كشف رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان الدكتور مفلح القحطاني عن رصدهم تجاوزات أخلاقية تحصل في مستشفيات ومراكز للبحوث في السعودية تقع أثناء إجراء البحوث على المرضى، عبر أخذ عينات خاصة من بعض المرضى من دون موافقتهم أو علم ذويهم، يُخشى - بحسب القحطاني - أن ترسل إلى الخارج لإجراء بحوث وصفها ب"غير الشرعية". واتهم القحطاني بعض الباحثين بتعمد إرسال العينات - التي تحدّث عنها - إلى الخارج بطريقة"غير قانونية"، ليستفاد منها خارجياً أو داخلياً في أمور"غير شرعية"، كالاستنساخ مثلاً، مشيراً إلى أن بعض الباحثين يرسلها إلى الخارج لجهله بالأنظمة والقوانين. ونبّه إلى أن مخاطر أخرى من الممكن أن تواجه الأشخاص الذين قد تؤخذ منهم عينات من دون موافقتهم أو من دون علم ذويهم، منها عدم توافر السرية في حال اكتشاف بعض الأمراض لديهم التي لا يعلمون بوجودها أصلاً، ما سيكون لهذا الأثر انعكاسات اجتماعية وآثار نفسية غير جيدة على المريض، ناهيك عن إجراء بعض الأبحاث الممنوعة على تلك العينات. وأكد أن عملية البحوث على المرضى في السعودية لا تستند إلى قانون يضبطها، واصفاً إياها ب"غير المنظمة"، فهناك سلبيات في عمليات إرسال العينات إلى الخارج، وتجاوزات أخلاقية وتنظيمية وقانونية على حقوق المرضى خلال إجراء البحوث، مشيراً إلى أن الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان تلقت شكاوى بهذا الخصوص. وقال القحطاني:"يفترض أن تكون مثل هذه الإجراءات خاضعة لنظام محدد وواضح، يلتزم به الباحثون بدقة، في ظل وجود جهات رقابية تراقب عن كثب هذا الموضوع، وهذا ما تعمل عليه جاهدة لجنة الأخلاقيات الحيوية والطبية السعودية التي تم تشكيلها من جهات عدة، وعملت من أجل وضع القواعد وتركيبها بكل ما يتعلق بالبحوث". وأوضح أن لجنة الأخلاقيات الحيوية والطبية السعودية طلبت من الجهات السعودية التي تدير مراكز أبحاث ضرورة إنشاء لجان محلية للأخلاقيات الحيوية والطبية، مشيراً إلى أن أخلاقيات البحوث قد يجهلها كثيرون. وذكر أن لجنة الأخلاقيات الحيوية والطبية وضعت مسودة لنظام البحث عن المخلوقات الحية،"وهو الآن في هيئة الخبراء بعد أن أرسل من مجلس الشورى، وهو في مراحله النهائية للاعتماد، إذ سيحدد الشروط الواجب الالتزام بها عند البحث عن أي كائن حي، سواء أكان يخص الإنسان أو الحيوان أو حتى النبات، لضمان عدم التعدي بالدرجة الأولى على الإنسان سواء أكان مريضاً أو معافى". وذكر أن مسودة النظام كانت تتكون مما يزيد على 100 مادة تم تقليصها مرات عدة إلى مواد متعددة، ومنها أنه يجب على كل جهة تقوم بأبحاث أن تكون لديها لجنة للأخلاقيات المحلية تجيز البحث، سواء في المستشفيات المهمة أم في المراكز البحثية، ومكتب لمراقبة البحوث وهو موجود الآن في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية. ولفت إلى أن بنود المسودة تتضمن أيضاً توفير الحماية للأشخاص من الأطفال أو النساء أو السجناء أو العمال، أو الكائنات الحية التي ستكون خاضعة للبحث، مشيراً إلى وجود إجراءات معينة ينبغي الأخذ بها عند أخذ العينات أو اختيارها أو إرسالها أو تخزينها، من خلال إيجاد بنوك مركزية لفرض الرقابة على العينات موضوع البحث. "صيغة موحدة" لحماية حقوق المريض أكد رئيس جمعية حقوق الإنسان السعودية الدكتور مفلح القحطاني أن لجنة الأخلاقيات الحيوية والطبية السعودية تسعى لإيجاد صيغة موحّدة للشروط البحثية والأخلاقية الواجب اتباعها في البحوث داخل المملكة، من أجل حماية حقوق المريض أو العائلة. وقال:"تتابع اللجنة المنشآت الصحية الطبية المختلفة التي تتوافر فيها مثل هذه المختبرات، عبر وضع الضوابط والمعايير الأخلاقية للبحوث الحيوية والطبية ومتابعة تنفيذها". وأوضح أن الضوابط الإجرائية تأتي من خلال تشكيل لجان متخصصة لأخلاقيات البحوث الحيوية والطبية في المستشفيات والمراكز البحثية في المملكة، تكون مهمتها مراجعة الأبحاث والدراسات المقدمة ومدى موافقتها لضوابط ومعايير الأخلاقيات الحيوية والطبية، ومن ثم إقرار هذه الدراسة أو رفضها، مع التوجيه والإرشاد. ودعا القحطاني إلى الاستفادة من الكوادر الوطنية المؤهلة في الجامعات والكليات والمعاهد البحثية لإعداد خطة وطنية متكاملة، وإنشاء قاعدة بيانات للكوادر الوطنية المؤهلة في مجال التقنية الحيوية والهندسة الوراثية، لتجنّب الازدواجية وتكرار الفحوصات المخبرية عند إنشاء الوحدات المتخصصة بالتشخيص الوراثي، واعتماد نظام تحويل متكامل للتشخيص المباشر لبعض الأمراض الوراثية وبطريقة سريعة ودقيقة، والاهتمام بالحفاظ على سرية وأمن المعلومات. وذكر أن اللجنة تسعى للتعاون مع الجهات ذات العلاقة للإسهام في نشر الوعي والتثقيف الصحي للأطباء والعاملين في المجالات الصحية وللمجتمع بصفة عامة عن دور الأبحاث خصوصاً الجينية وأهميتها، وتسجيل جميع الحالات الوراثية الموجودة في المملكة، وحصر ذلك في نماذج إحصائية لتسهم في تنظيم وتقديم الرعاية الصحية في المملكة، مع حفظ المادة الوراثية والأنسجة في بنك متخصص، حرصاً على أمانة وسرية المعلومات، وتحريم التشهير واستعمال مثل هذه المعلومات من أجل إثارة المشكلات في المجتمع.