نعيش هذه الأيام في خضم عدد من البرامج التي لفتت الأنظار حول الحفاظ على المكنون التراثي للغتنا العربية، إلا أن غالبيتها أخذت في طابعها الاتجاه نحو العامية، وتمخضت عنها الخوض في مواضيع أثارت نزعة قبلية، فلم تحاكِ أوجاع الأمة وكشف مازلزل كيانها، أو ربما تطرقها لمواضيع إنسانية بحتة إلا قليلاً، ولست هنا لأجحف حق من كانوا في تلك البرامج، فهناك من نقف لقصائدهم إجلالاً. إنني هنا لا أناقش ذلك، إنما أوجه النظر لبرنامج هو أول من عني بحفاوة بلغتنا الأم"اللغة العربية"بشكل يليق بها، فعلى رغم ما أقيم للغتنا وأدبائنا من منتديات أدبية وغيرها على مستوى العالم العربي، إلا أنها كانت بعيدة عن العامة، وربما لا يسمع عنها سوى من له صلة بالأدب، إلا أن"أمير الشعراء"حمل تلك المهمة على عاتقه، فأوصل لكل شغوف بأمر تلك اللغة، وأهدى لكل من له عشق بالأدب العربي، شعراء كانت لهم بصماتهم مما نثروه على مسامع من شاهدهم عبر تلك الشاشات. ثمة أمور لاحظناها في هذا البرنامج، أولها هيئة التحكيم التي حملت طابع الاحترام في التعامل والتوجيه والإرشاد، كأب حانٍ على أبنائه الشعراء الذين ترى السعادة تظهر على محياهم عند وقوفهم على قصائد تَطرب الاذن لسماعها، وتداعب القلب بأبياتها، ويكفينا تلك الدروس التي تسري في مجال تلك المناقشات التي عرفتنا ببحور الشعر والتراكيب والصياغة الجيدة، فكانت تلك التساؤلات التي دارت حول بعض الأبيات القديمة وما حوته من معانٍ، تدحرجت فيها ثقافة المشاهد العربي بمعرفة تلك الأبيات وأولئك الشعراء الذين قد نحفظ أبياتاً لهم لكن لم يحظوا بجميل منا بحفظ أسمائهم، وعلى رغم ذلك إلا أن الإجابات، التي كانت تنطلق على لسان هيئة التحكيم، كانت تزيد من ثقافة المتلقي والمشاهد. ما زادني سعادة ذلك الدور الذي لعبته المرأة المسلمة، فسابقت أشقاءها من الرجال في مضمار الشعر، فمازالت تنافس حتى صعدت أعلى عتباته ووصلت إلى النهائيات. كلمة أخيرة أختم بها، أشكر أصحاب الفكرة والقائمين على هذا البرنامج، وهيئة التحكيم والشعراء الذين لازمهم التعب، ليس لشيء الا ليرتقوا بالمشاهد العربي، لا خيّب الله لهم سعياً.