أثار الروائي والمفكر تركي الحمد جمهور نادي جدة الأدبي، عندما أطلق جملة من الآراء والتقويمات، حفزت الحضور للتحاور معها، ومنها:"أن المجتمع السعودي نضج في التسعينات وأصبح مدنياً وصار باستطاعته أن يكون شفافاً ويكشف عن المستور بصراحة وجرأة، لذلك عندما أصدرت الثلاثية كنت صريحاً فأحدثت الرواية لغطاً كبيراً بسبب أن المجتمع لم يكن معتاداً على الصراحة". وأيضاً مقولاته من نوعية:"المجتمع السعودي مجتمع ممزق ومزدوج وأحياناً منافق"مستدركاً"لكن هذا المجتمع بمثابة حفرة روائية ومنجم روائي لم يستخرج كل ما فيه، وفي أعماق كل شخص منا رواية، فأتوقع ازدهاراً كبيراً في المستقبل للرواية". وأكد الحمد، الذي كان ضيف جماعة"حوار"في نادي جدة الأدبي ضمن محور"حوار مع شخصية"مساء الثلثاء الماضي، وأداره الناقد حسن النعمي وشهد حضوراً كبيراً من الجنسين ومن التيارات كافة، بأن"من يدعون الليبرالية لا يعرفون ما هو المنهج الليبرالي وأن أعظم ليبرالي عربي تجد سلوكياته في بيته سلطوية نمطية". وأعقب"أن الإسلامويين يسيئون لأنفسهم وليس للفكر الإسلامي، بسبب أدلجتهم للإسلام ووضعه في مرتبة متساوية مع الحزبية المتطرفة". كما أكد أن الناقد عبدالله الغذامي"لا يستطيع الحكم على الأسماك في الماء، وأن رأيه في كتاباتي الروائية حكم مسبق"لافتاً إلى أن"بنات الرياض"أخذت شهرتها من عنوانها، ولأن كاتبتها فتاة. وقدمت الكاتبة نورة القحطاني ورقة بعنوان:"تركي الحمد بين أسئلة الهوية وتحولات المجتمع"، وقالت إنّه"مجموعة أشخاص في شخص واحد، جمع بين الفكر والسياسة والأدب، ووجد في الرواية الجنس الأدبي القادر على نقل رؤيته من خلال تصوير الحياة إلا أنّ السؤال عن الهوية قد يعبّر ضمناً عن الخوف من مواجهة الآخر، خصوصاً في تلك الفترة من تحولات الحياة، إنها أزمة جيل كان يتأمل العالم من حوله ويقف مشدوهاً بين حضارة مقبلة وتقاليد قديمة تأبى أن تفك أسرها لفكره، فيشعر بالتمزق بين الحداثة والتقليد". وأوضح الحمد أنه لا يوجد في السعودية،"تيار ليبرالي حقيقي، لأنه مصطلح لا يزال غير مفهوم عند الكثير ممن يدعون الليبرالية، وأستطيع أن أقول: إن المفهوم السائد في المجتمع هو أن كل من لا ينتمي للتيار الإسلامي فهو ليبرالي"، مشيراً إلى أن"التوتر بين السنة والشيعة في السعودية، لم يظهر إلا بعد الثورة الإيرانية والتي أعلنت التشيع السياسي، فكان من الطبيعي أن يظهر في الخليج التسنن السياسي". وشدد على أن خطر إيران اليوم،"أشد من خطر إسرائيل لأن التفرقة التي تبحث عنها إيران بدأت تتضح، حتى وإن أعلنت دعمها لحركة حماس السنية في فلسطين، لأن هناك مصالح مشتركة وقتية وستنتهي بمجرد انتهاء هذه المصالح". وحول ما كتبه في ثلاثية"الأطياف المهجورة"على لسان البطل هشام العابر"الله والشيطان وجهان لعملة واحدة"أوضح الحمد"أن الجملة استخرجت من النص من دون أن تقرأ كاملة، والذي أرادها كان يحاول الاصطياد في الماء العكر"، مشدداً على أنه ليس هشام العابر"ولو كنت هو لأصبحت الرواية سيرة ذاتية، ولكنني جزء منه ومن الحقيقة التي يبحث عنها"، مشدداً على أن الثوابت عنده هي كرامة الإنسان،"ولا يوجد مانع من توظيف السياسة في الرواية". وفي رده على مهاجمته رجال الدين والمؤسسات، التي ينتمون إليها مثل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في كتاباته، قال:"لأنهم وبكل بساطة بشر وغير معصومين من الخطأ وليسوا منزّهين، وإن التوتر الحاصل بين المثقف ورجل الدين هو بسبب سوء الفهم، وان هناك مواقف مسبقة تعدّ السبب الحقيقي، الذي يعطل وحدة أبناء هذا البلد"، مشيراً إلى أن القرآن والحديث الشريف"هما النصوص المقدسة وما عداهما فهي اجتهادات بشرية، وان الدين حين يتحول إلى مؤسسة، فإنه لا يصبح ديناً". وقال الحمد إن"هناك كاتبات سعوديات رائعات، ولكن لا توجد لدينا وإلى اليوم امرأة مفكرة، لأن المجتمع ذكوري ولم يترك لها حرية الإبداع".