رغم تطور وحداثة الزمان والمكان، وتعدد وسائل النقل واختلاف أشكالها وميزاتها، كان ولا يزال ميدان الدراجة الواقع شمال محافظة جدة منظراً يلفت الانتباه لكل من يمر بجواره أو حتى من مسافة بعيدة، فهو من مجسمات العروس الجمالية الضخمة، ويمثل رمزاً لازدهار الصناعة فيها، فقد ُصنعت هذه الدراجة من بقايا أول مصنعٍ سعودي للرخام, وليس من الغريب تسجيلها في موسوعة غينيس العالمية للأرقام القياسية، كأكبر دراجة هوائية في العالم بأكمله. ورغم زحام المدينة وكثافة طرقها، إلا أن أعين السائحين إليها لا تنفك تتأمل في أجزاء هذه الدراجة الضخمة، ولربما أن كل جزء منها يحمل لأحدهم ذكرى بدراجته الصغيرة عندما كان طفلاً. وعلاوةً على ذلك فميدان الدراجة يعتبر متنزهاً للكثير من الأسر التي تجد مساحة كبيرة في ذلك الميدان لتمارس أنشطتها الترفيهية مع صغارها, وهي ذكرى ترسخ في أذهان السائحين, أما العابرون من بوابة الحرمين فيحرصون بحماس على التقاط صورٍ تذكارية لأنفسهم أمام هذا الميدان. وتكاد الجهات الحكومية في جدة تنكر جميل هذا الميدان على المدينة، متناسيةً أثره الإبداعي البالغ على المنطقة، لكي تقوم بإزالته وحفر أنفاق وجسورٍ على أنقاضه، لتفكك عجلاته بعيداً حتى تطير ملتحقةً بميدان"الطيارة", الأمر الذي ألقى بظلاله تأثراً وحزناً في نفوس الجداويين على فقد"الدراجة"التي تمثل علامةً لمدينتهم، ومعلماً عالياً شهيراً، غير أن الرغبة في التطور والتوسع العمراني حتمت على أمانة المدينة إزالته، حتى لا يقف عقبةً أمام أعمال الإصلاح والتطوير التي يعيقها بقاء هذه الميادين. ويرى أبو مبارك أن إزالة الميدان خسارة كبيرة تثير في نفسه الكثير من الأحزان والذكريات الجميلة التي عاشها في جدة، وقال:"أسوأ ما أحسه هو رؤية المنطقة تتغير بإزالة معالمها"، أما عبدالله الحبيب فكان يشهد الكثير من الحركات التجارية من عددٍ من البائعين مستغلين توافد السائحين والمقيمين لهذا الميدان, ويتساءل:"هل سيقومون بإزالته من موسوعة غينيس إذا أزالوا هذا الميدان؟", ويؤكد في الوقت ذاته أنه سيبقى يذكر لأبنائه ولكل من سيسكن بالقرب منه قصة الميدان التاريخي الضخم.