في كل عام، وبالضبط مع اقتراب شهر رمضان المبارك، تطرأ على المجتمع حال من الاستنفار فوق العادة، لا لشيء إلا ما يعده البعض نوعاً من الاستعداد لشهر رمضان، وكأن الجميع يستعد لحال طوارئ حرجة، فهل الوضع في هذا الشهر يستحق هذا الاستنفار؟ قد يكون الوضع يستحق في جانب الإكثار من الطاعات وفرصة تغتنم لزيادة الروابط في صلة الأرحام والتواد والتراحم بين أفراد المجتمع المسلم. ولنا في رمضان"حصرياً"ممارسات لسلوكيات خاطئة اعتاد الجميع عليها وممارستها حتى ألفنا الخطأ فيها، وأصبحنا مجبرين وبشكل طوعي على تهيئة الظروف لهذه المتاهة السنوية من كل عام، فهل هذا نتاج واقع تطور العصر الذي نعيشه، أم أنه اختلاط بين مفهوم التطور الحضاري المغلوط الذي بات يغزو حياتنا شئنا أم أبينا؟ يبدأ الشهر الكريم، الذي من المفروض أنه شهر بركة ورحمة وخير وعطاء وبُعد عن صخب الدنيا إلى أيام يحبب فيها التقرب إلى الله بالطاعات، ولكن الذي يحدث على أرض الواقع شيء مختلف تماماً. ما أن يأتي هذا الشهر الكريم إلا وتأتي معه قائمة لا حصر لها مما يجب ان يكون في رمضان، وكأن الكل في سباق للفوز بأكثر من غيره في فاتورة المشتريات وغيرها من الممارسات التي تدخل ضمن طقوس هذا الشهر، على رغم أنها تعتبر من الممارسات السلبية التي اعتدناها، أو عودنا أنفسنا عليها، فيا للعجب ولما التعجب والاستغراب ولكل شيء برهان ظاهر للعيان. نبدأ من داخل الأسرة ومن عصب قيام الأسرة وهي إعداد موازنة خاصة لهذا الشهر، تغطي مصروفاتها حياة كل أسرة، وكل بحسب دخله الشهري، أسرة صغيرة أم كبيرة، أو من أسر ذوي الدخل المحدود أو المتدني أو المتوسط أو المرتفع، كل على حد سواء، لماذا هذا النهم الشديد في هذا الشهر بالذات؟ وهل الغاية من الصوم في النهار الانكباب على الاطباق وما تمتلئ به بما لذ وطاب، ونهم شديد طوال ساعات الليل، وحتى نكون منصفين لا ننسى نصيب ما يُرمى في نهاية المطاف من دون أن يستفاد منه. ثم في رمضان نقضي معظم ساعات الليل بين زيارات أسرية، غير ضرورية، تمتد حتى ساعات النهار، وجولات في الأسواق والمجمعات. أليس من المفترض أن نمضي تلك الأوقات في شيء مفيد من عبادة واستغفار لنيل رضا الله العزيز الغفار، أو الجلوس مع افراد الأسرة والمشاركة في حوارات وتسلية مفيدة للجميع، لنعيد لأسرنا الدفء العاطفي الذي بات الجميع يشكو منه. واليكم ما أسهم به الإعلام مع انتشار الفضائيات والتي حلق معظم الناس في فضائها، وما تبثه من برامج ومسلسلات إعدت لرمضان، وما تحمله من مفاهيم ومغالطات، وكأن الجميع في مهرجان وحلقة سباق، والكل مستعد لذلك. في رمضان استعداد لدخول مباراة سباق التثاؤب في النهار. وبما ان هذا العام يواكب مجيء رمضان في موسم الإجازة، فللناس في هذا الظرف أحوال وأطوار يندر أن تحدث إلا في رمضان، ومن ثم أحب أن أعرض عليكم ملخص اليوم في رمضان، يبدأ اليوم الساعة العاشرة صباحاً بتثاؤب يلحقه تثاؤب، وفي نهاية الدوام تزاحم على الطرقات عند الانصراف، ثم جلوس بشكل مثقل حول مائدة الإفطار استعداداً لموعد الأذان، وما بعد ذلك معروف سباق الطعام وقضاء الليل هنا وهناك، وفي هذا العام هناك متسع لربات البيوت في هذا المضمار، فالقلوب مطمئنة لا يوجد دوام يوجب الاستيقاظ الباكر للابناء والقلق ان يغلب سلطان النوم ويحدث الارباك في التأخير... فيا إخوان اتقوا الله فما لهذا السلوك علاقة برمضان. [email protected]