خلال زيارة قصيرة قمت بها إلى المملكة العربية السعودية بداية شهر تشرين الثاني نوفمبر الجاري، تلبية لدعوة كريمة تلقيتها من معهد الإدارة العامة بالرياض للمشاركة بمناسبة مرور 50 عاماً على إنشائه، أثار إعجابي وأدهشني كثيراً مدى الاهتمام الذي توليه حكومة المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، ببناء الإنسان السعودي وإعداده الإعداد السليم بدنياً وعلمياً وثقافياً واجتماعياً وتنمية مهاراته في مختلف الجوانب المرتبطة بدوره ومهامه في المجتمع، ليصبح عنصراً فاعلاً ومؤثراً في تحقيق التقدم والنمو للمجتمع في شتى المجالات. والحقيقة أن الحديث عما شاهدته ولمسته من مظاهر أو شواهد لمدى الاهتمام ببناء الإنسان في هذا البلد الشقيق خلال فترة زيارتي القصيرة له قد يحتاج مني إلى كتاب كامل وليس مجرد مقال صغير في مساحة محدودة بمجلة أو صحيفة، لكنني سأكتفي هنا بذكر مظهر واحد فقط من مظاهر الاهتمام ببناء الإنسان السعودي يتعلق بجانب التدريب وتنمية مهارات العاملين في مختلف مؤسسات الإدارة العامة بالمملكة، وأيضاً بالطلاب قبل التحاقهم بسوق العمل، وذلك من خلال معهد الإدارة العامة الذي تشرفت بزيارته والاطلاع على مكوناته وبرامجه وخدماته. لقد أدهشني فعلاً ما يتضمنه معهد الإدارة العامة من بنية تحتية إنشائية وتكنولوجية وبشرية وتجهيزات ووسائل تعليمية وتدريبية متطورة، ومكتبة ضخمة تتضمن عدداً كبيراً من الكتب والدوريات في مختلف المجالات المعرفية والإدارية، وقاعدة بيانات الكترونية مرتبطة بأبرز مصادر المعلومات والأدلة البحثية والمكتبات العالمية، تُمكن الباحثين والمتدربين وأعضاء هيئة التدريس بالمعهد من الحصول على ما يحتاجونه من معلومات ومصادر علمية بسرعة ويسر من دون عناء التجول بين رفوف المكتبة وأجزائها الواسعة. كما أعجبنى كثيراً نوعية ومحتوى البرامج التدريبية التي يقدمها المعهد وأساليب أداء وعرض او تقديم هذه البرامج وتقييمها، والاهتمام الكبير الذي توليه قيادة المعهد بالمتدربين والعاملين في المعهد، باعتبارهم مقدمي خدمة وحلقة اتصال مباشر بالعملاء أو المتدربين والمستفيدين من برامج وخدمات المعهد من مختلف وحدات الإدارة العامة والأفراد بالمملكة. ولاشك أن اهتمام قيادة المعهد بتوفير كل ما سبق كمدخلات أساسية لأداء وتطوير العمليات التعليمية والتدريبية في المعهد، وتنفيذ المعهد للكثير من البرامج التدريبية المهمة للأفراد والمنظمات الحكومية من داخل وخارج المملكة خلال الفترة السابقة، قد انعكس بشكل ايجابي واضح في جودة مخرجات المعهد من الكوادر البشرية الإدارية المميزة التي شكلت عاملاً مهماً وأساسياً في تحقيق التميز وجودة الأداء في مختلف وحدات الإدارة العامة بالمملكة، وتبوء بعضها أعلى المناصب الإدارية في الدولة. لقد أصبح معهد الإدارة العامة اليوم بقيادته الحكيمة وكوادره المميزة وبرامجه الحديثة والمتطورة بمثابة شريان أساسي لا غنى عنه في جسم الإدارة العامة السعودية والعربية، يمدها بما تحتاجه من برامج وكوادر إدارية مميزة ومؤهلة بأحدث المعارف والمهارات التي تمكنها من تحقيق تميز واضح في أدائها والارتقاء بجودة أداء مختلف المؤسسات التي تعمل بها لتقديم الخدمات العامة للجمهور. ختاماً، يمكنني القول بأن ما تشهده السعودية الشقيقة اليوم من نهوض واستقرار وتقدم اقتصادي وتطور ملاحظ في مختلف المجالات، يقف وراءه بلا شك جهود مثمرة وقيادات وكوادر مؤهلة، وإمكانات وموارد متوافرة وميسرة أنتجتها وهيئتها قيادة حكيمة ورشيدة لهذا البلد تدرك جيداً معنى الاهتمام ببناء وتنمية الإنسان كأساس لبناء وتنمية وتقدم الأوطان. خالد حسن الحريري أستاذ الإدارة والتسويق المساعد جامعة تعز - اليمن