المتأمل لوضع شركات"الليموزين"بالمملكة يحزن على ما آل اليه وضعنا، فهي لا تتناسب مع النمو والازدهار الذي تشهده مملكتنا الحبيبة حالياً، إذ باتت السمعة الغالبة لشركات"الليموزين"الخاصة تتسم بالفوضوية والعشوائية والتخبط، والدخول بهذا الاستثمار إلى نفق مجهول. وبالمقارنة ببعض الدول المجاورة، على سبيل المثال، نجد أن هناك فارقاً شاسعاً بين مستوى وخدمات سيارات الأجرة فيها وبين سيارات الأجرة لدينا، كما أن"الليموزين"يعد ظاهرة حضارية تعكس للزائر صورة ايجابية لما وصلت اليه بلادنا، سواءً من ناحية هيئة السيارة أو مستوى ثقافة وهيئة سائقها، إلا أن بعض السيارات لا تسر الناظرين، ولا سائقوها يشرفوننا وزوارنا، فالجميع سواسية في العشوائية والتخبط. إن مشروع"الليموزين"لم تسبقه دراسات جادة، ولذا كان هذا التخبط. فكان من نتائجه ان اقتحم مجال الاستثمار في سوقه كل من هب ودب، وأصبحت شركات الليموزين بمستواها الحالي صنعة من لا صنعة له. وما زاد من حجم المأساة وضع سيارات الأجرة"الليموزين"في مطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة، وهو الواجهة الحضارية التي يفد عبرها ملايين الزوار والسياح والحجاج والمعتمرين. ومن منا لا يذكر مأساة سائقي"الليموزين"في هذا المطار، إذ طالب سائق أجرة"الأفراد"بمطار الملك عبدالعزيز بجدة بدمج مسارهم مع مسار شركة"ليموزين"المطار، أسوة بما يحدث في مطاري الملك خالد بالرياض ومطار الملك فهد بالشرقية... وقالوا إنهم ينتظرون باليوم واليومين في انتظار"الراكب"، نظراً لكثرة سياراتهم التي تصطف في مسار واحد ينتظر السائق مدة طويلة لعل وعسى يأتي زبون، بينما يختلف الوضع بالنسبة لشركات الليموزين التي يقودها وافدون، والتي يبلغ عددها 100 سيارة تقف في مسار واحد ولا ينتظر السائق سوى نصف ساعة، وتساءلوا كيف نستطيع ان نفي بالتزاماتنا الأسرية ونسدد أقساط السيارات الجديدة في ظل الكساد الذي نعيشه، إذ لا يتجاوز دخل السائق من المهنة الشاقة 1500 ريال شهرياً، والبعض دخل السجن لعدم التزامه بسداد أقساط السيارات. واشار سائقو الأجرة بمطار جدة إلى أنهم حاولوا شرح معاناتهم للمسؤولين في المحافظة وإدارات المرور والنقل والمواصلات وهيئة الطيران المدني ومطار الملك عبدالعزيز، إلا انهم لم يجدوا أي تجاوب... وإذا كان وضع"الليموزين"في مطار الملك عبدالعزيز الدولي وصل إلى هذا المستوى السيئ فما بالنا بالوضع على الطبيعة في مدينة كجدة والتي يوجد بها، بحسب الاحصاءات الرسمية، اكثر من 20 ألف سيارة ليموزين تجوب شوارعها وهي تفتقر إلى الانضباط. سيارات من الأنواع والطرازات كافة وبعضها متهالك وقديم ولا يصلح أصلاً لأن يكون أداة مواصلات نموذجية لافتقارها لوسائل السلامة والأمان، اضف إلى ذلك سائقون من كل جنس ولون، كل يسير على مزاجه، إضافة إلى ما نشاهده من وجود سائقين أجانب غير مهيئين للقيادة، وآخرين لا يحملون حتى مجرد إقامات نظامية، فلم تعد بعض شركات"الليموزين"بظاهرة حضارية، بل أصبحت تمثل عبئاً على البلد واقتصاده وأمنه. هذا عدا ما تسببه من حوادث ومخالفات بسبب عدم تقيد سائقيها بأبسط تعليمات السلامة المرورية. كما لا يفوتني هنا ان أركز على قرار صدر عام 1423ه"بسعودة"سائقي سيارات الأجرة"الليموزين"في المملكة، ولكن الواقع يؤكد ان القرار لم ينفذ، بل حدث العكس تماماً، إذ أصبح سائقو سيارات الأجرة من السعوديين قلة وتضاعف عدد السائقين الأجانب. لقد غدت شركات"الليموزين"بالمملكة، وكذلك سيارات الأجرة، حقلاً للمخالفات والاستهتار في ظل توافر معلومات تفيد بوجود أكثر من 110 شركات ليموزين فردية، تشرف على أكثر من 300 ألف سيارة تعمل في سائر المدن الرئيسة من المملكة. إنني اقترح بسرعة تصحيح مسار النقل بمملكتنا، وذلك بإنشاء شركة نقل"ليموزين"مساهمة كبرى، لتغطي سائر مناطق المملكة، للقضاء على عشوائية الليموزين الحالية. وذلك بأن تبدأ الجهات المسؤولة عن النقل في المملكة، وعلى رأسها وزارة المواصلات بالبدء في درس إنشاء أول شركة مساهمة سعودية كبرى في مجال النقل"الليموزين"، ويتم تحديد رأس المال لها وكذلك عدد الأسهم وقيمة كل سهم، ثم يتم طرح أسهمها على جمهور المكتتبين، وهذا سيكون له نتائج جيدة كالآتي: - تمتلك الشركة الجديدة عدداً كبيراً من سيارات النقل الصغيرة والمتوسطة والكبيرة"الليموزين"لتغطي مناطق المملكة كافة، وتعمل داخل المدن وبين مناطق المملكة المختلفة، اضافة إلى تغطية عمليات النقل من وإلى مطارات المملكة وموانئها. - جميع سيارات الشركة تكون بشكل جيد وفخم وذات لون مميز ويتم تزويدها بوسائل اتصال حديثة مرتبطة بغرفة عمليات الشركة الرئيسة، وان يكون لدى الشركة رقم هاتفي مجاني يمكن الركاب من الاتصال به للحجز والاستفسار. - يتم الاعتماد على العنصر السعودي في قيادة مركبات الشركة، وكذلك توفير وظائف مساندة للشباب السعودي في هذه الشركة مثل أعمال الصيانة والأعمال الإدارية وغيرها. - يتم افتتاح فروع للشركة في مدن المملكة كافة، كذلك إنشاء ورش للصيانة والهندسة. - تحديث المركبات التابعة للشركة بشكل مستمر، بحيث تبدو بشكل جيد ويليق بمدننا وسمعة الشركة. - توحيد الزي بالنسبة لسائقي الشركة. [email protected]