بعث الله نبيه محمداً"صلى الله عليه وسلم"بالهدى ودين الحق، هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا. فالهداية التامة في طاعة الرسول واتباع سنته والتمسك بها، قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول.... فطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم طاعة لله وإتباع لكتابه الكريم، كما بين تبارك وتعالى أن الهلاك والفتنة والعذاب الأليم في الدنيا والآخرة منوط بمخالفة الرسول فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم. وقد أمر الرسول"صلى الله عليه وسلم"أمته بطاعته والتمسك بسنته، فقد أخرج الشيخان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال:"من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله... الحديث". كما أخرج البخاري من حديث أبي هريرة"رضي الله عنه"أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، قيل يا رسول الله: ومن يأبى؟ قال:"من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى". إن سنته التي شرع الله اتباعها وأرشد إلى التمسك بها فعلاً أو تركاً هي كل ما صح عنه"صلى الله عليه وسلم"من قول أو فعل أو تقرير، وهي متناولة للأحكام التكليفية الخمسة، كما انها متناولة للأحكام الاعتقادية والأحكام العملية، بل تناولها للأحكام الاعتقادية هو الأصل وما سواه يبنى عليه، فإن الله تعالى بعثه مزكياً للقلوب والأنفس، داعياً إلى توحيد الله وعبادته والإيمان به وبأسمائه وصفاته، فكان الإيمان بما سنه رسوله في هذا الباب وما أخبر به عن الله تعالى من الأسماء الحسنى والصفات العليا وأمور الآخرة من أعظم ما يتعبد به المؤمن لربه، وأوجب أمر يتبع فيه رسوله صلى الله عليه وسلم، فلا يسوغ في العقل أن يتابع الرسول صلى الله عليه وسلم فيما سنه في الطهارات ونحوها، ولا يتابع فيما سنه في أصول الدين، فهذا من أعظم المشاقة والمخالفة للرسول. وما قيل في إعراض طوائف من الإسلاميين عن الاحتجاج بالسنة في مسائل المعتقد، خصوصاً ما ينعتونه بخبر الآحاد، إما برده أو بتحريفه الذي يسمونه تأويلاً، يقال مثل ذلك لطوائف من الإسلاميين العاملين في حقل الدعوة الإسلامية ممن هجروا السنة وجفوها، تذرعاً بالواقع تارة وبفقه المرحلة تارة أخرى، وكأن السنة لم تشتمل على الهدى وحل مشكلاتنا في كل زمان ومكان، فأثمر هذا النهج فرقة واختلافاً، كما أثمر الظنون السيئة في ما بين العاملين في مجال الدعوة، فمن هجر سنته صلى الله عليه وسلم فقد خاب وخسر، وإن زعم أنه يريد الإصلاح، فأي خير وأي فلاح يطلب من غير سنته! فعلى كل من تسنم منابر الدعوة إلى الله أن يسأل نفسه ما الباعث له على هذه الدعوة؟ هل هو ابتغاء مرضاة الله؟ فإن كان الجواب نعم، فما الذي يمنعه من سلوك طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! قال الإمام الشافعي"رحمه الله":"فرض الله على الناس اتباع وحيه وسنن رسوله"، وقال أيضاً:"وما سنّ رسول الله في ما ليس لله فيه حكم: فبحكم الله سنه... وقد سنّ رسول الله مع كتاب الله، وسنّ في ما ليس فيه بعينه نص كتاب، وكل ما سن فقد ألزمنا الله اتباعه، وجعل في اتباعه طاعته، وفي العنود عن ابتاعها معصيته التي لم يعذر به خلقاً". وقد أجمع الصحابة والتابعون على وجوب التمسك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يفرقوا بينها وبين القرآن من حيث ثبوت الأحكام بها وكونها حجة يجب اتباعها في العقائد والأحكام والآداب. وقد كان الإمام الشافعي والإمام أحمد"رحمهما الله"يجعلان السنة من جهة ثبوت التكليف بها كالنص، فالنص عندهم يشمل القرآن الكريم وما ثبت عن رسول الله"صلى الله عليه وسلم". عبدالله بن عبيد عباد الحافي أستاذ مساعد بكلية الملك خالد العسكرية