المملكة تدين بأشد العبارات اقتحام مستوطنين إسرائيليين باحات المسجد الأقصى    35 % ارتفاع عدد المعتمرين في الربع الثالث 2024    إشعار أصحاب المباني الآيلة للسقوط بحي الفاروق في جدة    احذر نفسك مرتين    اكتمال مغادرة الدفعة الثانية لضيوف برنامج خادم الحرمين الشريفين للعمرة والزيارة إلى بلدانهم    وزير الداخلية يبحث الموضوعات المشتركة مع سفير كازاخستان    إنفاذا لتوجيهات القيادة.. وصول التوأم الملتصق السوري "سيلين وإيلين" إلى الرياض    "سعود الطبية "تحصد اعتماد "سباهي" في خدمات الرعاية الصحية المنزلية بنسبة 94.73%    سوق الأسهم السعودية ينهي أولى جلسات الأسبوع كاسبا 33 نقطة    الأمير سعود بن نهار يلتقي قائد القوات الخاصة لأمن الطرق بالطائف    جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل تحتفي بقائد إنجازاتها معالي الدكتور عبدالله الربيش    الحقيل يفتتح فعاليات الشارع الثقافي في الواجهة البحرية الشمالية بجازان    «التجارة» للشركات: 20 يوماً متبقية على مهلة تعديل عقد التأسيس    موعد مباراة السعودية وعمان في نصف نهائي "خليجي 26"    تأجيل نهائي خليجي 26    المحتوى المحلي والمشتريات تعلن إضافة 122 منتجاً في القائمة الإلزامية    "أمير الرياض" يطلع على جهود وأعمال الجمعية السعودية لحكام كرة القدم    من أعلام جازان.. الدكتورة بدرية بنت محمد أحمد البهكلي    "تعليم الطائف" يستعرض نظام الدعم الموحد لتحسين مستوى الخدمات بالمدارس    هل تعود موسكو لنشر الصواريخ المتوسطة وقصيرة المدى؟    المملكة تعزي جمهورية كوريا إثر حادث تحطم طائرة ركاب في مطار موان الدولي    مستشفى أحد رفيدة ينفّذ حملة "لقاح الانفلونزا الموسمية"    فنٌّ ينبض بالهوية.. ماجد حملي رحلة الإبداع بين التراث والحداث    "الهيئة العامة للإحصاء" تنشر إحصاءات الأمن الغذائي لعام 2023م    الجامعة الأهلية بالبحرين: إطلاق منتدى الدكتوراه الاول للاعلام الرقمي في البحرين    179 قتيلا في تحطم طائرة كوريا الجنوبية    شرطة الرياض تضبط شخصين عبثا بوسائل السلامة في محطة انتظار نقل عام    مبادرات تطوعية    السعودية تحصد ثمار إصلاحاتها ورؤيتها الإستراتيجية    الجماهير السعودية تحتفل بتأهل الأخضر لنصف نهائي «خليجي 26»    خادم الحرمين يتلقى رسالة خطية من بوتين    في المرحلة ال 19 من الدوري الإنجليزي.. ليفربول في اختبار وست هام.. وسيتي لإيقاف نزيف النقاط أمام ليستر    في إطار الجهود المبذولة لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030.. إطلاق فعالية «ليالي الفيلم الصيني»    «عزف بين التراث والمستقبل».. متحف طارق عبدالحكيم يحتفي بذكراه السنوية الأولى    "الرياض آرت" يُعلن مشاركة 30 فنانًا من 23 دولة في ملتقى طويق الدولي للنحت    من دفتر الأيام: مشوار في قصرغرناطة بأسبانيا    "روشن" تضع حجر الأساس لمجتمع "المنار" في مكة المكرمة    واتساب تختبر مزايا ذكاء اصطناعي جديدة    تقدير دعم المملكة لقيم الاعتدال حول العالم    ضيوف "برنامج خادم الحرمين" يزورون مصنع الكسوة    المملكة تعزز الأمان النووي والإشعاعي    خادم الحرمين يتلقى رسالة من الرئيس الروسي.. القيادة تعزي رئيس أذربيجان في ضحايا حادث الطائرة    وزير الدفاع يلتقي قائد الجيش اللبناني    طريقة عمل شيش طاووق مشوي بالفرن    أحد رفيدة وزحام العيادات.. مطالبات بمركز متخصص للأسنان    ماسك يؤكد دعمه حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف    شولتس: لا أنام إلا قليلاً رغم أني من محبي النوم لفترة طويلة    المنتدى السعودي للإعلام يطلق معسكرًا لتطوير الإعلام السعودي بالذكاء الاصطناعي    من الشهرة إلى الثروة: هل نحتاج إلى رقابة مالية على المؤثرين؟    قائد "الأخضر" سالم الدوسري يحصل على جائزة رجل مباراة السعودية والعراق    «الفنيلة والسروال» والذوق العام    المطار.. عودة الكدادة !    منصة X: الطريق إلى القمة أو للقاع    خادم الحرمين وولي العهد يعزيان رئيسة الهند في وفاة رئيس الوزراء السابق    "الإسلامية" تؤهل الأئمة والخطباء والدعاة في تايلند    إسرائيل تتمسك باستهداف المستشفيات    الرويلي يرأس اجتماع اللجنة العسكرية السعودية التركية المشتركة    99.77 % مستوى الثقة في الخدمات الأمنية بوزارة الداخلية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مخاوف العرب والأفارقة ... ضد "الأزواد"
نشر في الحياة يوم 11 - 04 - 2012

فور أن أعلن الطوارق والعرب والسونغاي والفولان الأزواديون دولة انفصالية مستقلة بقوة الواقع، وحددوا معالمها لتشمل مدينتي"غاوا وكيدال"، إضافة الى العاصمة"تنبكتو"، قدموا للعالم الضمانات التي يفترض أن تكون مطمئنة من أنهم سيحترمون حدود الدول المجاورة، ويتعهدون بالعمل على توفير الأمن، والشروع فى بناء مؤسسات تتوج بدستور ديموقراطى لدولة"أزواد"المستقلة، كما أعلنوا انخراطهم الكامل في ميثاق الأمم المتحدة، متعهدين بإخراج الحركات الجهادية و"القاعدة"من البلاد، وإبعاد كل ما هو ليس من طبيعة بلاد"أزواد"عنها.
هذه التطمينات المستبقة لردود الأفعال الدولية جاءت بنتيجة عكسية على غير ما تتوخاه حركة"أزواد"التي عبّرت عن نفسها بأنها حركة مناهضة للظلم والاستبداد، وبمعنى أشمل الاستعمار الذي طال أمده لهم، قرابة ال50 عاماً، فلم تجد الاحترازات الأزوادية المحنّكة أي رد فعل معقول تجاهها، بل تم تجاهلها وكأن الأزواديين الثائرين صرحوا بعكس ما صرّحوا به، ما يشي بأن وراء الأكمة ما وراءها! وهذا لا يدفعنا إلى أن ننكر أنه قد تكون لدى الأزواديين رؤية ما لاختيار دولة إسلامية قد تأخذ بعض سماتها من السمات التي تتشكل في العالم العربي المحيط بهم، كما في ليبيا أو في مصر حالياً، غير أن هاتين الرؤيتين - ما بين مقاومة الاستعمار وإقامة دولة إسلامية معتدلة - أصبحتا إرهاصاً لاستعراض بعض الدول المجاورة لأزواد عضلاتها على هؤلاء الثوار، عوضاً عن دعمهم بكل المستطاع! فلماذا؟!
إن الحركة الأزوادية التحريرية - وهذا عصي دمع جيرانها - نجحت نجاحاً باهراً ومنقطع النظير في الاستقلال بالمناطق الازوادية الشمالية، وعلى رغم أنّها حركة مسلّحة، ورجالها من العرب والطوارق البدو البدائيين، فإنه لم يحصل فيها من سفك الدماء وهدر الممتلكات وفظائع الانتقامات ما حدث في الثورات العربيّة المدعومة أحياناً بغطاء جوي أطلسي، كما أنها لم تكن تجأر أثناء تحريرها لمناطقها بالاستغاثة ب"المجتمع الدولي"، أو"عقوبات اقتصادية للدولة المالية"، أو"تجميد أموال رئيس دولة مالي وأسرته ورموز نظامه"، أو"حظر عسكري لحماية المدنيين"، أو"ضربات الناتو"، ولم يكن رموزها يتسابقون إلى وسائل الإعلام وبرامج"الاتجاهات المعاكسة"، ولا يستجدون"دعاء قنوت"، أو قنوات إخبارية مؤدلجة تطل عليهم من هنا أو هناك، أو تصريحاً من دولة مجاورة من قبيل:"يجب تسليح الثورة"! كلا، لم يحصل شيء من ذلك، كل ما هنالك أن الثوار الأزواديين خرج كل منهم من خيمته وبيته الطيني وأخرجوا القوات المالية من ديارهم، بأقل عدد ممكن من طلقات الرصاص، من دون أن ينتج عن ذلك اختلال في الأمن أو إفساد للممتلكات أو تدمير للمدن الأزوادية.
إذا كان هذا لا يعجب الدول المجاورة لهم، فكيف السبيل للتدخل وإفشال هذه الثورة العسكرية"شبه السلمية"؟!
الإشارة تتجه طبعاً مباشرة إلى الأصابع الخفية لتنظيم القاعدة الذي وعدت الحركة الأزوادية نفسها بالتخلص منه في إطار تعاون دولي، وهنا يأتي العجب من أن هذا الاتهام يأتي في إطار التزامات الثوار للعالم وعلى رأسه أميركا"وهذا يتعارض شكلاً ومضموناً مع اتجاهات القاعدة"بمغادرة كل ما ليس من صميم الأرض الأزوادية.
هذا الخلط الدولي المتعمد بين الأزواديين والجهاديين الدخلاء عليهم قاد إلى شبه إطباق معتمد على شجب إعلان استقلال الأزواد، ولا بأس في تدعيم هذا التشويه بالذهاب إلى أفراد التنظيمات الجهادية وتملقهم من أجل الحصول على تصريحات تدعم التدخل العسكري في التراب الأزوادي لإجهاض ثورته، وليس من أجل إبعاد"القاعدة"عنه، لأنه لو كان المقصود إبعاد"القاعدة"فهذا هو نفسه ما تطالب به الحركة الأزوادية، وتطالب العالم بإعانتها عليه، وهذا يعني بوضوح أن دول الجوار لا يهمها تنظيم القاعدة بقدر إفشال الانفصال الأزوادي. وفي هذا التكالب لا تتخلف حتى منظمة اليونسكو عنه للإعلان"عن قلقها العميق حيال مصير التراث الثقافي لمدينة تمبكتو الذي قد يتعرض للأذى على يد المجموعات الإسلامية"!
وبالمقابل هل بثت مخاوف هيئة اليونسكو المماثلة على التراث العربي والمتاحف جراء فعاليات"الربيع العربي"؟
ولا بأس أن تبث أشهر القنوات الإخبارية تقريراً صورت لقطاته منذ أكثر من خمسة أعوام لتبيان الخطر الداهم على"مخطوطات تمبكتو"لإيهام المشاهد بأنه تقرير مأخوذ من جو الأحداث، فهل يعني هذا أن الوقائع التي تريد هذه الجهات ضرب الحركة الأزوادية بها هي من تركة الدولة المالية نفسها ومن ورائها الدول الساعية إلى الإبقاء عليها على حساب معاناة الشعب الأزوادي؟
إن هذا يجعلنا نستنتج أن الخطورة الحقيقية"التي تدركها هذه الدول"تكمن في المفاجأة المفشلة لكل هذه التخمينات والمخاوف من خلال قدرة الحركة الأزوادية على تجاوز كل هذه الشكوك والمخاوف وتحقيق حال من الأمن والسكينة، وقدرتها الأخرى على تأكيد ما ذهبت إليه وقدمته بين يدي مشروعها الانقلابي من استطاعتها فعلاً تحقيق الأمن وشروعها في عمل سيتوج بدستور ديموقراطى لدولة أزواد المستقلة، وتأكيدهم الانخراط الكامل في ميثاق الأمم المتحدة، من خلال العمل الواقعي وفق آليات مجتمع مدني حديث لديه قانون، مع الوعد بالتخلص من كل تنظيم إرهابي، ومن كل تشكيل غير متلائم مع طبيعة الشعب الأزوادي، وهذا الوعي والحنكة السياسية هي التي أرعبت هذه الدول ودعتها إلى التدخل، لأنه لو نجح ذلك فتصوروا معي واقع الحال السياسية في القارة الأفريقية، التي لم تفارق أرضها الحركات الانفصالية الدموية قط، ما سيزيد من أوارها، وهو ما سيمهد لربيع أفريقي، خصوصاً بقيادة"الأمازيغ البربر"الذين تتقاسمهم الجزائر والمغرب وليبيا، ممن ظلوا ردحاً من الزمن يطالبون باستقلالهم في دولة توحد هوياتهم، وسيقال: الأزواد شرارة أولى قدحت روح الصراع الأمازيغي البربري، ومن خلفهم العرب المنضوين تحت لوائهم كمكوّن لهويتهم الجغرافية.
* كاتب وروائي سعودي.
[email protected]
twitter | @almoziani


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.