حقيقة لا أعلم السر وراء تجاهل أو مجاملة أو سكوت (سمِّه ما شئت) الجهات الحكومية على تجاوزات المدارس الأهلية، فمنذ سنوات والمعلمون والمعلمات يعانون الأمرين من القائمين على هذه المدارس. لنضع النقاط على الحروف ونذكر بعض ما تتمتع به هذه المدارس، هناك دعم حكومي مالي إضافة إلى تسهيلات أخرى تقدم من الحكومة لهذه المدارس، وعلاوة على ذلك هناك دعم صندوق الموارد البشرية الذي يتكفل بجزء من رواتب المعلمين أو المعلمات، ناهيك عن غضِّ الطرف عن المخالفات الكثيرة وعدم تطبيق الاشتراطات الضرورية من هذه المدارس، والدليل هو وجود تباين واضح بين تلك المدارس، سواء من ناحية المباني أو عدد الفصول أو تحقيق الراحة للطلاب وتوفير وسائل السلامة. في المقابل ما فتئت تلك المدارس تقابل ذلك الكرم الحاتمي من الحكومة، بعقوق المواطنين والتسلط عليهم، ولا أدري هل أتطرق إلى كثرة الخصومات من رواتب المعلمين والمعلمات، أو بإجبارهم على توقيع عقود برواتب هي أكثر مما يتسلمه المعلم أو المعلمة، بل إن هناك مدارس تحتفظ براتب الشهر الأول وربما تخصم مبلغاً معيناً من الراتب الشهري ولا يتم تسلمه إلا بعد إكمال عام أو عامين في المدرسة، إلى غير ذلك من الممارسات الفوقية والعنجهية التي تمارسها تلك المدارس. أصدقكم القول إن تلك الممارسات تكون في مدارس البنات أكثر، بحكم أن المرأة ضعيفة وقليلة الحيلة، إضافة إلى أن هناك معلمات ليس لهن أولياء أمور أو لا يعرف معظمهن الطرق النظامية لأخذ حقوقهن، ولذا تخضع كثير منهن لتلك الممارسات وتقبل بأي راتب، وأعرف كثيراً من هذه الحالات. أذكر أن هناك معلمة تقدمت باستقالتها إلى مديرة إحدى المدارس الأهلية وكانت تطالب المدرسة براتب شهرين، وقد رفضت المديرة تسليمها الراتبين بناء على أوامر من مالك المدرسة، اضطرت هذه المعلمة عن طريق أحد أقاربها إلى تقديم شكوى إلى وزارة التربية والتعليم من طريق إحدى الصحف المحلية، ولما علم مالك المدرسة بتلك الخطوة بادر واتصل على شقيق تلك المعلمة وسلمها راتب الشهرين. والسؤال: ما مصير ذينك الراتبين لو لم تقدم تلك المعلمة الشكوى إلى الصحيفة؟ وكم معلمة سلبت حقوقها لأنه ليس لها ولي أمر أو أن ولي أمرها لا يعرف الطرق النظامية؟ وهل لا بد من شكوى لتحقيق العدل مع تلك المدارس؟ إن الأمر الملكي الذي صدر قبل أشهر عدة برفع رواتب معلمي ومعلمات المدارس الأهلية إلى أكثر من خمسة آلاف ريال ينبغي أن يحظى بمتابعة المسؤولين في وزارة التربية والتعليم ووزارة العمل، خصوصاً أن الدولة رعاها الله ووفق أولياء أمورها لطريق الخير تتكفل بجزء من الراتب. والمؤسف في الأمر أن ملاك المدارس الأهلية استغلوا الفرصة فوراً ورفعوا رسوم الدراسة على الطلاب، وبذلك يستفيدون من الدعم الحكومي ومن رفع الرسوم. ينبغي عدم استمرار تلك النوعية من العلاقة، سواء بين المدارس الخاصة ومعلميها أو بين المدارس الخاصة وطلابها، فهي علاقة طرف قوي بطرف لا قوة له إلا بالله ثم بمتابعة الجهات ذات الصلة، وهي أيضاً علاقة تتسم بالفوقية وتتجلى فيها العنجهية وسياسة الأمر الواقع، ومع ذلك فإنه ما زالت هناك بقية من أمل في مسؤولي الدولة، وإلا فإن تلك الرواتب لن تخدم سوى ملاك المدارس ليضيفوها إلى عشرات ومئات الملايين التي يملكونها.