على رغم من الاتفاق العام على أهمية العزل الحراري في البنايات كافة، إلا أن تبايناً كبيراًَ طفا على السطح أخيراً بين مختصين في المجال الهندسي في شأن إلزام كل أنواع البنايات بتطبيقه، إذ رأى أحدهما اقتصار الإلزام ب«قرار العزل» على المنشآت الحكومية والتجارية فقط من دون السكنية، مبرراً لذلك بارتفاع الكلفة المالية على المواطن، في حين لفت الآخر إلى أن طرقاً عدة تقف في صالح المواطن عند تركيب «العوازل الحرارية». وأكد رئيس الاتحاد العربي لمراكز التحكيم الهندسي الدكتور نبيل عباس أن تطبيق قرار «العزل الحراري» إلزامي للمباني كافة، مطالباً البلديات بالحرص على تطبيقه بالطرق كافة. ولم يستثن عباس البنايات السكنية من شملها بالقرار، وقال ل «الحياة»: «على المواطن أن يختار أحد الطرق التي تمكنه من إجراء العزل الحراري على بنايته، إذ توجد طرق عدة توافق غالبيتها وضعه المادي وظرفه الاقتصادي»، وأضاف: «أن هذه الطرق جاءت نتيجة دراسات أجرتها شركة الكهرباء، وأكدت أن تركيب المواطن للعوازل توفر عليه 30 في المئة على الأقل من فاتورة الكهرباء»، كاشفاً وصول نسبة تفعيل القرار في جدة إلى 70 في المئة بسبب تفهم سكانها لموضوع الوفرة التي يحققها تطبيق العزل». وتابع: «يرفض الناس عامة أي شيء يسبب زيادة الكلفة، بيد أنهم إذا شعروا أن القرار سينعكس عليهم إيجاباً سيطبقونه في صورة مثلى»، لافتاً إلى أنه لا يوجد تشديد على تركيب هذه العوازل. وانتقد عباس بشدة متابعات البلديات في شأن القرار، وأردف: «تكتفي البلدية بالإلزام على تفعيل قرار العزل الحراري في البنايات كافة، بيد أن متابعاتها تأتي في غالبيتها ضعيفة ، كما أنها تصرف للمهندسين المشرفين من أصحاب المكاتب الهندسية أموالاً لتطبيق الإجراءات لكن كثيراً منها لا تتأكد من وضع النظام، ما ينبىء بوجود تقصير في التشديد على أن يكون لكل شخص عازل حراري». وأبان رئيس الاتحاد العربي لمراكز التحكيم الهندسي أن للعزل الحراري فوائد عدة، إذ يمنع ولوج الحرارة إلى داخل المنشأة، ما يقلل من كمية استهلاك الكهرباء التي يحتاجها المكيف حتى يبقي درجة الحرارة جيدة وثابتة، والعكس فإن الاستهلاك الكهربائي يتضاعف في حال عدم تركيب عازل حراري في المبنى، وعلى الجانب المقابل يفيد العزل الحراري في المناطق الباردة في منع خروج الحرارة من الداخل إلى الخارج عند التدفئة فيصبح المبنى دافئا بأقل ما يمكن من استهلاك الطاقة الكهربائية. وعلى النقيض من سابقه، أعلن عضو هيئة المهندسين السعوديين المهندس جمال برهان رفضه بشدة، إلزام المواطن بتركيب العازل الحراري بسبب الكلفة الاقتصادية المرتفعة التي يتطلبها، مشيراً إلى أن تطبيق العزل الحراري تزيد كلفته على كلفة البناء20 في المئة، ما يؤثر على موازنة المواطن، خصوصاً إذا وضعنا في الحسبان كلفة بناء المنزل الذي أصبح –وفق وصفه- من المستحيلات. ورأى برهان إلزام الجهات الحكومية بتفعيل قرار «العزل»، محذراً من الانسياق خلف محاولات البعض من تلك الجهات التنصل من تطبيق القرار والتقليل من أهميته بحجة أن العمل في المؤسسات الحكومية يكون في فترة لا تتطلب مثل هذا الإجراء (من السابعة والنصف صباحاً إلى ما بعد الظهر). وفي هذا السياق، أوضح أنه سبق لهيئته المطالبة بإنشاء «هيئة خاصة بالمشروعات الحكومية» تعمل على متابعة تنفيذ إجراءات العزل الحراري في المنشآت الحكومية بعدما أحست بتأخر مشروعاتها في هذا الجانب، بسبب أن لكل وزارة إدارة خاصة بمشروعاتها.