خلافاً لكل التوقعات حقق ريديك بووي مفاجأة كبيرة في مباراة من 12 جولة على اللقب العالمي في الملاكمة للوزن الثقيل وذلك على حلبة فندق ميراج في لاس فيغاس فخلع ايفاندر هوليفيلد عن عرش الملاكمة وتوج بطلاً بعد فوزه بالنقاط وباجماع الحكام.. وستذكر هذه المباراة المثيرة كواحدة من اعظم المباريات التي عرفها تاريخ الملاكمة سواء على مستوى التقنية ام على مستوى الذكاء، ام على مستوى السرعة، ام على مستوى الاثارة، علماً ان كلا البطل والمتحدي لم يسبق ان هزم طوال فترة احترافه… شريط المباراة شهد المباراة 81 الف متفرج بينهم عدد كبير من نجوم السينما وابطال الرياضة امثال كيفن كوستنر، ارنولد شوارتزينيغر، كلينت إيستوود، ميل جيبسون، بو ديريك، برت رينولدز، ماجيك جونسون، شوغار راي ليونار، تيري نوريس ولينوكس لويس. كانت الجولة الاولى من المباراة التي قادها الحكم الاميركي جو كورتيز سريعة جداً بادر فيها هوليفيلد الى الهجوم وانتهت لصالحه، وفي الجولة الثانية كان رد بووي قاسياً وعنيفاً فأشعل الحماس في قلوب المتفرجين الذين اتيح لهم ان يشهدوا مباراة بلغت مستوى فنياً راقياً افتقدته حلبات الملاكمة منذ زمان طويل، واستمر الصراع سجالاً في الجولتين الثالثة والرابعة مع تفوق طفيف لصالح بووي.. في الجولتين الخامسة والسادسة خفت حدة اللكمات المتبادلة فالتقط هوليفيلد انفاسه ولكن فاعليته في النيل من متحديه ظلت محدودة. في الجولة السابعة تلقى هوليفيلد لكمات موجعة على صدغه وعلى ذقنه سدّدها بووي بيمناه وفي الجولتين الثامنة والتاسعة تبادل البطل ومتحديه اللكمات فجرح هوليفيلد فوق جفنه الايسر بينما تلقى بووي لكمة على عينه اليمنى. وفي الجولة العاشرة سدد بووي لكمة بيمناه الى هوليفيلد فترنح وكاد يسقط على اثرها أرضاً بالضربة القاضية لكنه تماسك واذهل المتفرجين عندما انقض على بووي واوسعه لكماً محاولاً انهاء المباراة او على الاقل انهاء الجولة لصالحه… وفي الجولة الحادية عشرة أمطر بووي هوليفيلد وابلاً من اللكمات القاسية فسقط بين الحبال، لكنه رفض ان يستسلم وقاوم بشجاعة وعناد واستمر يدافع عن لقبه حتى الرمق الاخير في الجولة الثانية عشرة محاولاً ان يقتنص فرصة تتيح له ان يسقط متحديه بالضربة القاضية اذ لم يعد في وسعه تقليص فارق النقاط بينهما الا ان محاولاته باءت بالفشل وانتهت بانتصار بووي انتصاراً لا غبار عليه… هزيمة مشرّفة لئن فات هوليفيلد ان يحتفظ بلقبه العالمي فما فاته ان يدافع عن سمعته كملاكم عظيم ومع انه خاض مباريات عدة من قبل دفاعاً عن لقبه فاز بها جميعاً، فهو لم يكن مقتنعاً في تلك المباريات ومن المفارقات الغريبة انه في هزيمته كان اعظم منه في انتصاراته وهو عندما خسر اللقب أدى مباراة رائعة فرضته كواحد من ابطال الملاكمة الافذاذ. وقد صرح هوليفيلد اثر هزيمته: "لقد اعطيت في هذه المباراة افضل ما لدي ولكن ذلك لم يكن كافياً للفوز… انا لم أخسر لأن ادائي كان سيئاً في المباراة، بل لأنني واجهت خصماً لعب افضل مني… تهانيّ الحارة لريديك بووي". وداعاً أيها الحرمان... أما بووي فقد مرّت امام عينيه عندما رفع الحكم يده علامة الفوز سنوات البؤس والحرمان التي عاناها في طفولته مع اخوته واخواته الثلاثة عشر في برونزفيل من أحياء بروكلين بعدما تخلّى عنهم والدهم ملقياً مسؤولية جسيمة على عاتق الوالدة دوروثي التي راحت تعمل في احد المصانع لاعالتهم وتربيتهم. لكن لحظة الفوز محت سنوات العذاب فحصته من المباراة بلغت 7 ملايين دولار.. وهي فتحت امامه ابواب الشهرة وابواب الثروة على حد سواء، وستفسح امامه في المجال لكي ينتقم من ماضيه ولكي يفي الوالدة المتفانية بعض ما بذلته في سبيله. وقد صاح بووي بعد اعلانه بطلا للعالم في الملاكمة للوزن الثقيل: "هاي!. باتش لويس… هاي شيلي فينكل… انني البطل" وتجدر الاشارة الى ان باتش لويس وشيلي فينكل رفضا تدريبه اثر هزيمته في المباراة النهائية امام لينوكس لويس في دورة سيول الاولمبية. وخلاصة القول ان بطلاً عظيماً قد هزم بطلاً عظيماً آخر وقد انتهى عهد في الملاكمة ليبدأ عهد جديد.. هوليفيلد أوحى بأنه سيعتزل بعد هزيمته، بينما لمحت اوساط البطل الجديد الى انه سيدافع عن لقبه امام بطل العالم الاسبق العجوز جورج فورمان في آذار المقبل في بكين، اما مباراة الثأر ضد البطل البريطاني لينوكس لويس الذي هزمه في دورة سيول فمن المرجح ان تقام في حزيران المقبل ولكن الجائزة هذه المرة لن تكون ميدالية ذهبية بل عشرات ملايين الدولارات… البطل الجديد في سطور ولد ريديك بووي في بروكلين في العاشر من آب 1967. يعيش حالياً في واشنطن. تزوج من جودي وله ثلاثة اولاد. توج بطلا للعالم فئة الهواة سنة 1985. وفاز بجائزة القفاز الذهبي للهواة في نيويورك من 1985 الى 1988. فاز بالميدالية الفضية في دورة سيول الاولمبية 1988. خاض 32 مباراة كمحترف فاز بها جميعاً ومنها 27 مباراة بالضربة القاضية. يفضل من الملاكمين جو لويس، شوغار راي روبنسون، محمد علي كلاي وشوغار راي ليونار. أفضل مباراة في رأيه هي مباراة محمد علي كلاي وجو فرازير.