لا أُخفي عليكم أيها القراء الأعزاء أنني تابعتُ بشيء من التفاؤل تلك الغضبة الشديدة للرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فضيلة الشيخ الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ، وسر تفاؤلي يعود إلى أننا، أخيراً، وجدنا فضيلته يغضب وإن اختلفنا في سبب الغضب، لأن الغضب في حد ذاته حينما يصدر عن فضيلته فذلك معناه أن جهود الإصلاح في الهيئة باتت تُؤتي ثمارها. كان الغضب واللوم موجهين للخطوط السعودية، لأنها قامت بخفض درجة سفر فضيلته على إحدى الرحلات من درجة الأفق إلى درجة الضيافة، فكانت هذه الغضبة الكبرى... غضبةٌ لم يُخفف من وقعها أن هذا الإجراء يعود لأسبابٍ فنية أو تشغيلية خارجةٍ عن الإرادة وتحدث في جميع شركات الطيران... غضبةٌ لم يُخفف منها الإيضاح أو الاعتذار... وهذا الغضب، كما أشرت، أمرٌ محمود. لكننا جميعاً وفي المقابل، لم نرَ ولم نشهد ولم نسمع عن أي غضبة لفضيلته تجاه أخطاء وتجاوزات بعض أعضاء الهيئة، ومن بينها أخطاء وتجاوزات جسيمة... فإذا بنا لا نجد سوى بعض التبريرات أو الإيضاحات أو الوعد بالتحقيق من دون أي شعور بالغضب تجاه من يُفترض فيهم أن يكونوا قدوةً لغيرهم في السلوك القويم والنصح الإيجابي والموعظة الحسنة. وحتى لا يتهمني البعض بالتجاوز، أو التحامل على مقام رئيس الهيئة وأعضائها الكرام، أشير إلى بعض النماذج التي نعلم عنها جميعاً، لم يغضب فضيلته لاقتحام منتسبٍ للهيئة لإحدى الفعاليات الثقافية لدولة الإمارات العربية المتحدة، المقامة على هامش المهرجان الوطني للتراث والثقافة، ما اضطر الأمن إلى إخراجه عنوةً وسط تصفيق واستحسان الحضور... لم يغضب فضيلة رئيس الهيئة من هذا السلوك العجيب الذي لا يُسيء للهيئة ومنسوبيها فقط وإنما لمملكتنا الحبيبة... لم يغضب فضيلته من مطاردات أعضاء الهيئة بسياراتهم على الطرق السريعة لإيقاف بعض المشتبه بهم، على رغم ما ينتج عن ذلك في حالات عدة من مضاعفات سلبية نتيجةً للتهور والرعونة وعدم تقدير الموقف بحكمة وروية... لم نرَ فضيلته غاضباً من تسبب بعض أعضاء الهيئة في مشاجرات ومشكلات نتيجة تجاوزاتهم الواضحة ومطارداتهم للشباب في الأسواق والمراكز التجارية، بل والتعدي أحياناً على حرمة الحياة الخاصة، وبعد ثبوت التجاوز والخطأ في حق الناس والإساءة إليهم، لم نرَ فضيلته غاضباً إذ يجب أن يكون الغضب، لكنه في ما يبدو فضل أن يقتصر غضبه على الخطوط السعودية، على رغم الإيضاح والاعتذار... مع تحياتي لفضيلته وتطلعي لأن أراه غاضباً في مواقف أخرى، أو على الأقل أن يشاركنا ما نشعر به من غضب حيال التجاوزات والتصرفات السلبية لبعض منسوبي الهيئة، فربما كان الغضب المأمول من فضيلته، وكما أشرت، عنصراً إيجابياً يدعم جهود التطوير والإصلاح المنشود لجهازٍ يُفترض أن يكون نموذجاً للسلوك الحضاري في كل وقتٍ وحين. فراس يماني [email protected]