هذه المرة الأولى التي أكتب فيها بروحي وقلبي قبل قلمي، وبمشاعر وأحاسيس تعجز عن التماسك والصمود، وأنا أقرأ أحد الاخبار الذي أفزعني وجعلني حبيسة التفكير والتأمل لأسابيع عدة، لم أفق من هول الصدمة الى الآن، وقد تأخرت في سطر وكتابة ما يكنه قلبي من حزن وأسى بسبب هذا الشعور النفسي الذي انتابني بعد هذه الحادثة الأليمة. الكل منا سمع عن تلك الضحية المسكينة من النساء العاملات في التعليم في منطقة الحائر بجنوب الرياض، وقد ذهبت الى مدرستها باكراً وهي تكن حنانها لاطفالها، وتشقى لجلب لقمة العيش لهم، لتعيش في كفاف ورغد، لم تكن تتوقع ان تواجه مصيرها على يد مَنْ؟ على يد زوجها وشريك حياتها!! بعد ان دهسها تحت عجلات سيارته، ليس مرة واحدة وإنما ثلاث مرات! وهذا معناه مع سبق الاصرار والترصد، لتودع حياتها، وتودع اطفالها الى مصير الايتام، في موقف مؤثر تقشعر منه الابدان والعقول، لا يستطيع الانسان العاقل تحمله، ما ذنب هذه المسكينة؟ ولماذا كان مصيرها هكذا؟ والاسوأ من ذلك هو الطريقة التي لقيت بها حتفها من خلال هذا المنظر البشع الذي لا يتوافق مع أقل درجات الانسانية في الوجود والعياذ بالله... أين الرحمة؟ أين الانسانية؟ أين غريزة العطف والحنان في النفس البشرية؟ أين كرامة الانسان العاقل وحتى غير العاقل؟... الى هذا الحد وصلت بنا الامور للقضاء على كائن بشري ضعيف بهذا الشكل؟ إنه والله من أصعب المواقف المؤثرة في حياتي، لقد قرأت القصة مراراً وتكراراً ولم ولن انساها، وبقيت في مخيلتي وذاكرتي وستبقى طويلاً، أتذكرها لحظة بلحظة... هل كانت هذه المرأة المسكينة تتوقع مصيرها بهذا الشكل المحتوم وبهذه الطريقة الاليمة؟... ماذنب أطفالها ليكونوا في مصاف الايتام؟ وهل يستحق هذا الاب حنان وأبوة هؤلاء الاطفال، وهو الذي ماتت بقلبه كل اصناف وألوان الرحمة؟ هناك قضايا عدة ترجع الى العنف ضد المرأة، ولكن هذه أجرأها وأشدها وقعاً على النفس البشرية، وأرجو الا تنطبق على هذا الزوج الخالي من مشاعر الرحمة أنه من أمن العقوبة أساء القتل!!. كنت قرأت قبل هذه القصة ذلك الرجل بالطائف الذي نزع رحمته وكرامة زوجته وضحى بالانسانية لاجل حياة زائفة واقامة غير نظامية، عندما شمر عن ساعده وأبى إلا ان يضع بصمته في التاريخ ليقوم باجراء ولادة زوجته بنفسه تحت شجرة!! خوفاً من انكشاف أمره لو ذهب للمستشفى لتحظى زوجته بالعناية الطبية كما هي لمن في حالتها!!... لا أكاد أصدق ما يحدث... الى هذا الحد تكون كرامة المرأة وهي الحلقة الاضعف في المجتمع؟ دائماً ما تعلق مثل هذه الحالات على عذر المرض النفسي الذي ينتاب المتسبب في الجريمة، وكأن هذا المرض هو سبب المشكلات التي تحدث في المجتمع! وبغض النظر عن الاسباب الاجتماعية والثقافية والفكرية الاخرى، المؤسف في الأمر، الذي يجعل الألم أشد قسوة وتأثيراً، هو ترك العنان لمثل هؤلاء المرضى النفسيين للعبث بالمجتمع عامة والمرأة بشكل خاص، من دون التصدى لهم بطريقة سليمة تكبح جماحهم وتحمي المجتمع من شرورهم، فليس العيب ذاته في وجود مرضى نفسيين، ولكن العيب هو التزام الصمت الى أن تحدث كارثة، او جريمة يهتز لها المجتمع! إنني عندما أطلع على أوضاع حقوق الانسان، خصوصاً المرأة وما يكتب عن حالات العنف ضدها، أرى ان السبب في ذلك يعود الى الانظمة التي ظلت عاجزة عن توفير الحماية لهذا الانسان الضعيف، وكأنه ولد حقل تجارب من التعذيب النفسي والجسدي، إن هذه الحالات التي تحدث في المجتمع مؤسفة، ونحن في بلد يحكم بشرع الله وسنة نبيه المصطفى"صلى الله عليه وسلم"، وبحكومة لا تألو جهداً في إحقاق الحق وحماية الانسان وكرامته، ولعلي اطالب مرة اخرى من يعنيه الامر بضحايا هذا العنف ان يتولى فيهم خيراً، وان يكون تطبيق الانظمة وحدها هو الكفيل بحماية الانسان وكرامته. خاتمة لن أزيد على ما قاله صفوة الأنبياء: استوصوا بالنساء خيراً. [email protected]