طالب عدد من الاختصاصيين في القانون والقضاء بوضع ضوابط للتعدد في المجتمع السعودي بما يتوافق مع الشريعة الإسلامية، خصوصاً بعدما انتشرت في الأونة الأخيرة ظاهرة الزواج السري، الذي أفرز إشكالات اجتماعية، ومخالفات شرعية عدة. وأكدوا أن التعدد يوجب العدل بين الزوجات في المتعة والمبيت وكامل الحقوق، واعتبروا أية مخالفة لذلك، مناقضاً لأصل تشريع الإسلام للتعدد لما فيه من ظلم للمرأة وضياع ٍ لحقها. وأكد أستاذ نظم الحكم والقضاء والمرافعات الشرعية الدكتور حسن بن محمد سفر ل"الحياة"إمكان تقييد التعدد بشروط من الناحية الشرعية، من دون التدخل في تحريم أمر أباحه الله عز وجل. وحول مطالبة أساتذة قانون مصرين بإصدار قانون يقيد تعدد الزوجات، ومحاولة بعضهم تبرير ذلك بقصر مشروعية التعدد على أمهات اليتامى، قال سفر:"إن آية التعدد في سورة النساء، لها أسباب نزول، إذ سأل عروة بن الزبير أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قائلاً: ياخالتي ما رأيك بقول الله:"فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع"قالت له هذه الآية نزلت في اليتيمة. فقال: ما لليتيمة وهذه الآية؟ فقالت: هذه اليتيمة تكون تحت ولي أمر رباها وتكفل في تربيتها ثم أراد أن يتزوجها ولكن لا يعطيها مهراً مثلها، فأنزل الله هذه الآية ليقول إني لم أضيّق عليكم واسعاً ليكون همّكم هذه اليتيمة وعدم إعطائها حقها، عليكم الزواج من أخريات". وأوضح سفر أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يتزوج إلا لمقاصد وحكم وتحت ظروف معينة بقصد التشريع للأمة، لذا فالتعدد أوله عدل وهو المبيت والنفقة وغيره، وليس التعدد لمجرد التشهي وقضاء وطر، فهذا منهي عنه لكن المباح للإنسان أن يعدل بين زوجاته وأن تكون له في الزواج مصلحة كأن تكون زوجته مريضة أو عاقر أو لا تشبعه امرأة واحدة، كما قال الإمام الغزالي:"ومن الرجال من تغلب عليه الشهوة بحيث لا تكفيه المرأة الواحدة فيسن له أن يعدد"ولكن ما يحدث من الزواج السري فهذا منهي عنه وروى الإمام مالك في الموطأ عن عمر بن الخطاب حين علم أن أحدهم تزوج سراً قال:"هذا نكاح السر ولا أجيزه"، وتلا قول النبي صلى الله علية وسلم"أعلنوا هذا النكاح واجعلوه في المساجد". سفر يرى على رغم ذلك جواز وضع ضوابط في الدولة الإسلامية التي كثر بها التعدد وظهر عدم الاهتمام بحقوق الزوجة. واقترح منع من ليس قادراً على الزواج من ثانية، ومنع المأذون الشرعي من عقد النكاح للمعد إلا إذا استوفى شروطاً أباحها الشارع مثل القدرة على تحمل مسؤولية أكثر من بيت وأكثر من زوجة وإعطائها حقها في المحافظة على أبنائها وبناتها. وأشار سفر إلى أن بين الأمور الشائعة التي تدفع إلى تأزم الزواج بامرأة أخرى، هو اشتراط الزوجة الحديثة تطليق التي قبلها، مع أن الشريعة اعتبرت ذلك خارجاً عن حقوق المرأة، إذ صح عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله:"لا تطلب المرأة طلاق أختها لتسكب ما في إنائها""أي تحتكر الزوج لها". وإذا طلق الرجل زوجته من أجل زوجته الأولى فإنه يأثم، لأن لزوجته الثانية ما للأولى، وكلاهما على ميزان عدل واحد، ومن الظلم العظيم الجور على أحدهما بهدف إرضاء أخرى. وأوضح أنه من خلال الدراسات الاجتماعية وُجد أن التعدد إذا لم يكن قائماً على موضوعية وتثبّت، فإنه دائماً يفضي إلى تفكك الأسرة بأجمعها. من جهته، قال القاضي في المحكمة الجزئية في مكةالمكرمة الشيخ الدكتور محمد حجر الظافري ل"الحياة"إن الإسلام أباح للرجل التعدد"ولكن لم يبح له ذلك من أجل جماع ووطر ولا مبالاة، بل أباحه لظروف اجتماعية وأسرية وتحصين الزوج فلو نظرنا إلى زيجات الرسول كلها لأهداف نبيلة ولنشر الدعوة ولمصاهرة ناس يكونون عوناً له على نشر الدعوة، ونشر الدين وجبر خاطر الآخرين، فكل زوجات الرسول صلى الله علية وسلم كان زواجهن لحكمة".