5 مشاريع مياه تدخل حيز التشغيل لخدمة صبيا و44 قرية تابعة لها    المأساة الألمانية.. والتحذيرات السعودية    النائب العام يستقبل نظيره التركي    عروض يونايتد المتواضعة تستمر وأموريم لا يتراجع عن استبعاد راشفورد    حرس الحدود بجازان يدشن حملة ومعرض السلامة البحرية    الأخضر يستأنف تدريباته استعداداً لمواجهة العراق في خليجي 26    نيابة عن "الفيصل".. "بن جلوي" يلتقي برؤساء الاتحادات الرياضية المنتخبين    اختتام دورات جمعية الإعاقة السمعية في جازان لهذا العام بالمكياج    الأمر بالمعروف بجازان تنشر المحتوى التوعوي "خطر الإرهاب الإلكتروني" في واجهة بوليفارد صبيا    جوارديولا: لعبنا بشكل جيد أمام إيفرتون    تعليم الطائف يدعو الطلبة للمشاركة في ﺍﻟﻤﺴﺎﺑﻘﺔ التي تنظمها ﺍﻟﺒﺤﺮﻳﻦ    القبض على المسؤول عن الإعدامات في سجن صيدنايا بسوريا    وفرت الهيئة العامة للعناية بالحرمين خدمة حفظ الأمتعة مجانًا    السعودية تكمل استعداداتها لانطلاقة «رالي داكار 2025»    موارد وتنمية جازان تحتفي بالموظفين والموظفات المتميزين لعام 2024م    إحباط تهريب (140) كيلوجرامًا من نبات القات المخدر في جازان    مدرب الكويت بيتزي: سنلعب للفوز أمام قطر لضمان التأهل لنصف النهائي    منصة "راعي النظر" تدخل موسوعة "غينيس"    مصر تدين اقتحام وزير الأمن القومي الإسرائيلي المسجد الأقصى    وزير الدفاع وقائد الجيش اللبناني يستعرضان «الثنائية» في المجال العسكري    آل الشيخ: المملكة تؤكد الريادة بتقديم أرقى الخدمات لضيوف الرحمن حكومة وشعبا    "التطوع البلدي بالطائف" تحقق 403 مبادرة وعائدًا اقتصاديًا بلغ أكثر من 3مليون ريال    التميمي يدشّن حزمة من المشاريع التطويرية في مستشفى الإيمان العام    في أدبي جازان.. الدوسري واليامي تختتمان الجولة الأولى من فعاليات الشتاء بذكرى وتحت جنح الظلام    طارق السعيد يكتب..من المسؤول عن تخبطات هيرفي؟    الجيش اللبناني يتهم الاحتلال الإسرائيلي بخرق الاتفاق والتوغل في مناطق جنوب البلاد    قصف إسرائيلي على مطاري صنعاء والحديدة    بموافقة الملك.. منح وسام الملك عبد العزيز من الدرجة الثالثة ل 200 متبرع ومتبرعة بالأعضاء    تدخل جراحي عاجل ينقذ مريضاً من شلل دائم في عنيزة    الإحصاء: إيرادات القطاع غير الربحي في السعودية بلغت 54.4 مليار ريال لعام 2023م    وزير الخارجية يصل الكويت للمشاركة في الاجتماع الاستثنائي ال (46) للمجلس الوزاري لمجلس التعاون    السعودية رئيسًا للمنظمة العربية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة "الأرابوساي" للفترة ( 2025 - 2028 )    الذهب يرتفع بفضل ضعف الدولار والاضطرابات الجيوسياسية    الفكر الإبداعي يقود الذكاء الاصطناعي    «الإحصاء»: 12.7% ارتفاع صادرات السعودية غير النفطية    وطن الأفراح    حلاوةُ ولاةِ الأمر    بلادنا تودع ابنها البار الشيخ عبدالله العلي النعيم    "الثقافة" تطلق أربع خدمات جديدة في منصة الابتعاث الثقافي    "الثقافة" و"الأوقاف" توقعان مذكرة تفاهم في المجالات ذات الاهتمام المشترك    أمير نجران يواسي أسرة ابن نمشان    63% من المعتمرين يفضلون التسوق بالمدينة المنورة    العناكب وسرطان البحر.. تعالج سرطان الجلد    مسابقة المهارات    نقوش ميدان عام تؤصل لقرية أثرية بالأحساء    فرضية الطائرة وجاهزية المطار !    «كانسيلو وكيسيه» ينافسان على أفضل هدف في النخبة الآسيوية    ما هكذا تورد الإبل يا سعد    اطلاع قطاع الأعمال على الفرص المتاحة بمنطقة المدينة    أفراحنا إلى أين؟    الزهراني وبن غله يحتفلان بزواج وليد    الدرعان يُتوَّج بجائزة العمل التطوعي    التخييم في العلا يستقطب الزوار والأهالي    اكتشاف سناجب «آكلة للحوم»    دور العلوم والتكنولوجيا في الحد من الضرر    خادم الحرمين وولي العهد يعزّيان رئيس أذربيجان في ضحايا حادث تحطم الطائرة    منتجع شرعان.. أيقونة سياحية في قلب العلا تحت إشراف ولي العهد    نائب أمير منطقة مكة يطلع على الأعمال والمشاريع التطويرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سلامة الصدر

أن تبيت ليلتك وأنت سليم الصدر"ليس في قلبك حقدٌ ولا حسد ولا غلٌ على أحد فذاك خلقٌ عزيز يستوجب منك دوام الشكر لله عز وجل أنْ جبلك على خلق عزيز هو في الناس أندر من الكبريت الأحمر.
وأعز ما تكون سلامة الصدر حين تعفو عمن أساء إليك مع كمال مقدرتك على التشفي منه ومع تمام طمأنينتك بأنك لو فعلتَ لما جاوزتَ حد المشروع، كما أن من أعز ما تكون سلامة الصدر أن تعامله بالعدل والإنصاف متجرداً عن حظوظ نفسك وبين ناظريك صورة إساءته إليك.
ومن عجائب بعض الناس في هذا أنهم يحسبون سلامة الصدر من غلبة الغفلة والسذاجة والضعف، ففي رأيهم أنه لو لم يكن هذا الرجل مغفلاً ساذجاًًً ضعيف الشخصية لما كان سليم الصدر مع ما يلاقي من إساءة الناس، فأساؤا الخلق والظن.
إن من الناس من تكون سلامة صدره جِبلّة جُبل عليها"غير أن هذا لا يعني أن المرء لا يؤجر على ما جُبل عليه، كما يتوهم بعضهم، والحمد لله أن الأجور بيده - سبحانه - لا بأيدي البشر، إذاً لأمسكوا ولضيقوا شعابها على الخلق بخلاً وحسداً، وقد جاء في صحيح السنة أن النبي - عليه الصلاة والسلام - قال لأشجِ عبدالقيس - رضي الله عنه - إن فيك لخصلتين يحبهما الله: الحلم والأناة. فقال: يا رسول الله! أهما خصلتان أتخلق بهما أم الله جبلني عليهما؟ فقال: بل الله جبلك عليهما. فقال: الحمد لله الذي جبلني على خلتين يحبهما الله ورسوله".
فإذا كان هذا جزاء من جبل على خصلة حميدة، فكيف هو أجرُ من لا تتأتى له إلا بمجاهدة نفسه وترويضها؟.
وإذا كان الحلم والأناة خلقين مقترنين غالباً، فإن سلامة الصدر والتواضع خلقان - في الغالب - متلازمان، فلا تكاد تجد سليم الصدر إلا وتراه متواضعاً بعيداً عن الكِبر والغرور، ويبدو لي أن سلامة الصدر ثمرةٌ لجملة من الأخلاق الفاضلة، ومن تأمل آثار سلامة الصدر على سلوك الإنسان لم يستكثر أن يكون خلقاً موجباً لدخول الجنة"كما في قصة عبدالله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - مع ذاك الأنصاري الذي شهد له النبي - عليه الصلاة والسلام - بالجنة، فقال وهو جالس بين أصحابه في مسجده: يطلع عليكم رجل من أهل الجنة، فإذا الداخل رجل من عامة الأنصار تنطف لحيته من ماء وضوئه، قد علق نعله بيده الشمال، ثم صلى ركعتين تجوز فيهما، فاحتال عبدالله بن عمرو بحيلة ليبيت عنده ويرقبه من قريب، فمكث عنده ثلاثة أيام، فلم يره يعمل كثير عمل، فكاد يحقر عمله، فلما أخبره الخبر وبشّره بالبشرى سأله عن العمل الذي بلغ به ما بلغ، فقال: والله ما هو إلا ما رأيت"غير أني لا أجد في نفسي على أحدٍ من المسلمين غشاً، ولا أحسده على خيرٍ أعطاه الله إياه. فقال عبدالله: فهذه التي بلغت بك، وهي التي لا تطاق.
حدثني صاحبي عن أستاذ جامعي كان قد أشرف على رسالته الدكتوراه، يقول: لقد اجتمعت في أستاذي خصلتان هما من أهم ما ينشده الطالب من أخلاق أستاذه: التواضع وسلامة الصدر، أما تواضعه فيشهد له بذلك كلُّ من عامله أو زامله أو تتلمذ عليه، وأما سلامة صدره فأصدق الشهود عليها هم من طالت بينهم وبينه مدة الوصال، وهم طلابه الذين أشرفَ على رسائلهم، فطول الصحبة حقيق أن يميز لك بين الخلق المصطنع الذي يفرضه النفاق الاجتماعي وبين الخلقِ الصادق الذي يكشف لك عن نفس طيبة وتدين صحيح.
يقول صاحبي: فبدر مني أثناء إشرافه على رسالتي ما لا يلام أن يجد بها في نفسه موجدةً عليّ، ثم لا يلام بعد ذلك لو تقاضاني عليها، وهو على ذلك قادر، فزمام أمر رسالتي بيده، وإنْ كان ما بدر مني عن حسن نية"لكني لم أشعر بما فيه من معاني الإساءة، وكانت سلامة صدره ومعها تواضعه هو الزمام المسيطر، فلم أر منه إلا الخير أثناء إعداد الرسالة، بل وجدت منه الإحسان مقابل إساءتي، يقول: ثم جاء اليوم الموعود الذي لو أراد فيه أن يأخذ لنفسه مني لما خشي عاقبة... جاء يوم المناقشة، فقدم لها بتواضع وسلامة صدر، فذكر اسمه مجرداً حتى من اللقب العلمي الأكاديمي، ثم أثنى عليَّ وعلى الرسالة خيراً، فجاوز بذلك درجة العدل والإنصاف، إلى الإحسان بالثناء، ولسان حاله يقول: في نفسي لك ما هو أزيد من سلامة الصدر، يقول: فتمثّلت بين ناظريّ صورتان، تلك الصورة القاتمة التي استفتحتُ بها مشوار الرسالة مع المشرف ذلك التصرف السيئ، وهذه الصورة المشرقة التي ختم المشرف بها الرسالة، فما أبلغَ الإحسانَ الذي يُجازى به الإساءة قلت: وهل ندم من خالق الناس بخلق حسن؟!
* أكاديمي في الشريعة.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.