طالعتنا الصحف الوطنية بعناوين بارزة في الأيام الماضية عن قيام قوات الأمن السعودية بإلقاء القبض على مجموعات كبيرة تجاوزت المئات من العناصر التابعة للجماعات المتطرفة دينياً، إلا أن ما لفت انتباهي هو الإعلان عن مواقع نسائية تديرها بعض النسوة من الدول العربية المنتميات إلى تيار"تكفير المسلمين"، وتحمل عناوين مثل"موقع الخنساء"وغيرها، ما يجعل بروز هذه الظاهرة الخطيرة في مجتمعنا تتطلب منا دائماً الحذر والانتباه، خصوصاً ان الإرهاب لم يعد صورة من صور العنف الذي يهدف إلى تحقيق هدف معين فقط، وإنما تطور عند اختلاطه بأشكال العنف والجريمة المنظمة، وتهريب المخدرات وغيرها، وتسخير أموال مثل هذه الجرائم المدانة أخلاقياً ودينياً لخدمة الإرهاب وتمويله من الخارج، والذي أصبح يشكل خطورة معينة، ويؤثر في الأمن القومي للبلاد، خصوصاً أنه بدأ يهدف إلى تحقيق مكاسب ذات غايات مختلفة على حساب سلطة الدولة. لكن في حقيقة الأمر أن ما يثير الاستغراب هو وجود بعض الرموز القيادية المتطرفة دينياً من بعض الدول العربية داخل المملكة إلى هذا الوقت يمارسون مهنتهم معنا في مختلف المجالات، خصوصاً في مجال التعليم العالي، وربما يعود السبب في ذلك إلى أن لجان التعاقد في قطاع التعليم العالي"على وجه التحديد"في المملكة كانت منذ وقت طويل ولا تزال تعطي أهمية وأولوية في مجال التعاقد للأكاديميين العرب من جامعات عربية، خصوصاً الإسلامية منها، مثل الأزهر الشريف في مصر الذي كان ولا يزال عبر التاريخ يعتبر منبراً وصرحاً علمياً أكاديمياً إسلامياً له دوره الكبير والواضح في نشر الدين الإسلامي، وأيضاً له دوره البارز الذي يثنى عليه بالنسبة لضخ كفاءاته العلمية إلى الدول العربية كافة، ومن بينها المملكة العربية السعودية التي تكاد تقتصر في مجال العلوم النظرية على التعاقد مع الكفاءات الأكاديمية من جامعة الأزهر الشريف في القاهرة. وربما قد يغيب عن بال البعض أن معظم القيادات العاملة في الأزهر الشريف تنتمي في واقع الحال إلى أيديولوجيات وأحزاب إسلامية سواء كانت متطرفة دينياً أو معتدلة، وهذه الأيديولوجيات، التي يعتقد ويؤمن بها المنتمون للتيارات والأحزاب الإسلامية في مصر، لا تتوافق في أهدافها ومنهجها مع سياسة التعليم العالي في المملكة، وأن من يؤمن بتلك الأيديولوجيات أو ينتمي لأحزابها من الأكاديميين العرب من الرجال والنساء العاملين في جامعات المملكة سيؤثرون بالتأكيد في نقل أفكارهم ومعتقداتهم مع من يختلطون بهم عملياً وعلمياً من أساتذة وطلاب. إن تهاون بعض لجان التعاقد في وزارة التعليم العالي في المملكة بالنسبة لمسألة البحث والتقصي حول بعض الشخصيات الأكاديمية وغيرها، التي يتم التعاقد معها من بلاد عربية وإسلامية، والبحث عنهم وعن كفاءاتهم العلمية وانتماءاتهم إلى أي أحزاب أو غيرها في بلادهم بشكل وافٍ قبل إتمام إجراءات التعاقد معهم، قد يفتح الباب على مصراعيه أمام كل من يريد السوء بالبلاد والعباد لتحقيق مآربهم وطموحاتهم، في الوقت نفسه الذي يبقى فيه مواطن هذا البلد يعيش في حال من القلق وكأن الريح تحته تقلبه يميناً وشمالاً. أكاديمية متخصصة في التاريخ المعاصر [email protected]