئيس الاسد. فقد اكد المسؤولون السوريون لبارزاني رفضهم لتقسيم العراق وقلقهم ازاء الوضع هناك. وقد اتبع الاعلام السوري اخيراً خطاً متوازناً، بين تأكيد الحرص على وحدة الجار الشرقي وبين تحميل نظام صدام حسين مسؤولية الوضع الذي وصل اليه العراق. ويشير بعض المسؤولين السوريين الى "ان الادعاءات العراقية الاخيرة في شأن الكويت" ساهمت في افساح المجال امام دول التحالف الغربي للتحرك ضده. وفي الوقت نفسه يشير المسؤولون السوريون الى ضرورة عدم تحويل النزاع مع النظام العراقي الى نزاع مع الشعب وزرع مخاوف تاريخية يصعب ازالتها حتى بعد زوال النظام الحالي. وعلى رغم "تعاطف سورية الشديد" مع معاناة الشعب العراقي الا ان دمشق لا تعتبر ان السياسة الاميركية ازاء العراق مبنية على هدف حماية الشعب من هجمات النظام والا لكانت سمحت لانتفاضة الشعب بالنجاح بعد هزيمة العراق في حرب الخليج مباشرة. من ناحيته نقل بارزاني الى القيادة السورية تمسكه بوحدة العراق وضرورة منح الاكراد الحكم الذاتي في اطار الدولة العراقية الموحدة الديموقراطية. وتقول المصادر المطلعة ان الاهتمام السياسي والاعلامي الذي حظيت به زيارة بارزاني الى دمشق يشير الى اهتمام سورية بموقفه المتمسك بوحدة الاراضي العراقية والمتميز عن مواقف قيادات معارضة اخرى بدأت تتحدث صراحة عن امكانية انفصال كردستان العراق عن الدولة العراقية. وذكرت مصادر بارزاني انه ما زال مستعداً للتفاوض مع بغداد من اجل التوصل الى اتفاق للحكم الذاتي في اطار تحول ديموقراطي شامل في العراق وليس فقط في الشمال. واضافت المصادر انه يتعرض لضغوط غربية لمنعه من الاستمرار في هذا التفاوض ومن اجل اقامة شبه حكومة كردية في الشمال. واوضحت انه اذا تم تشكيل مثل هذه الحكومة فلن تنضم اليها القيادات السياسية الكردية بل رجال الصف الثاني من التكنوقراط ولن تمنح صفة الحكومة المستقلة. وللتأكيد على فصل سورية بين خلافاتها مع النظام العراقي وبين اهتمامها بمصلحة الشعب واستمرار العلاقة التاريخية القومية مع العراق فانها وجهت اخيراً الدعوة الى لجنة المياه الثلاثية الفنية السورية - التركية - العراقية للانعقاد في دمشق قريباً، وذلك بطلب من بغداد التي كان من المقرر ان تستضيف هذا اللقاء، لكنها فضلت ان لا تستقبل مسؤولين اتراكاً لديها في هذه المرحلة.