الصفحة: 7 - قانون شدد المستشار القانوني الدكتور محمد بن براك الفوزان على أهمية القرب من المواطن إذا أرادت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد أن تضيّق الخناق على الفساد والمفسدين. واعتبر في نقده لنظام الهيئة أن الأخيرة مكنها تفويض الملك المفتوح لها من صلاحيات فذة، تحقق لها الردع اللازم، خصوصاً إذا ما استخدمت سلاح"التشهير"عبر وسائل الإعلام، الذي رآه الفوزان أمضى من أي سلاح آخر. وفي حين اعتبر القانوني المتخصص في نقد الأنظمة، إنشاء الهيئة خطوة في الطريق الصحيح، أبدى ملاحظات عدة على نظامها، وانتقد بنوداً فيه رآها ضبابية، وتحتاج إلى مزيد إيضاح في اللوائح التنفيذية للنظام الذي صدر أخيراً بأمر ملكي. وأكد الفوزان الذي عُرف باعتنائه بالأنظمة والقوانين في المملكة حتى أنشأ لها مكتبة خاصة في الرياض، أن"الكشف عن بواطن القصور في العمل الوظيفي العام، سواء تعلق بالتقصير في أداء العمل أو بانتشار الرشوة والعملات أو اعتبار المنصب ملكاً خاصاً، فضلاً عن التهاون في اختيار الأكفاء"، عوامل يتطلع إلى أن يشتد بأس الهيئة في ملاحقتها، ومواجهتها بصمود حديدي، كما عبر. وذلك أن"انتظام الأحوال واستقرار حياة الناس لا يمكن تحققها إلا بالعدل والمساواة بين كل أفراد المجتمع حكاماً ومحكومين". وفي ما يأتي نماذج من ملاحظاته التي أبداها على نظام"الهيئة". المادة الأولى التعريفات: جاءت خالية من توضيح بعض الألفاظ مثل لفظ النزاهة والشفافية والفساد على رغم ارتباط عمل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد بهذه المصطلحات. لذلك نأمل أن يتم وضع تعريف جامع مانع لكل مصطلح من هذه المصطلحات السابقة لأهميته، حتى نصل إلى ارتباط هذه المصطلحات ببعضها باعتبارها مكملة لبعضها الآخر، فتحقيق النزاهة والشفافية عوامل من شأنها منع الفساد في العمل العام. المادة الثانية ارتباط الهيئة ومركزها النظامي: فقد جاءت محدودة للغاية من حيث الصياغة واحتوت على فقرتين: الأولى: أشارت إلى ارتباط الهيئة بالملك مباشرة، مع تمتعها بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري، فضلاً عن عدم جواز االتدخل في مجال عملها. الثانية: تحدثت عن مقر الهيئة الرئيسي وحددت له مدينة الرياض مع السماح بإنشاء فروع أو مكاتب أخرى داخل المملكة. ويبدو لنا ضرورة إيضاح مضمون الفقرة 1 من م2 بصورة أفضل بحيث يتسنى لدى المهتمين بالنظام وكذلك جمهور المواطنين معرفة طبيعة هذا الارتباط المباشر بالملك كذلك معرفة مضمون عبارة"ليس لأحد التدخل في مجال عملها". فضلاً عن ذلك: نأمل أن تضاف فقرة ثالثة، يكون مضمونها إيجاد نوع من التعاون مع الهيئات القضائية وبالخصوص ديوان المظالم. بحيث يطلع الملك ومن ثم يحيل أو يوجه الأمر للجهة القضائية لاتخاذ اللازم حيال ما تسفر عنه تقارير الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد. ونقترح النص الآتي:"يجوز للهيئة بعد أن ترفع الأمر للملك أن تحيل ما تراه إلى ديوان المظالم لاتخاذ اللازم نظاماً بشأن ما تسفر عنه التقارير التي أعدتها". المادة الثالثة أهداف الهيئة واختصاصاتها: جاءت م3 لتحدد اختصاصات الهيئة ويلاحظ تعدد الاختصاصات وتكرارها بصورة غير مباشرة، اذ بلغت الاختصاصات إلى 21 اختصاصاً. وهذا من شأنه إحداث الخلط واللبس من دون مبرر لذلك نرجو قصر الاختصاصات على 12 اختصاصاً فقط. وبالنظر أيضاً إلى الفقرة 10 من م3، والعمل على تعزيز مبدأ المساءلة لكل شخص مهما كان موقعه وهذا يدل على عدم استثناء أحد، ولعل هذه العبارة تنسحب على التشهير بالمفسدين الذين يثبت عليهم الفساد بوسائل الإعلام المختلفة ومن شأن ذلك إرساء الشفافية والنزاهة والحياد الكامل تجاه جميع المسؤولين، أياً كانت مراكزهم ومواقعهم داخل مؤسسات وأجهزة الدولة حتى يكونوا عبرة لغيرهم . يذكر أن التشهير بفساد المسؤول بوسائل الإعلام المختلفة من أهم الآليات الفعالة لتحقيق مكافحة الفساد، لأن مواجهة الرأي العام من شأنها تحقيق الردع اللازم بصورتيه الردع العام، والردع الخاص. ولعل التوفيق حالف واضعي التنظيم لهذه العبارة التي يعد النص عليها من الايجابيات الرئيسية فيه، فالتنظيم بإجماله يسعى من دون أي لبس وبوضوح كامل نحو العمل على الشفافية والنزاهة، بشكل عام دونما استثناء أحد مهما كانت سلطاته، وهذا يعد واجباً وطنياً قبل أن يكون التزاماً وظيفياً وإلا بطلت أهداف التنظيم واستحال تحقيقها. هذا وسيبقى لنا أن ننتظر ما سيكشف لنا المستقبل القريب من نتائج تكون في تطهير مؤسسات الدولة من كل مسؤول ليس جديراً بالمنصب والثقة وبالتالي فاقداً لشرطي القوة والأمانة كما أخبر عنهما القرآن الكريم والسنة المطهرة فيمن يولى ويقلد الأعمال العامة. وتفصيل ذلك على النحو الآتي: أولاً: ورد في م 3 البنود الآتية: 1، 6، 10، 11 اختصاص الهيئة بالمتابعة ونرى أنه لا داعي لتكرار هذا النوع من الاختصاص بل إدماجهم في اختصاص واحد على أن يكون على النحو الآتي: 1- تختص الهيئة بمتابعة الآتي: أ- تنفيذ الأوامر والتعليمات المتعلقة بالشأن العام ومصالح المواطنين بما يضمن الالتزام بها. ب- استرداد الأموال والعائدات الناتجة من جرائم الفساد مع الجهات المختصة. ج- مدى قيام الجهات المشمولة باختصاصات الهيئة بما يجب عليها إزاء تطبيق الأنظمة المجرمة للفساد المالي والإداري، والعمل على تعزيز مبدأ المساءلة كل شخص مهما كان موقعه. د- متابعة تنفيذ الالتزامات الواردة في الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحماية النزاهة ومكافحة الفساد التي تكون المملكة طرفاً فيها. ثانياً: يلاحظ على الاختصاص رقم 14 والاختصاص رقم 17 ارتباط بينهما وثيق، لذلك ومنعاً للتكرار واللبس نرى إدماج الاختصاصين على النحو الآتي: تلقي التقارير والإحصاءات الدورية من الجهات المشمولة باختصاصات الهيئة - وفق ما تطلبه الهيئة - ودرسها وإعداد البيانات التحليلية بشأنها، واتخاذ ما يلزم حيالها، مع إعطاء الحق للهيئة في جمع المعلومات والبيانات والإحصاءات المتعلقة بالفساد، وتصنيفها، وتحليلها، وبناء قواعد بيانات وأنظمة معلومات خاصة بها. ثالثاً: يلاحظ أن الاختصاص رقم 12، 13، 18 بينها ارتباط ومنعاً للتكرار نرى إدماجها في اختصاص واحد على النحو الآتي: الاتصال بالجمهور ومؤسسات المجتمع المدني عن النحو الآتي: أ- تلقي"استقبال"بلاغات الجمهور بشكل مباشر بشأن التصرفات المنطوية على فساد، والتحقق من صحتها من أجل اتخاذ ما يلزم بشأنها، على أن تحدد اللوائح التنفيذية لهذا التنظيم الآلية والضوابط اللازمة لذلك. ب- العمل مع الجهات المعنية ومؤسسسات المجتمع المدني على تنمية الشعور بالمواطنة وبأهمية حماية المال العام والمرافق والممتلكات العامة بما يحقق حسن إدارتها والمحافظة عليها. ج- نشر الوعي بمفهوم الفساد وبيان أخطاره وآثاره وبأهمية حماية النزاهة وتعزيز الرقابة الذاتية وثقافة عدم التسامح مع الفساد من خلال وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة. رابعاً: يلاحظ على الاختصاص رقم 15، 16 أن بينهما تكامل، فلا داعي لفصلهما، لذلك نقترح الدمج على النحو الآتي: إجراء البحوث والدراسات والقياسات المتعلقة بحماية النزاهة ومكافحة الفساد وبيان آثاره الاجتماعية والاقتصادية، مع توفير الدعم اللازم لتحقيق ذلك، وحث مراكز البحوث المتخصصة ومؤسسات المجتمع المدني على الإسهام في ذلك. خامساً: يلاحظ على الاختصاص رقم 19، 20 التشابه الشديد بينهما لذلك نرى دمجهما على النحو الآتي: تنظيم المؤتمرات والندوات والدورات التدريبية حول الشفافية والنزاهة ومكافحة الفساد، وتمثيل المملكة في المؤتمرات والمحافل الدولية المتعلقة بهذا الشأن، وتفعيل سبل التعاون مع الهيئات والمنظمات الإقليمية والدولية العاملة في هذا المجال. سادساً: يلاحظ على الاختصاص رقم 8 أنه نتيجة مترتبة على الاختصاص رقم 7 لذلك نرى إدماجهما على النحو التالي: مراجعة أساليب العمل وإجراءاته من الجهات المشمولة باختصاصات الهيئة بهدف تحديد نقاط الضعف التي يمكن أن تؤدي إلى الفساد، والعمل على معالجتها من خلال اقتراح الأنظمة والسياسات اللازمة لمنع الفساد ومكافحته، وإجراء مراجعة دورية للأنظمة واللوائح ذات الصلة، لمعرفة مدى كفايتها ووسائل تطويرها وفقاً للإجراءات النظامية. سابعا: بخصوص الاختصاص رقم 9: جاء النص كالآتي:"إعداد الضوابط اللازمة للادلاء بإقرارات الذمة المالية وأداء القسم الوظيفي، لبعض فئات العاملين في الدولة ورفعها إلى الملك للنظر في إعتمادها". ونأمل أن تقوم الهيئة وهي بصدد إعداد الضوابط، بإرساء قاعدة هامة تتمثل في"دورية الإقرار بما في الذمة"بحيث لا يقتصر فقط عند تولي الوظيفة وانتهائها، بل الثلاث سنوات، للتأكد من الحالة المالية للموظف هو وأفراد عائلته أولاده وزوجته ووالديه وإعداد تقارير بذلك عن كل فترة ترفع إلى الملك مباشرة من أجل إتخاذ اللازم بشأنها. ثامنا: المادة الرابعة علاقة الهيئة بالجهات الأخرى. جاء نص المادة الرابعة، ليشير إلى تعاون الجهات الرقابية المختصة مع الهيئة في مجال عملها، ولم يحدد النص صور هذا التعاون، بل اقتصر النص على عبارة:"في شأن أي استفسار أو إجراء". لذلك نرى عند وضع اللوائح التنفيذية أن يتم بيان أوجه التعاون بشكل محدد، حتى لا يتصادم عمل الهيئة مع الجهات الرقابية.