أمر كمالي في حفلات الزواج يستطيع الجميع إتمام أعراسهم من دونه، إلا أنه يفرض نفسه بقوة وبأسعار تصل إلى 100 ألف ريال، بعد أن تهافتت الأسر على المحال المتخصصة في"الزفات"، لاختيار كلمات غنائية أو إنشادية أو إلقائية، تتم بطريقة المرور وسط الحاضرين من النساء، وتكون موجهة للعروسين، ويؤديها أشخاص معروفون في مجالهم، وكلما علت شهرة المؤدي زادت قيمة الزفة، لأن أهل الحفلة كسبوا ميزة ترفع من تفاخرهم الموقت، من دون التفريق بين المقتدر مادياً وصاحب الدخل المحدود. وذكر أحد الاختصاصيين ناصر العوجان أن"الزفّات"الخالية من الأسماء تبدأ أسعارها من 002 إلى 005 ريال، وإذا كانت بالأسماء كبيرة تبدأ من 007 إلى خمسة آلاف ريال، وأنه كلما زادت الأسماء التي يُطلب ذكرها خلال الزفّة زاد السعر، أما إذا كان الطلب على مغنٍ أو شاعر مشهور فتصل إلى 90 ألف ريال وأكثر، وقال:"الزفّة في الوقت الحالي أصبحت لدى البعض لا تقل أهمية عن فستان الزواج، ولا يمكن الظهور أمام الحاضرين من دونها، والطلب عليها ينهال قبيل الصيف أو خلاله، وعادةً ما يكون قبل المناسبة بفترة محددة، للتمهّل في الاختيار". وأضاف أن جميع الطلبات التي يتلقاها تكون من الفتيات فقط، وأن معظمها تصبّ في الأعمال الإيقاعية الخالية من الموسيقى، مراعاة لبعض حضور الحفلة ممن يرفضون وجودها والاستماع إليها، مشيراً إلى أن أقصى ما يحاولن الحصول عليه هو اختيار الزفّات المميّزة التي يعتقدن أنها ستبهر الحضور. وأشار اختصاصي آخر هو دخيّل المانع إلى أنه يستبعد وجود أسعار محددة للزفّات، إذ إن القائم عليها هو من يحدد سعرها بحسب حجم العمل من بدايته حتى إخراجه بشكله النهائي، وقال:"عادة لا تقل سعر الزفّة الواحدة عن 500 ريال، ومثل هذا النوع من الزفّات هي التي تكون عامة وليست خاصة، بمعنى أن تكون الكلمات والأداء جاهزين، ويتم تركيب الأسماء عليها فقط، أما إذا طُلبت بشكل خاص وبصوت محدد فإنها بالتأكيد لا تقل عن ثلاثة آلاف ريال، ويزيد هذا المبلغ كلما تم طلب اسم معروف لأدائها بصوته، لدرجة تخطيه حدود ال 100 ألف". وأضاف أن سوق الزفّات تعد من الأسواق الموسمية، ولا يكون الإقبال عليها إلا في الإجازات، خصوصاً الإجازة الصيفية، إذ يكون بزيادة 07 في المئة عن بقية أيام السنة، أما في غيرها من الأوقات فمن النادر طلبها، إلا من بعض المدارس أو المراكز المتخصصة التي تقيم بعض الحفلات الخاصة وترغب بأعمال تتناسب معها. وذكرت الاختصاصية الاجتماعية الدكتورة حصة العزاز أن دفع بعضهم مبالغ طائلة في"زفّات"حفلات الزواج، يعتبر سلوكاً مرضياً، وأنه يكاد يكون ضرباً من الجنون، موضّحة أن أبرز الأسباب المؤدية لممارسة مثل هذه السلوكيات هو الاعتماد على التقليد، والحرص على المظاهر، والعمل على إرضاء الآخر من دون التفكير في الذات. وقالت:"استغرب كيف يتم دفع مبالغ تفوق ال100 ألف على أمر يُعتبر من الكماليات في حفلة الزواج، فأنا لا أرفض الزفة بذاتها، بل على العكس، فالحالة الطبيعية في الحفلات هي الفرحة، لكن بالإمكان إيجاد الزفّة بشكل معقول وبعيد عن المبالغة، حتى بالنسبة للمقتدرين مادياً"، مشيرة إلى أن المشكلة أن هناك من يسعى لتقليد المقتدرين مادياً ليدخل نفسه في مشكلات مادية، لإشباع رغبات الآخرين وإرضائهم، من دون اقتناع وتفكير في التوجهات الذاتية والميول".