مرة أخرى تقودنا المسؤولية قبل المشاعر الإنسانية لتحمل أعباء محاربة سرطان شرس أخذ ينهش بجسد الامة الاسلامية في عقر دارها، مستخدماً أدوات رخيصة في التغرير بعقول الشباب، واستغلال أبشع الطرق دناءة للوصول الى مآربهم وتحقيق اهدافهم القذرة، متخذين التلاعب بالوازع الديني والفهم البسيط لفئة من شباب الامة سبيلاً لتنفيذ مخططهم الاجرامي، وطريقهم لذلك سهل، إما لكون هؤلاء الشباب الشباب قليلي الخبرة في كشف اساليب الخداع والتضليل التي يستخدمها هؤلاء المأجورون، أو انهم يتعاملون مع الواقع السياسي وما تمر به المنطقة على صعيد الامة من منظور آخر لم يعد موجوداً في هذا الزمان. إن تتابع الاحداث السياسية الملمة في المنطقة وفي ظل اختلاط جميع الاوراق السياسية والاقتصادية منها، ما مهد الطريق ووفر الارضية المناسبة لزرع بذور الشر في المنطقة وبشكل جديد يأخذ الطابع الديني مظلة لتمرير مخططه الاجرامي لتعبئة شباب الامة ضد اممهم، مستغلاً بذلك العاطفة الدينية لفئة الشباب البسطاء، والترغيب بسبيل الفوز بالجنة، نعود ونقول إن البداية كانت ولا تزال داخل الاسرة، فلا يمكن ان نحمل الدولة تبعات اخطائنا او اخطاء أبنائنا، اننا نعيش في زمن غزو فكري وعقائدي متعدد الاشكال موحد النوايا، فلم تعد العفوية في التصرفات ولا الطيبة المفرطة سبيلاً ناجحاً للحياة، وعذراً للآباء عن الغفلة على حسن تصرف الابناء. ففي ما مضى كانت الحياة بسيطة في كل اشكالها، آمنة في كل مرافقها، اما اليوم فكل ما حولنا او يحيط بنا محتاج منا الحيطة والحذر، والامر أخطر مما نتصور بكثير، فعندما يبدأ الداء بالبراعم مهما صلحت الجذور فلا يمكن ان نأمل منها ان تطرح ثماراً طبيعية ونافعة، وهكذا واقع حالنا مع ابنائنا مهما كانت الاسرة سوية وسعيدة تتوق الى بر ابنائها لا يمكن ان تستمر تلك الحيوية الاسرية اذا غابت الرقابة الاسرية. كما ان الثقة الزائدة او التخلي عن المسؤولية تعد اهم الاسباب لتدهور الشباب في درك عصابات الغواية والضلال، التي بالاساس كانت نتاج سيناريو يُحاك في غفلة عن عيون الاسرة وكل له دوره في حبك النهاية الشقية لغياب الدور الاسري بأي شكل من أشكال الثقة او الاهمال، ولاننسى فئة رفاق السوء ولهم باع طويلة في هذا المجال. ان غفلة الابن واستعداده النفسي والتكويني لاعادة التشكيل يجري ضمن اسلوب مدروس لدى هؤلاء الضالين المضللين لشباب الامة، فحذاري منهم لكي نبعد عن انفسنا ونجنب ابناءنا الكثير من الحسرة والألم ولا نرى تلك الحسرة وحال الحيرة في عيون الآباء على فلذات اكباد سارت الى الجحيم طوعاً، فخلفت حزناً وأسى أسرياً وضعفاً وانكساراً تقرأه في عين اب فقد ابناً سلك طريق الضلال من دون وعي وادراك لحقيقة ما هو مقدم علية، والنهاية المرة التي بدأها بخطوة غير مدروسة او واضحة المعالم بالنسبة اليه. لقد وجدنا في عصر ليس لنا خيار فيه تحفنا المخاطر في كل اتجاه، ومن غير المعقول ان نتخلى عن مبادئ ديننا بدعوى ان التدين أقصر الطرق لهؤلاء، كما انه من غير المعقول أن نتقوقع مع ابنائنا بعيداً عن أي اختلاط في المجتمع، فكل تلك طرق مستحيلة للعيش، فمهما تمكنا من إحكام السيطرة داخل الاسرة فالامر خارج النطاق في كل من المدرسة والشارع، وحتى داخل المنزل هناك الشبكة العنكبوتية والتى قلما يخلو منها بيت ومن متصفح على اروقة"الانترنت"وما يحمله من مواقع تثير الفضول لدى الشباب وتدار من فئة متخصصة في الاستدراج المبرمج وتجيد فنون التضليل. ان المسؤولية كبيرة وخطيرة لا يمكن حصر جميع جوانبها في جهة معينة، فلكل من الدولة دور والاسرة والمدرسة دور، وعلينا ان نعلم ان اهم شيء يجب ان تغرسه الاسرة داخل الطفل ان تعمد على تنمية اسلوب الحوار ثم الاقناع، بحيث لا يكون الابن امعة فقط، ثم بعد ذلك تفرح وتسر الاسرة بالابن المطيع والذي لا يسمع له صوت في النقاش الاسري ، إن اسلوب الحوار يجب ان يبدأ منذ ان يتعلم الطفل لغة الكلام ليعبر عن رغباته ويتعلم كيفية الدفاع عنها ما لم يكن في هذه الرغبات شيء من الغلو او التهريج، أي ان يتعلم اسلوب الحوار الهادف البناء القائم على اسلوب التحليل قبل الاقدام والاقناع المبني على البينة والدليل، ومتى ما صار هذا الاسلوب سلوكاً في التعامل تولدت لدى الابن شخصية قوية قادرة على الدفاع عن نفسها، متحصنة ضد أي دخيل يحاول المس بكيانها، وعلينا الا ننسى جانب الحس الوطني، ونذكر دروس الولاء والطاعة لولاة الامر للحفاظ على الوطن ونفوس ابنائه ومقدراته، وبذلك نحمي ثروات الوطن البشرية والتى بدورها تحمي ثرواته المادية. عند ذلك نكون انشأنا جيلاً مدركاً حقيقة تلك الفئة الضالة المضلة، فكيف يعد بالنجاة ممن بدأ بالغرق أصلاً، وكيف يعد بالجنة والفوز بنعيمها من استباح الحرمات وترويع الآمنين، وسلك هدم الملذات باختراق امن وسور الاسر الآمنة باقتناص ابنائها والتضليل بهم، حتى زاغت نظرات الآباء حسرة وحيرة على ابناء اعدوا للفخر وزينة الحياة الدنيا وفي حساب الزمان قوة وسند للمقبل من الايام. [email protected]