ذنبي أنك أبي! وددت إرسال رسالة إلى أبي عبركم حضرة المحامي، أقول له: «ماتت أحلامي التي تكونت في شبابي، فتموت مرة أخرى، وهي لا تتجاوز تلك المرحلة، كم بنيت بيوتاً وقصوراً تتجاوز السماء، وسقيت الحلم بمادة عاطفة ومودة كست العالم، وغطت لون الشمس بدفء الحب. وكم تمنيت وتمنيت ورسمت في نظرة عيني شكل الحياة، وعلى رغم أنني لم أجد الحنان المعهود والمولود من أي مخلوق على وجه الكون، وأظل أبحث عن الحنان في أركان المجهول وفي داخل حبات الرمال، وفي كل أنحاء الوجود، وأشرب الحنان في لهو الأطفال وبكائهم، ومن رحمة قلوب الشيوخ على أطفالهم، كنت أحلم ولن أعتقد أن حلمي سيستيقظ يوماً ما على صوت بكاء أطفالي، فقد مات حلمي مبكراً لأبكي بحرقة فتصرخ دموعي، متألمة من بكائي وأدخل في دوامة التفكير وأسجن بداخل الأسئلة «لماذا» فأعاود كرة البكاء لتنوح روحي حزناً من أشجاني. تستمر رحلة السفر مع النفس فلا أجد أي طريق لكي أسلكه وأدخل مرة أخرى دوامة التفكير والسجن بحيز صغير وضيق لا مجال للحياة فيه، مهما حاولت أو فعلت فمن مات لا يستطيع التنفس يا أبي فلقد قسوت علي دائماً، وجعلتني دائمة البحث عن الأمان الذي لم تستطيع أن تقدمه لي فأنت مازلت تطالبني بثمن تعليمي وأكلي ومشربي وإقامتي معك، والهدايا، التي لم تقدمها لي، وها أنا لم تنفعني دموعي ولا توسلاتي لك أبداً. ويمضي عمري لأشاهد مرآتي والتجاعيد تكسو ملامحي من دون رفيق يكمل معي الحياة ولأشكو له معاناتي، ولا أملك حتى طفلاً أحتضنه، فغريزة الأمومة تعذبني، فما الحل؟ وأين أذهب؟ وكل من حولي يحسسني بأنني ثقيلة جداً، نعم أملك شهادة وجمالاً يشهد به الجميع ولكن ذنبي الوحيد أنك أبي فكيف أفك أسري. فما الحل برأيك يا أستاذي؟ أمنية الرياض - عزيزتي السائلة، مشكلتك هي أنانية بعض الآباء الذين لا ينظرون إلا من منطق الأنانية، وأبنائي في رعاية الله، فنعم بالله، ولكن أين رحمتهم هم؟ ومع ذلك فلن أرمي الثقل كله على والدك، بل سأشاركك أنت لأنك إحدى الفتيات اللواتي قفلن على حقوقهن بقفل الخجل، واعتبرن إعلانهن برغبتهن في الزواج هي من باب الوقاحة، ونسين أن الزواج هو المودة والرحمة والأسرة والأمومة، فعليك أولاً عزيزتي أن توجهي رسالتك هذه بصوتك لأبيك، تخبريه فيها بأن يرحمك برحمة الله عليك وتناشديه بأن يتنازل عن حقك الذي كتبه الله لك. وإذا لم تستطيعي الوصول إلى حل معه فلن يكون أمامك إلا اللجوء للقضاء الشرعي الذي سيقوم بدوره بحل مشكلتك ولا تعتقدي بأن قيامك بذلك فيه معصية لأبيك، فقد يكون الأمر صعباً وأنا أؤيدك بذلك ولكن لا طاعة لمخلوق في معصية الله. ومنعك من الزواج فيه معصية لله، خصوصاً إذا كان سبب رفض أبيك هو من أجل طمع الدنيا ونسى طمع الذئاب البشرية فيك.