مع ان صالة "كوي" اللندنية للمزادات، قد اعتادت على حدة التنافس بين محبي السيارات الكلاسيكية لاقتناء النادر منها، الا انها لم تشهد مثيلاً للتنافس على سيارة "لاغوندا إم 45" طراز 1935. لو ان صاعقة نزلت على الحضور يومها، لما دهشوا مثلما فعلوا عندما رفع الغطاء عن "القطعة رقم 9" فبانت للعيون سيارة "لاغوندا". فجرى الهمس بين الافواه والآذان. ضرب مدير المزاد بالمطرقة على الطاولة مفتتحاً التنافس بين المشترين بمبلغ 30 الف جنيه استرليني. ساد صمت بليد، تبعته اشارات وايماءات بالرؤوس والاصابع والعيون. ودارت الارقام على شفتي مدير المزاد. مع كل حركة وايماءة يرتفع السعر. وما كاد يستقر على 57 الف جنيه استرليني ويهوي المنادي بمطرقته على الطاولة، حتى رفع رجل، يزيد عمره عن الستين ببضع سنوات، يده اشارة منه، فهمها المنادي، فقال بصوت حاسم: "62 الف جنيه استرليني". وضرب مطرقته على الطاولة، فتجمعت العيون على الرجل الذي امتلك تلك السيارة النادرة. السيارة النادرة في مطلع القرن الحالي، بدأ ويلبور غون، وهو اميركي مغامر، في صناعة الدراجات النارية بدولابين وثلاثة دواليب، فأصاب نجاحاً ووفراً من المال جعله ينتقل الى صناعة السيارات في معمله في "ستاينز" بمقاطعة "ميدل سيكس" في بريطانيا. فاطلق على اول سيارة انتجها اسم "لاغوندا" تيمناً باسم نهر في ولاية اوهايو الاميركية. في العشرينات بدأت "لاغوندا" تأخذ منحى رياضياً، تخوض سباق "لومان" تحت اسم "لاغوندا رابيد"، فأصابت شهرة واسعة بعد ما فاز طرازها "إم 45" في "لومان" عام 1935 قادها يومها "لويس فونتيس" و"جون هندمارش" منتزعة من "الفا روميو" السيطرة على "لومان" التي استمرت اربع سنوات في أيدي الايطاليين. اداء وفخامة محرك "لاغوندا إم 45" مركز في الامام ويدفع العجلات الخلفية، سعته 4500 سم3 وعدد اسطواناته ست. اشتهر هذا المحرك بعزمه المرتفع على دورات منخفضة حيث كان بالامكان الانطلاق من سرعة بطيئة دون الحاجة الى استعمال عتلة صندوق السرعات للتغيير. في عام 1947 امتلك دايفيد براون، صانع سيارات "آستون مارتن"، اسم "لاغوندا" وصمم لها محركاً من ست اسطوانات سعته 2600 سم3، وحاول في حقبة الخمسينات احياء تراث "لاغوندا" الرياضي ولكن من دون جدوى. في العام 1972 باع دايفيد براون اسمه التجاري، ولكن المعاناة في انتاج "آستون مارتن" و"لاغوندا" استمرت حتى 1975. في هذا العام تأسست شركة من محبي هذين الاسمين فاشترت اسم "دايفيد براون". وضخت دماً جديداً في عروقها المرهقة، وعادت "لاغوندا" تتألق اليوم جنباً الى جنب مع افخم السيارات في العالم، امثال "رولز رويس" و"بنتلي" وايضا الى جانب شقيقتها "آستون مارتن" التي ما زالت تعتبر ذروة الاتقان وفخر صناعة السيارات البريطانية.