«الاستثمار العالمي»: المستثمرون الدوليون تضاعفوا 10 مرات    قيود الامتياز التجاري تقفز 866 % خلال 3 سنوات    رئيسة (WAIPA): رؤية 2030 نموذج يحتذى لتحقيق التنمية    سعود بن مشعل يشهد حفل "المساحة الجيولوجية" بمناسبة مرور 25 عامًا    السد والهلال.. «تحدي الكبار»    ظهور « تاريخي» لسعود عبدالحميد في الدوري الإيطالي    أمطار على مكة وجدة.. «الأرصاد» ل«عكاظ»: تعليق الدراسة من اختصاص «التعليم»    «التعليم»: حظر استخدام الهواتف المحمولة بمدارس التعليم العام    إسماعيل رشيد: صوت أصيل يودّع الحياة    من أجل خير البشرية    وفد من مقاطعة شينجيانغ الصينية للتواصل الثقافي يزور «الرياض»    محمد بن راشد الخثلان ورسالته الأخيرة    مملكتنا نحو بيئة أكثر استدامة    نيوم يختبر قدراته أمام الباطن.. والعدالة يلاقي الجندل    في الشباك    بايرن وسان جيرمان في مهمة لا تقبل القسمة على اثنين    النصر يتغلب على الغرافة بثلاثية في نخبة آسيا    قمة مرتقبة تجمع الأهلي والهلال .. في الجولة السادسة من ممتاز الطائرة    وزير الخارجية يشارك في الاجتماع الرباعي بشأن السودان    الكرامة الوطنية.. استراتيجيات الرد على الإساءات    نائب أمير الشرقية يكرم الفائزين من القطاع الصحي الخاص بجائزة أميز    ألوان الطيف    ضاحية بيروت.. دمار شامل    «بنان».. جسر بين الماضي والمستقبل    حكايات تُروى لإرث يبقى    جائزة القلم الذهبي تحقق رقماً قياسياً عالمياً بمشاركات من 49 دولة    نقاط شائكة تعصف بهدنة إسرائيل وحزب الله    أهمية قواعد البيانات في البحث الأكاديمي والمعلومات المالية    الأمير محمد بن سلمان يعزّي ولي عهد الكويت في وفاة الشيخ محمد عبدالعزيز الصباح    تطوير الموظفين.. دور من ؟    السجن والغرامة ل 6 مواطنين ارتكبوا جريمة احتيالٍ مالي    قصر بعظام الإبل في حوراء أملج    كلنا يا سيادة الرئيس!    القتال على عدة جبهات    معارك أم درمان تفضح صراع الجنرالات    الدكتور ضاري    التظاهر بإمتلاك العادات    مجرد تجارب.. شخصية..!!    كن مرناً تكسب أكثر    نوافذ للحياة    زاروا المسجد النبوي ووصلوا إلى مكة المكرمة.. ضيوف برنامج خادم الحرمين يشكرون القيادة    الرئيس العام ل"هيئة الأمر بالمعروف" يستقبل المستشار برئاسة أمن الدولة    صورة العام 2024!    ما قلته وما لم أقله لضيفنا    5 حقائق من الضروري أن يعرفها الجميع عن التدخين    «مانشينيل».. أخطر شجرة في العالم    التوصل لعلاج فيروسي للسرطان    محافظ صبيا يرأس اجتماع المجلس المحلي في دورته الثانية للعام ١٤٤٦ه    وزير الخارجية يطالب المجتمع الدولي بالتحرك لوقف النار في غزة ولبنان    استعراض السيرة النبوية أمام ضيوف الملك    أمير الشرقية يستقبل منتسبي «إبصر» ورئيس «ترميم»    الوداد لرعاية الأيتام توقع مذكرة تعاون مع الهيئة العامة للإحصاء    أمير الرياض ونائبه يؤديان صلاة الميت على الأمير ناصر بن سعود بن ناصر وسارة آل الشيخ    أمير منطقة تبوك يستقبل القنصل الكوري    البريد السعودي يصدر طابعاً بريدياً بمناسبة اليوم العالمي للطفل    الدفاع المدني يحذر من الاقتراب من تجمعات السيول وعبور الأودية    الأهل والأقارب أولاً    الإنجاز الأهم وزهو التكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأمين العام المساعد للشؤون الأمنية بمجلس التعاون الخليجي يؤيد فكرة إنشاء شرطة خدمة المجتمع . سلمان الزياني : لا ضرورة لبناء حوار بين المثقف ورجل الأمن !
نشر في الحياة يوم 03 - 02 - 2009

الدكتور سلمان الزياني رجل أمن تسكن كوامنه فلسفة وثقافة تجعله ينظر إلى المشهد الأمني بصورة غير عادية، من خلال محطاته الأمنية العملية... صنع لنفسه مسارات جعلته أكثر تميزاً في عمله، هو أكثر من نادى بعلاقة أكثر سلاسة بين رجل الأمن ومؤسسات المجتمع ودعا لشراكة أمنية بين فئات المجتمع لإيجاد منظومة أمنية اجتماعية متكاملة... ومن خلال خبرته وكفاءته تم ترشيحه للعمل أميناً مساعداً للشؤون الأمنية بمجلس التعاون ليبدأ مرحلة عملية جديدة في حياته، هو يتحدى الصعاب بفلسفة لا يجيدها إلا هو...
الحوار معه ممتع وفي الوقت نفسه صعب، لأنك في حضرة فيلسوف ورجل أمن معاً، وكلا الطرفين يجعلانك تفكر أكثر وتحتاط أكثر... فإلى الحوار.
في مرحلة الشباب بالنسبة إليكم كانت تنتاب المنطقة العربية تيارات سياسية وحزبية وفكرية كثيرة... كيف تعاملتم مع تلك المتغيرات آنذاك؟
- عن بعد، وبين الحين والآخر، كنت أسمع عن تلك المستجدات من خلال مختلف الوسائل الإعلامية المتاحة آنذاك، ولكني لم أتأثر بها لانشغالي بأمور أخرى كالدراسة والقراءة وممارسة هواية لعب كرة القدم وهوايات أخرى.
ما الذي جذبك للعسكرية واخترتها طريقاً لحياتك؟
- في البداية تمنيت أن أكون ضابطاً بحرياً، وكنت دائماً أتحدث عن تلك الرغبة مع إخوتي ووالديّ، ولكن شاء القدر أن تعرض عليّ فرصة العمل ضابط شرطة، فقبلت بذلك، بعد أخذ الإذن من والدي رحمه الله.
بعد عقود من حياتك في الشأن الأمني... ما الذي أخذ منك؟ وما الذي ندمت عليه؟
- حتى اليوم، لم أندم أبداً على عملي السابق في سلك الشرطة، لقناعتي الكبيرة بأن العمل الأمني هو شرف كبير وخدمة جليلة يقدمها المواطن المخلص لوطنه ولقيادته ولحكومته ولأهله. فالعمل الأمني يسهم في إعطاء المرء فرصة المشاركة في تحقيق العدالة وحماية أرواح وأعراض وممتلكات الناس، وأنه في مختلف دروبه وتخصصاته، يتيح الفرصة لكسب الكثير من المعرفة والخبرات، فهو عمل متجدد، ومتطور وشامل.
وفي كثير من الأحيان يتيح لك فرصة إطلاق قدراتك وطاقاتك ومواهبك من أجل مواجهة التحديات والتصدي لها في نطاق النظام والقانون. فكنت أسعد كثيراً حينما تتاح لي الفرصة في ضبط وكشف غموض أية جريمة جنائية، وتقديم مرتكبيها للعدالة، أو إنقاذ ضحية ما، أو الحد من الحوادث المرورية الخطرة في موقع ما على شبكة الطرق، أو تصميم وبرمجة نظم وبناء قواعد معلومات للتحليل الإحصائي المتقدم ولوضع الخطط المستقبلية لمواجهة تلك الجرائم أو الحوادث المرورية الخطرة.
فالشأن الأمني لم يأخذ مني شيئاً، بل أعطاني الكثير، وأنا مدين له، مقتدياً في ذلك بالحديث النبوي الشريف"عينان لا تمسهما النار أبداً، عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله".
مناصبي صدفة
عملت في أكثر من قطاع أمني... أيُّ القطاعات كانت الأجمل وأيها كان الأكثر إزعاجاً؟
- كل القطاعات الأمنية التي عملت فيها كانت في نظري مهمة، وهي جاءت صدفة وكأنها مبرمجة لي بحسب مراحل عمري، وجميعها فتحت لي آفاقاً كثيرة وعدة، ومكنتني، في نهاية المطاف، من اختيار تخصصي العلمي، حيث كانت محطتي الأخيرة في الدراسات العليا هي العلوم الاجتماعية - تخصص الإدارة والتخطيط الاستراتيجي.
كنتَ في فترة أحد مسؤولي جهاز المرور في البحرين... كيف هي انسيابية الشوارع في ذلك الوقت؟ وكيف استطعتم زرع الانضباط المروري في المجتمع؟
- العمل المروري عمل ممتع وشيق، فهو يتيح لك الفرصة في التعامل المباشر مع معظم المواطنين، ويمكنك من المشاركة في معظم المناسبات الاحتفالية، وفي الوقت نفسه، فإنه يحملك مسؤولية كبيرة في تنظيم الحركة المرورية، على مدار الساعة، وضمان التدفق والانسياب المروري الآمن على الطرقات من دون تأخير أو عطل، كما يطالبك بتحقيق السلامة المرورية، وبخاصة لهؤلاء الناس المعرضين لخطر الطريق.
وبما أن مهمتنا كانت تنظيم انسياب الحركة وضبط السلامة، فقد كان هناك تساؤل يراودني دائماً ويشغل بالي وبال جميع المهتمين بالشأن المروري آن ذاك، وهو: أيهم يأتي قبل الآخر... السلامة أم انسياب الحركة من دون عطل؟ هل يوافق السائق على أن يتأخر ومن ثم يصل إلى بيته سالماً، أم لا يصل إلى بيته بتاتاً؟ مثل هذه الأسئلة كانت تؤرقنا جميعاً، والسبب أن بعض السائقين وقتها لم يكونوا يرغبون في الاعتراف بأن السلامة تأتي أولاً، ويطالبوننا بإزالة العطل عن الطرقات بدلاً من أن نحدثهم ونوعيهم عن جسامة الخطورة التي قد يواجهونها في حال تسرعهم أو تهورهم في القيادة.
ولكن هذا الأمر سرعان ما تم علاجه والانتهاء منه، حيث بادرت الحكومة الموقرة وأصدرت الأمر للمجلس الأعلى للمرور بتنفيذ استراتيجية متقدمة تعتمد أساساً على ثلاثة محاور، الأول تحديث جهاز المرور وأنظمته القانونية وهياكله الإدارية وتطوير كوادره البشرية، والثاني تطوير شبكة الطرق، والثالث التكثيف الإعلامي والتوعوي والتعليمي في مجال السلامة المرورية.
ما الفرق بين ضابط الأمس وضابط اليوم؟
- لا أعتقد أن هناك فرقاً بين ضباط الأمس وضباط اليوم في الكفاءة الأمنية، فضباط الأمس كانوا حريصين على تلقي العلوم والمهارات والخبرات الأمنية المختلفة، والأمر نفسه بالنسبة إلى ضباط اليوم، ولكن ما يواجهه ضباط اليوم من تحديات ومستجدات أمنية متنوعة تستوجب ضرورة بذل الكثير من الجهود والتضحيات في سبيل تحقيق الأمن والاستقرار.
العولمة الأمنية
العولمة الأمنية هل تخدم الشعوب أم أن ضررها أكثر؟
- الكل يعلم أن العولمة صاحبها تطور هائل في مجال النقل والمواصلات والاتصالات وتوسّع في نطاق التجارة العالمية. وقد يرى البعض أن العولمة، بشكل عام، هي خطر يدهمنا، تمكّن الدول التي تدفع بها، من فرض هيمنتها على بقية دول العالم، وتتيح لها الفرصة لإعادة صياغة مفاهيم العلاقات الدولية بما يعطيها الحق في التدخل في شؤون الغير، وهذا الأمر قد يكون صحيحاً ويتطلب وقفة جادة وحذرة.
أما بخصوص العولمة الأمنية، فإني أرحب بجانبها الإيجابي، وأتحفظ على جانبها السلبي، فجانبها الإيجابي سيؤدي إلى تعظيم دور الجهود الدولية والإقليمية المبذولة لمواجهة التهديدات والتحديات الأمنية عبر الوطنية، كالإرهاب وتجارة المخدرات وغسل الأموال والهجرة غير المشروعة والتسلل والتهريب والقرصنة البحرية والجريمة المنظمة وغيرها.
إضافة إلى التهديدات الأمنية النووية والكيماوية، وستساعد في حسم النزاعات الدولية. فلم تعد هذه المشكلات الأمنية متقوقعة في الداخل، بل اتسعت مساحاتها وتجاوزت الحدود التقليدية، وأصبحت جغرافيتها تتخطى حدود الدولة الواحدة، ما يتطلب توحيد الجهود الدولية، والاستفادة من الخبرات والإمكانات الدولية في التصدي لها. وبالنسبة إلى جانبها السلبي، فلو غفل عنه، فإنه قد يؤدي إلى الإضرار بالأمن الاجتماعي الداخلي.
وهذا يستدعي بالضرورة استحداث رؤى أمنية حديثة وواعية تأخذ في الاعتبار أهمية ثوابت العقيدة ودور الأسرة والمجتمع ومبدأي التماسك الاجتماعي والوحدة الوطنية.
الأمن الاجتماعي... هل أسهمت العولمة في نزع فتيل الأمان منه؟
- قد يكون للعولمة بعض التأثيرات في عاداتنا وقيمنا وثقافاتنا وسلوكنا وأمننا الاجتماعي، مثل سعيها للتأثير على العلاقات الدولية وتغيير القوانين الاقتصادية. إلا أننا لا بد من أن نكون واعين لذلك، وأن نكون قادرين على التأثير وليس التأثر، وأن نكون مستعدين للتعامل مع هذا النوع من العولمة في ضوء ميراثنا الحضاري وثوابت عقيدتنا، وأن نحصّن مجتمعاتنا، وأن نصرّ على تماسكنا الاجتماعي ووحدتنا الوطنية، وأن نمنع تدمير أسرنا، وأن نسعى إلى تعميق حب الوطن والانتماء إليه لدى الأبناء.
كما أنه من الضروري المحافظة على مكتسبات الوطن وإنجازاته والمشاركة الفعالة في نشر الأمن والأمان والاستقرار والازدهار فيه، والالتزام بقيم وضوابط المجتمع الدينية والأخلاقية والمجتمعية والقانونية، وتجنّب المواقف السلبية تجاه ما يجري في هذا الوطن من نمو وتطور وتقدّم، وعدم الانسياق وراء العبث بأمن المواطنين، والانسياق الأعمى لزعزعة الاستقرار، وبث الفوضى في ربوع البلاد.
إذ أصبحت عملية استتباب الأمن ضرورية لاتصال الأمن بالحياة اليومية بما يوفّره من طمأنينة للنفوس وسلامة التصرف والتعامل، ولأنه نعمة من نعم الله عز وجل التي منَّ بها على عباده المؤمنين، فمهمة توفير الأمن ليست مهمة الأجهزة الأمنية وحدها، وإنما هي مهمة المجتمع ككل، كما أن الأسرة وأولياء الأمور هم خط الدفاع الأمني الأول والسد المنيع من وباء الجريمة والانحراف.
ومما لا شك فيه ان لإسهامات أولياء الأمور الأمنية الدور الكبير في تحصين النشء من مخاطر العولمة، وذلك من خلال توفير عوامل التحصين الذاتي للأبناء، وخلق الرادع الذاتي لديهم، عن طريق التوجيه والتحاور والمراقبة والمتابعة والتدخل العلاجي الفوري.
الانفتاح الاقتصادي يزيد من الأعباء الأمنية على الدول... ما رأيك؟
- العلاقة بين الأمن والاقتصاد هي علاقة تشابكية وتكاملية لا بد منها لتهيئة بيئة اقتصادية واستثمارية واعدة. وهذا التلازم بينهما ضروري جداً لتقدم الدول وازدهارها، فهما وجهان لعملة واحدة، وكما يقول المولى عز وجل:"الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف"، فالازدهار والرخاء لا يمكن أن يتحققا إلا بوجود الأمن والاستقرار والطمأنينة وإزالة الخوف من أنفس الناس، عندها تزداد الثقة في التعامل بين الناس وتروج التجارة ويعم الخير للجميع.
والانفتاح الاقتصادي هو ضرورة من ضروريات العصر، وفيه تقوم الدول بتبادل السلع والبضائع والخدمات بينها، لأنها بحاجة ماسة إلى بعضها البعض، فدول العالم بحاجة إلى التبادل التجاري مع الدول الأخرى، وبحاجة إلى أيد عاملة أجنبية محدودة ومناسبة للمساعدة في إدارة وتشغيل المعامل والمصانع والوحدات الإنتاجية، وبحاجة إلى المواد الخام التي تدخل في مختلف الصناعات.
ولكن هذا الانفتاح قد يؤثر سلباً، في بعض الأحيان، على قيمنا وأخلاقنا وعلاقاتنا وعاداتنا كمجتمعات إسلامية وعربية، كتكدس العمالة الوافدة مثلاً، وسعي بعض الأسواق العالمية إلى تكثيف وسائل الترويج لبضائعها التي تصدرها لنا بأساليب مغرية ومبهرة تحرك من خلالها الغرائز والنزعات الاستهلاكية والتنافسية، الأمر الذي يؤدي إلى إغراق الأسواق ببضائع غير ضرورية، تشكل استنزافاً مالياً للمواطنين، ويترتب على ذلك انحرافات سلوكية عدة لدى البعض، ما يتسبب في زيادة الأعباء الأمنية.
الشراكة بين المجتمع والأمن
الشراكة المجتمعية بين مؤسسات المجتمع والأجهزة الأمنية هل أنت راض عن أدائها أم لديك تحفظات عليها؟
- أرى أن الشراكة المجتمعية بين مؤسسات المجتمع والأجهزة الأمنية ضرورية ومهمة، ولا بد من دعمها ودفعها للتقدم إلى الأمام، فجوهر توجيه العمل الشرطي لخدمة المجتمع يتمثل في تحقيق مشاركة فاعلة بين أفراد ومؤسسات المجتمع والشرطة. والشراكة المجتمعية ما هي إلا فلسفة تجسد تعاون الشرطة مع أفراد المجتمع المحلي ومؤسساته لتحقيق مواجهة جادة ومشتركة للجريمة وحل المشكلات بشكل تعاوني إيجابي وفعال.
وفي هذا المضمار، فقد خطت وزارة الداخلية بمملكة البحرين خطوات متقدمة في مد جسور التواصل والتعاون والشراكة المجتمعية الدائمة بينها وبين المجتمعات المحلية، بتبنيها نظام المحافظات وإنشاء شرطة خدمة المجتمع، فبالنسبة لنظام المحافظات فقد اعتبر نموذجاً رائعاً في إدارة المحليات وأسلوباً متطوراً ومنظماً للشراكة المجتمعية يُحتذى به، مؤكدة الوزارة بذلك إيمانها الخالص بأهمية تلك الشراكة في سبيل المحافظة على الأمن والنظام العام وتحقيق الاستقرار والرخاء.
أما بخصوص جهاز شرطة خدمة المجتمع فمن خلاله تمكن جهاز الأمن العام في مملكة البحرين من تطبيق مفهوم الشرطة المجتمعية في العمل الأمني البحريني، واعتبر هذا التوجه في الأداء الأمني توجهاً متقدماً وحضارياً لكونه يعطي دوراً أساسياً وفاعلاً للدوريات الراجلة من الجنسين، ويمكنهم من التواصل المباشر مع أفراد المجتمع على مدار الساعة ويشرك أفراد المجتمع في العمل الشرطي لمنع الجريمة والمحافظة على الأمن والاستقرار ما يساعد في تجويد العمل الأمني بصورة عامة.
ماذا يعني استحداث منصب الأمين العام المساعد للشؤون الأمنية في مجلس التعاون لدول الخليج العربي؟
- يترأس الأمين العام المساعد للشؤون الأمنية قطاع الشؤون الأمنية بالأمانة العامة لمجلس التعاون، إذ يقوم هذا القطاع بجمع وعرض أفضل الممارسات القائمة في المجال الأمني، وبما يتلاءم مع حاجات الدول الأعضاء.
كما يقوم بإسداء المشورة والتنسيق، وإعداد الدراسات والتقارير، وإصدار المطبوعات، وتنظيم وتنسيق الاجتماعات، ومتابعة تنفيذ القرارات الصادرة، وعقد الندوات وورش العمل وتنظيم المنتديات والزيارات الميدانية والتمارين الأمنية المشتركة، والمشاركة في الاجتماعات والمؤتمرات الإقليمية والدولية ذات العلاقة، وغيرها من أعمال تسند إليه في هذا المجال.
وتبرز أهمية هذا القطاع كونه جزءاً لا يتجزأ من منظومة العمل المشترك لدول المجلس في المجال الأمني، ما جعل له دوراً بارزاً في عمليات تنمية وتطوير القدرات الأمنية بما يتماشى مع متطلبات العصر وتحدياته.
كيف تقوّم التنسيق الأمني بين دول الخليج؟
- تولي دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الجانب الأمني ما يستحقه من أهمية بالغة، وذلك لإيمانها بأن التقدم والازدهار لا يمكن أن يتحقق إلا باستتباب الأمن والاستقرار. وتنفيذاً للتوجيهات السامية، الصادرة من قادة دول المجلس حفظهم الله يجتمع وزراء الداخلية دورياً للتباحث وتدارس متطلبات وآليات التنسيق والتعاون الأمني بين دول المجلس.
حيث شهد هذا التنسيق والتعاون الأمني إنجازات متقدمة شملت مختلف المجالات الأمنية بشكل عام، وما يمس حياة المواطن الخليجي بوجه خاص، وينسجم، في الوقت ذاته، مع متطلبات جوانب العمل المشترك الأخرى، السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، مع الأخذ في الاعتبار المستجدات والمتغيرات والتحديات الأمنية المحلية والإقليمية والدولية كافة التي قد تطرأ بين الحين والآخر.
متى ستقر التأشيرة السياحية الموحدة؟ وهل هذا الأمر محل نقاش أساساً أم مجرد أمنيات وتطلعات فقط؟
- أية أمور تعزز العمل الأمني المشترك بين دول المجلس هي محل الاهتمام، وبالنسبة للتأشيرة السياحية الموحدة فسيكون لها نصيب في المستقبل القريب، وسيعلن عنها في حينها.
يعتقد البعض أن أبرز العوائق التي يواجهها مجلس التعاون، أن الروابط بين مواطنيه تاريخية وقوية، ولا يمكن أن تجاريها قراراته، بمعنى أنه من الصعوبة أن يرضى أبناء المجلس ويواكب طموحاتهم، هل هذا عائق بالفعل، أم مجرد تبرير لا أكثر؟
- التوجه العام هو توثيق الروابط والصلات والتنسيق والتعاون والتكامل وبذل الجهود في مختلف المجالات، من أجل مستقبل أفضل، وصولاً إلى وحدة دول المجلس، ووضع أنظمة متماثلة، ودفع عجلة التقدم العلمي والتقني، وإنشاء مراكز بحوث علمية، وإقامة مشاريع مشتركة، وتشجيع تعاون القطاع الخاص.
وجميع القرارات الصادرة، تأخذ في الحسبان هذا التوجه وتستجيب له، بما يتماشى ويتواكب مع الطموحات والتوقعات العامة، وإذا طرأت أية عوائق قد تعوق العمل الخليجي المشترك، عندها تبذل المساعي من أجل إزالتها، وأكبر دليل على ذلك وجود هيئة لتسوية المنازعات.
ما مدى التنسيق بين دول المجلس تجاه القرصنة البحرية؟
- أصبحت ظاهرة القرصنة البحرية تتخذ أبعاداً تنذر بالخطر، وتهدد أمن وسلامة حركة الملاحة البحرية والنقل والشحن البحري، وتؤدي إلى ارتباك في الملاحة البحرية بشكل عام، والملاحة البترولية بشكل خاص، ما سيؤثر سلباً في مصالح دول المجلس. وعليه فإن التنسيق في هذا الشأن بين دول المجلس قائم ومستمر، ويأخذ أولوية قصوى.
11 سبتمبر والتشريعات
هل"11 سبتمبر"منح كثيراً من التشريعات الأمنية فرصة الظهور، وأسهم في إعادة صياغة المنظومة الأمنية في دول المجلس؟
- يعتبر الأمن المحور الأساسي للتنمية وأساس دوران عجلة التقدم الاقتصادي، وأي خلل أمني يطرأ، قد يؤدي إلى تدهور العملية التنموية. ولذلك تبذل الأجهزة الأمنية في دول المجلس قصارى جهدها لتحقيق الأمن والاستقرار لضمان تحقيق الأهداف المنشودة، بيد أن ثمة ظواهر تؤثر سلباً في العملية الأمنية، وتؤدي إلى إحداث خلل وتوتر بها.
ومن أهم هذه الظواهر ظاهرة الإرهاب، والتي بدأت تتنامى بعد أحداث 11 أيلول سبتمبر 2001، الأمر الذي بات معه ضرورة أن تتكاتف جهود دول المجلس لمواجهة هذه الظاهرة، واتخاذ عدد من الإجراءات الأمنية والقانونية والتنظيمية الاحترازية، للتصدي لهذه الظاهرة والوقاية منها.
ومن أهم الإجراءات التي اتخذت في هذا الصدد التوقيع على اتفاق دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية لمكافحة الإرهاب، وإستراتيجية مكافحة التطرف المصحوب بالإرهاب، والإستراتيجية الأمنية الشاملة التي اهتمت بمعالجة العديد من القضايا والأمور الأمنية الراهنة، كحماية الحدود البرية والبحرية والجوية، وتنمية الوعي الأمني، ورفع كفاءة الأجهزة الأمنية، لتحقيق التكامل الأمني، وتعزيز التعاون والتنسيق بين الأجهزة الأمنية في دول المجلس، والتعرف على مصادر الخطر التي تواجهها الدول والتصدي لها، ومواجهة التحديات والمخاطر الإقليمية المستجدة، كالمخاطر النووية والصراعات الإقليمية والكوارث الطبيعية، ومكافحة الإرهاب، وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي في مجال مكافحة الجريمة، وتعزيز مشاركة القطاع الخاص في تحقيق أهداف الإستراتيجية والتفاعل معها، وتنظيم العمالة الوافدة في دول المجلس.
بين الطائفية والقبلية، كيف يكون حضور الوطن أقوى؟
- إن نزعة الطائفية والقبلية هي نزعة مدمرة للشعوب والأوطان، فمن واجبات المواطن الصالح الدفاع عن الوطن واحترام القوانين ومراعاة كرامة وحقوق الآخرين من دون النظر للعرق أو القبيلة أو الطائفة، والتعاون مع المخلصين في تماسك المجتمع وتعزيز الوحدة الوطنية وتحقيق الاندماج الوطني والمشاركة في بناء الدولة المدنية الحديثة، التي تستوعب جميع المواطنين بغض النظر عن الانتماءات العرقية أو الطائفية.
ما رؤيتك لعمل المرأة في القطاع الأمني؟
- للشرطة النسائية في البحرين تاريخ عظيم وأمجاد لا تنسى. فمنذ بداية السبعينات، ونساء الشرطة النسائية في البحرين يبذلن الكثير في سبيل مكافحة الجريمة والوقاية منها، ويشاركن الرجال في معظم الجهود الأمنية، التي تبذل في هذا الخصوص، ولهن بصمات واضحة في تقدم وارتقاء العمل الأمني.
حيث استطعن التعامل مع جميع القضايا الخاصة بجرائم النساء وجناح الأحداث، ورعاية الأطفال المعتدى عليهم، والمشاركة في المحافظة على النظام والقانون في كل ما يجري من نشاطات واحتفاليات، والقيام بمختلف الأعمال الإدارية والقانونية والفنية. فدور المرأة، كبير وقيادي، وهو ضروري ولا يمكن الاستغناء عنه.
نحن نعيش ثورة التقنيات والمعلومات... ألا تشعر أن تسارع التقنية يزيد من الأخطار والفجوات الأمنية؟
- طبيعي أن تتزايد الأخطار بسبب تسارع التقنية، ولكن يقظة رجال الأمن والمختصين وتطور مناهج التعليم والتدريب الأمني وتفعيل دور البحث العلمي والتطوير التقني والمعلوماتي في المجال الأمني تمنع أية فجوات أمنية قد تحدث.
"الإنترنت"... هل تزعجكم أمنياً؟
- الإنترنت زميلة ترافق الجميع، سواء الطيب أو الخبيث، ولا تزعجني رفقتها، بل بالعكس فإنها تؤنسني وتفيدني كثيراً وتسهل تواصلي مع الآخرين، وتثريني بالمعرفة.
الهجرة إلى الفلسفة
لماذا هجرت الحياة العسكرية... واتجهت للمدينة؟
- لم يكن هجراناً، بل كان انتقالاً من الخدمة العسكرية إلى الخدمة المدنية، تلبية لرغبة القيادة، حيث تم نقلي في بداية عام 1999 إلى مركز البحرين للدراسات والبحوث للعمل فيه كأمين عام، ولأن هذا المركز يخضع تحت مظلة الخدمة المدنية، فقد استوجب ضرورة تقاعدي من السلك العسكري وتحولي إلى الخدمة المدنية لكي يتماشى وضعي الوظيفي مع ضوابط الخدمة المدنية، ولأبدأ مشواراً جديداً في حياتي الوظيفية.
ماذا منحتك الفلسفة كتخصص في الحياة؟
- الفلسفة في الفكر الأمني هي وسيلة للتفكير العقلاني يتم من خلاله الفحص والاختبار، كما انها تفكير نقدي ووسيلة لاستشعار واستكشاف حقيقة المشكلات والتهديدات ومراجعتها وتحليلها ومعالجتها ومن ثم تقويم جدوى وفاعلية تلك المعالجات، فهي الطاقة المولدة للإبداع والابتكار العلاجي للوقاية والحد من الجريمة، والأمر نفسه ينطبق على كل جوانب الحياة التي نعيشها.
رجل الأمن عندما يسكن كوامنه ثقافة مميزة... ماذا ننتظر حينها؟
- توقع منه إلابداع والتفاني والإخلاص في أداء الواجب، بشرط أن يعطى الثقة الكاملة، وأن تخصص له مساحة واسعة للحركة والتعاطي الفاعل مع الأحداث والمتغيرات.
ألا تشعر أن العلاقة بين المثقف ورجل الأمن تحتاج إلى طاولة حوار؟
- لا أعتقد بأن الثقافة مقتصرة على فئة معينة دون الأخرى، ولا أرى ضرورة بناء حوار بين الطرفين، فالكل يدرك قدسية الوطن ومكتسباته الحضارية، والكل يؤمن بأهمية تحقيق العدالة وصون الحقوق، والكل مدرك لمسؤولياته.
هل تشفق على زوجة رجل الأمن... أم تشعر أنها محظوظة؟ وهل ستزوج ابنتك لضابط أمن مستقبلاً؟
- في اعتقادي أن زوجة رجل الأمن محظوظة بامتياز، كونها متزوجة من رجل يعرف معنى الانضباط، ويقدره، كما انه يعرف معنى العدالة وإحقاق الحق ولو على نفسه، ويخاف الله عز وجل في كل تصرفاته، ويراعي المولى عز وجل في ما أقدم عليه من قسم في بداية عمله الأمني. وإذا كان نصيب ابنتي الزواج من ضابط أمن ترتضيه هي، فلا مانع لدي.
بناء القدرات الأمنية في" دول المجلس"... تراكمي
يقول الدكتور الزياني :"إذا كان لزاماً أن نتوصل إلى الفوارق الأمنية بيننا وبين الدول الأوروبية، فإننا نؤكد أن القدرات الأمنية في دول مجلس التعاون تتحسن وتتطور يوماً بعد يوم، في إطار من الخصوصية التاريخية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، بما يحقق لها الاستدامة الأمنية، معتمدين في ذلك على التخطيط المسبق، ليسهم في تحقيق هذه الاستمرارية والاستدامة، ولتتنوع مكوناته، كالقدرات البشرية، والقدرات التنظيمية والقدرات المعلوماتية وقدرات بناء الشراكات المحلية والإقليمية والدولية، مع الاستجابة للمتغيرات". ويضيف"أن عملية بناء القدرات الأمنية لدى دول المجلس ما هي إلا عملية تراكمية متجددة ومستمرة، ومن أدواتها التدريب، وتسخير العلوم والتكنولوجيا، وتوفير قواعد المعلومات، وإعداد البحوث التي توجه نحو تطوير الواقع، وزيادة التفاعل في ما بين الخبراء والممارسين، وتقاسم أفضل الممارسات والدروس المستفادة، والاستفادة القصوى من التشبيك الإلكتروني. وقد يكون للدول الأوروبية سبق في بعض المحطات الأمنية، إلا أن دول المجلس عازمة، بعون الله على اللحاق بهم". ويشير الزياني إلى المستقبل الامني ويقول:"في هذه الحالة، ما علينا إلا أن ننظر إلى المستقبل، ونفهم الاتجاهات والقوى المؤثرة في المجتمع والأفراد وأجهزة الأمن، ثم نقوم بتحديد أي من هذه الاتجاهات والقوى هي الأرجح أن تحدث، إذ إن هذا الأسلوب سيتيح لنا التخطيط الجيد، والردود الاستباقية، بدلاً من انتظار وصول المستقبل للإسراع في الاستجابة لظروف وحالات كان يمكن التنبؤ بها مسبقاً".
فاعلية الأمن تتحقق ب"مزج"نماذج الشرطة الثلاثة معاً
يبين الدكتور سلمان الزياني في حديثه أن هناك ثلاثة نماذج لنظم الشرطة تتبعها معظم دول العالم، فهناك نموذج الشرطة التقليدية ونموذج شرطة حل المشكلات ونموذج الشرطة المجتمعية، ومعظم الدول المتقدمة التي زرتها تحاول الاستفادة من النماذج الثلاثة في آن واحد بحسب المناطق وتغير الظروف. فالنموذج التقليدي مقتصر على الدوريات وتلقي البلاغات والاستجابة لنداءات الاستغاثة والنجدة والتعامل مع حالات الطوارئ وغير ذلك من إجراءات تقليدية، أما ممارسة نموذج حل المشكلات، ففيه تقوم الشرطة باستشعار المشكلات والحاجات الأمنية العامة والبحث عنها ورصدها وتحليلها وإعداد وتطبيق استجابات ومعالجات فاعلة وملائمة لكل منها، ومن ثم تقويم نتائج تلك الاستجابات المنفذة لتعديل مسارات المعالجة مستقبلاً.
وهكذا تستمر عملية حل المشكلات بصورة مستمرة ودائمة دون توقف. أما نموذج الشرطة المجتمعية فهو عبارة عن إشراك المجتمع في العمل الشرطي لمنع الجريمة في إطار معين من خلال أسلوب يختلف عن النموذج التقليدي، فهذا الأسلوب يبرز أهمية الدور النشط والملتزم للمواطن في مشاركته للشرطة في المحافظة على أمن واستقرار المجتمع بالمبادرة في التحرك مع الشرطة لمنع الجريمة قبل وقوعها. وفي كل الأحوال، فإني أفضل الاستفادة من النماذج الثلاثة معاً، لتتحقق بذلك الشمولية والفاعلية في الأداء الأمني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.