ثقافة الوسط الرياضي الخليجي تحددها قناعات اللعبة الجماعية مهما كانت كلفتها، على حساب الألعاب الفردية مهما كانت إنجازاتها، وهذه ثقافة توارثتها الأجيال ونحتاج إلى سنوات وسنوات لنخرج من وهج كرة القدم المزيف إلى رياضة الذهب والإبداع والتألق. الطابور الإعلامي في عدن ورجال الذهب في غوانزو الصينية وبين المدينتين مسافة حضارة أجيال تلتفت لفتات مائدة كرة القدم الشحيحة وتتجاهل لمعان الذهب على صدور الرجال في محفل الصراع الحقيقي والرياضة ببعدها الحضاري ووهجها الذي لا يخفت أبداً. قنوات فضائية تسكب مسامراتها المتشنجة على طاولة الهائمين بكرة القدم وجلدها"المنفوخ"، وطابور إعلامي من كل دول الخليج يتسكع خلف فئران وهمية وتصريحات منفلتة وركض ميداني على البساط الأخضر يذكرنا برياضة السبعينيات وبداية الثمانينيات، ما الذي بقي بعد جاسم يعقوب وماجد عبدالله والثنيان والهريفي وفاروق إبراهيم وأحمد عيد وفتحي كميل وحسين سعيد وغيرهم، لكي نجيش هذه الطاقات وهذه المسامرات وهذه المساحات لجلد"منفوخ"قد يتدحرج قبل وصوله للكأس، وقد ينسم على طرفي الملعب. تابعت أمس ركض لاعبي ألعاب القوى وهم ينتزعون الميدالية الذهبية في سباق 400م تتابع ثم لاعبنا الفذ سلطان الحبشي وهو ينتزع الميدالية الذهبية من أنياب أبطال آسيا وتابعت من قبل محمد شاوين وهو يندفع نحو خط النهائي في سباق 1500م ليقدم للسعودية قيادة وشعباً الميدالية الذهبية، إنها لحظات مثيرة وممتعة وتكشف عن مساحة المواطنة الصادقة والحب لتراب هذه الأرض المباركة، لحظات تحتبس خلالها الأنفاس وتزداد دقات القلب توتراً وسرعة، نعم الركض للرجال والذهب على صدور الرجال والسعودية براية التوحيد تتراقص طرباً في غوانزو الصينية، والحدث الحقيقي في آسياد آسيا وليس في مدينة الشعر والطرب عدن الجميلة. معقول جداً أن نمنح كرة القدم المساحة التي تستحقها، لكن ألعاب الذهب أيضاً لها رونقها وتاريخها، ولها حضورها القاري والعالمي، فرساننا كتبوا أجمل السطور في آسياد آسيا ورجالنا اعتلوا هرم الإبداع وهم يتجهون بميدالياتهم نحو العالمية المرتقبة صيف العام المقبل في كوريا الجنوبية. عدن قريبة لذا اتجه الطابور الإعلامي للأقرب لأن الأقربين أولى بالمعروف في مفهوم"الجلد المنفوخ"، ومدينة غوانزو الصينية بعيدة وبعيدة جداً، لكن لمعان الذهب على أبطال الفروسية وأبطال ألعاب القوى وصل إلى عيوننا وقلوبنا رغم المسافة الأرضية والحضارية ورغم العقلية التي أفقدتنا القدرة على تحديد الاتجاهات فلم تعد لدينا معرفة بالجهات الأصلية ولا الفرعية لأن البوصلة تتجه نحو"الجلد المنفوخ"فقط. [email protected]