في دول العالم الأول يُحتفى بالنساء في الثامن من شهر آذار مارس من كل عام كتكريم للشراكة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي يقمن بها لرفعة شأن بلادهن، وفي بعض الدول كالصين وروسيا وكوبا تُمنح النساء إجازة رسمية من الدولة وبها يتم استعراض أبرز المنجزات التي تمت على الأصعدة كافة، ويتم تسليط الضوء على أسماء نسائية نحتن في الصخر حتى يحصلن على فرص متكافئة مع أخواتهن الذكور، ونحن في المملكة العربية السعودية لا تزال خطواتنا متواضعة مقارنة مع ما حققته مثيلاتنا من النساء عالمياً، حينما يتصارعن لأجل فكرة تبنينها نصرخ ها هنا بكفى عنفاً، وفي موضع آخر نستجمع قوتنا لنقف في وجه موضة باتت رائجة أمام صمت اجتماعي غير مبرر وهو زواج القصر لأزواج أيامهم في الحياة باتت معدودة. حينما تحتفل أخواتنا النساء بالكويت بصناعة التاريخ وتقلد مناصب برلمانية تقابل إخوتنا المرشحات للغرفة التجارية بخطابات مناصحة من بعض رجالات الدين ممن حضروا إلى مراكز الاقتراع في محاولة لثني المرشحات، وهو تجاوز غير مبرر لطالما كانت العملية تتم وفق ضوابط وشروط أخلاقية ودينية. حتى لا يتراءى لمن يقرأ مقالتي أنني ذات نظرة سوداوية، فإني لا أنكر وجود أسماء سعودية برزت في مجالات عدة وسبق تكريمهم على المستوى الدولي، إنني لا أنكر الدور الأبوي الذي يلعبه عاهلنا الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود في إشراكه للمرأة في مجلس الشورى، والرحلات الدولية التي يقوم بها، وبرنامج الملك عبدالله للابتعاث الخارجي، الذي حقق للمرأة الحصول على جودة تعليمية من أرقى الجامعات العالمية، ولكن ما يجعلني أتجرع المرارة هو تعزيز الإعلام الداخلي وقصر دور المرأة ببرامج الأسرة والمكياج والموضة، وهذا جرم بحق النساء اللواتي لهن أدوار حيوية في المجتمع، فمنهن التي تسهر على تطبيب المرضى، وأخرى مع ساعات الفجر الأولى يبدأ يومها بتربية النشء، وأخرى تبلي بلاءً حسناً في مجال المال والأعمال من خلال المصرف الذي تعمل به، وربات البيوت اللائي يقمن بأكثر من دور بلا كلل ولا ملل، وفي أحيان عدة يعوضن غياب رب الأسرة المرتبط بأعمال خارجية تتطلب سفره أو تأخره لساعات متأخرة. أمر آخر يجعلني أشعر بالاختناق ألا وهو الهيمنة الذكورية في المجتمع وتعزيز فكرة أن المرأة معوقة وتحتاج دوماً إلى أن تتكئ على أخيها الرجل ومعاملتها كمواطنة من الدرجة الثانية، فلا تجدها تتقلد مناصب قيادية في أي مجال إلا واجهت حرباً ضروساً للتقليل من كفاءتها، ويُشَكَل لوبي ذكوري سريع ليتدارك الموضوع، فهي تهدد سلطته باستقلاليها المادي والمعنوي. كلمة حق أخيرة أختتم بها، إن النساء في المملكة مساويات لزميلاتهن المنجزات حول العالم، ولديهن القدرة على الخلق والإبداع ولكن ينقصهن فقط ثقة وحسن ظن، وفي هذا اليوم أحيي جميع نساء الأرض قاطبة على ما حققنه من منجزات سيخلدها التاريخ، كما أحيي الشرفاء من الرجال ممن أيقنوا أن المجتمع لا يقوم على جنس من دون آخر، ومدوا أيديهم لأخواتهم النساء... كل عام وأصواتنا مسموعة وأفعالنا مخلدة. أريل مهنا اللامي طالبة دراسات عليا - أميركا [email protected]