لا أحد يعلم إن كانت البيوت التي أقفرت من أهلها النازحين جراء الحرب في جنوب المملكة، ستحن إليهم أكثر أم أنها وجدت عزاءً وتسلية بساكنيها الجدد الذين لم يهن عليهم تركها خاوية على أضرارها، فهاهم أعضاء من لجان حصر الممتلكات في محافظة الحرث في منطقة جازان يجدون تلك المنازل مأهولة، إذ يسمعون أصواتاً غريبة تصدر عنها، ويرون شرفاتها تحلق عبرها أنواع لا حصر لها من الطيور الجارحة، كما ساعدتها تضاريسها المتنوعة بالمناطق الجبلية والسهول والغابات وخلوها من السكان، بتكاثر تلك الطيور في الأشجار والمباني الخالية، التي مع ازدياد الأصوات الغريبة داخلها لم يوجد لها مصادر سوى الصقور والعقبان والخفافيش. وذكر أحد أعضاء لجنة حصر أضرار الممتلكات في محافظة الحرث عبده مجرشي أن هناك بعض الأصوات الغريبة في تلك المنازل المهجورة وخصوصاً المتضررة، إلا أنه لم يلاحظ على بقية زملائه باللجنة أي رد فعل جراءها، وأنهم وصفوها بالطبيعية لتأقلمهم على طبيعة المحافظة، ولوجود الكثير من المشاهدات اليومية اللافتة كالثعابين والعقارب والزواحف، مشيراً إلى أن تلك الطيور تكثر في المنطقة بشكل كبير، خصوصاً بعد نزوح أهالي القرى، مثل الطيور الجميلة غير الجارحة كاليمام الفاكهاني ذي الألوان الزاهية الذي يتغذى على الفواكه والحبوب والخضار الطازجة في غابات وادي الدحن. وأضاف أن هناك طائر الوروار بنوعيه الصغير الذي يتميز باللون الأخضر والرقبة الصفراء والزرقاء والطوق الأسود ويتغذى على الحشرات وأبرزها النحل، والذي يسميه أهالي المنطقة بالحوقل، والنوع الثاني ذو الحجم الكبير الذي يتميز باللون الأزرق السماوي والأخضر ويسميه أهالي المنطقة ب"الشغاغة"نظراً لصوته الصاخب عند غروب الشمس، إلى جانب أنواع مثل الحجل وطائري العقب واللقلق وطيور السمان التي تشتهر بها المنطقة. ولفت إلى أن المنطقة الجبلية والغابات تعتبر من أشهر أماكن حضانة الشاهين والشيهان، ومنطقة خصبة لتفريخ الحدأة والبوم التي تتغذى على القوارض والثعابين والزواحف.