في دراسة أجرتها الدكتورة ابتسام حلواني، حول السرعة في قيادة الشباب للسيارة، توصلت في نتائجها، أن 57 في المئة من الشباب يقود السيارة من أجل تحقيق الشعور بالمتعة والنشوة، و90 في المئة من الشباب يدركون مخاطر السرعة، ولأن الشعور بالمتعة وعدم أخذ الحذر يدلان على أن السيارة في يد شاب لم يصل إلى درجة النضج الكافي التي تؤهله لقيادة السيارة، لأن هذا الشعور المرغوب قد يكلف الإنسان حياته ويكلف المجتمع أنفساً أخرى من دون مبرر . أكتب خاطرتي عن سعيد عيسى الناصر، رحمه الله، صبي في عمر الورد... ضحية سرعة جنونية من شاب متهور يقود سيارته"70 كيلو متراً"في أحياء سكنية من دون أي اعتبار إلى من في الشارع. "لوكانت السرعة أقل من 70 كيلو متراً لكان حجم الإصابة أخف بكثير ولكن قوة السرعة أوقفت كل أعضاء جسم المصاب سعيد"، هذا رأي طبيب أشرف على تشخيص حال سعيد بعد الحادثة. يا أم الولد... يقولون لك... إن ابنك رحل إلى عالم السماء... حيث الملائكة تحتضن أرواح الصغار من البشر ... يا أم الولد... يقولون لك إن ابنك مكفن... ومسجى على المغتسل... ودعيه... وقبليه... وأمعني النظر في ملامح وجهه... المشرق بلقاء ربه... يا أم الولد... يا من قلبها... من لوعة الفراق انفطر ... تنحي قليلاً... سيحمل نعش ابنك على أعناق الرجال... تنحي قليلاً... لقد حانت ساعة الفراق... واستعدي ياأم الولد إلى عمر... سكونه عواصفه... أوجاع ... أهات وحسرات... سرقه من عينيك... من حضنك... من حياتك... متهور يقود سيارته بجنون... عابثاً بالأرواح... دونما شعور أو إحساس... اغتال البراءة... طعن البدر... وحفر قبراً إلى الضياء... وأشعل جمراً... في قلوب من يهواه... أيا سعيد... أيا سعيد... كنت على الأرض تتعفر ... وكأنك طيراً مذبوح... قتلتك السرعة الجنونية... بل إن دراجتك الحديدية... انشطرت نصفين ... هكذا فعلت تلك السرعة المجنونة... في الحديد... فما عساها فعلت بجسدك النحيل... احذر أخطاء الآخرين... كان شعا ر المرور والسلامة... هذا العام... وأنت قصف عمرك... عابث... يقود سيارته بجنون... يا أم الولد... لملمي كتبه... أقلامه... دفاتره و خبئيها... في حقيبته المدرسية... احضني الحقيبة... واذرفي الدمع... فمن هنا تبدأ أوجاع الذكرى... خلا فناء المدرسة... منك يا ولدي... ومقعدك الدراسي يناديك ياولدي... بالأمس كنت هناك... في الفصل... تلوح بأصبعك إلى معلمك... مجيبا ًعن أسئلة الدرس... أيا ولدي أرى ملامحك... في كل صبي يمر بي... ولا يسكن الأنين... ولا تهدأ الروعة... وأنا أشاهد أسوار مدرستك... وكأنك هناك خلف الأسوار... تلعب... وتركض مع صحبك الأحباب... وكأنك هناك تخرج من المدرسة... فتعودُ لي تحكي حكايات... يومك الدراسي... ويسأل عنك كل الطلاب والأساتذة... وعذر غيابك يكتبه والداك... بدموعٍ كالنار... وبكى يا ولدي... أصحابك الصغار... في أحضان أمهاتهم... يسألون عن الموت الذي غيّبك... يسألون عن القضاء... وعن سر الأقدار ... عاتكة دهيم - صفوى