أطلق خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز مبادرة الطاقة من أجل الفقراء التي تهدف إلى"تمكين الدول النامية من مواجهة تكاليف الطاقة المتزايدة"، ودعا"البنك الدولي إلى تنظيم اجتماع في أقرب وقت ممكن للدول المانحة والمؤسسات المالية والإقليمية والدولية لمناقشة هذه المبادرة وتفعيلها". وحضر الاجتماع الذي يعتبر الأول من نوعه، رئيس الوزراء البريطاني، إلى جانب نحو 70 ممثلاً عن الدول المنتجة والمصدرة للنفط، والشركات والمنظمات الدولية. وأكد في افتتاح اجتماع جدة للطاقة، الذي أقيم أمس في جدة المبادرة السعودية التي حملت خمس نقاط للمساعدة في الوضع الجاري، وأكد أن سياسة السعودية منذ قيام منظمة أوبك قائمة على تبني سعر عادل للنفط لا يضر المنتجين ولا المستهلكين، وكنا حريصين على مصالح العالم كله قدر حرصنا على مصالحنا الوطنية، وقد لقينا بسبب هذه السياسة الكثير من الهجوم ورضينا بالكثير من الأذى"، موضحاً أن" دعوتنا لم تأت من الفراغ ولم تنبع من العدم". وأضاف خادم الحرمين الشريفين:"انطلاقاً من هذه السياسة قمنا ولا نزال بتخصيص جزء كبير من دخلنا للمساعدات التنموية، وانطلاقاً من السياسة نفسها قمنا خلال الأشهر القليلة الماضية برفع إنتاجنا اليومي من النفط من 9 ملايين برميل إلى تسعة ملايين وسبعمئة ألف برميل مع استعدادنا لتلبية أية حاجات إضافية في المستقبل". وقال مخاطباً المشاركين:"اعتبر حضوركم شعوراً بالمسؤولية وضرورة التعاون الدولي في موضوع الطاقة، الذي يهم شعوب العالم كافة، وأتمنى لكم التوفيق". وأوضح"إن هناك مجموعة من العوامل وراء الارتفاع السريع غير المبرر لسعر النفط في الآونة الأخيرة، منها عبث المضاربين في السوق في سبيل مصالح أنانية، ومنها زيادة الاستهلاك في عدد من الاقتصادات الصاعدة، ومنها الضرائب المتزايدة على النفط في عدد من الدول المستهلكة، وعلى رغم هذه الحقائق وعلى رغم أن أوبك لم تصدر قراراً بالتسعير منذ عقود طويلة وتركت مسألة السعر للسوق وعلى رغم أنها حرصت على تلبية الطلب المتزايد إلا أننا نجد من يشير بأصابع الاتهام إلى أوبك وحدها". وقال:"في ضوء ذلك تتضح مهمتكم الكبيرة وهي كشف اللثام عن وجه الحقيقة، مهمتكم هي أن تستبعدوا الأقاويل والإشاعات المغرضة وأن تصلوا إلى الأسباب الحقيقة الكامنة وراء ارتفاع السعر وكيفية التعامل معه وأن يكون ذلك بوضوح وشفافية، وأن تعرض النتائج على شعوب الدنيا كلها حتى لا يؤخذ البريء بجريرة المسيء وبحيث لا يصح إلا الصحيح". وأشار إلى أنه"إيماناً من المملكة بدورها التاريخي في مجال الطاقة، وأهمية التعاون الدولي في شؤون الطاقة، وإدراكاً لضرورة مساعدة الشعوب الفقيرة في هذه الظروف الصعبة التي تعاني فيها من ارتفاع كل السلع، والسلع الغذائية خصوصاً، فإنه يسرني من هذا المنبر أن أعلن باسم المملكة ما يأتي: أولاً: أدعو إلى إطلاق مبادرة الطاقة من أجل الفقراء وهدفها تمكين الدول النامية من مواجهة تكاليف الطاقة المتزايدة وأدعو البنك الدولي إلى تنظيم اجتماع في أقرب وقت ممكن للدول المانحة والمؤسسات المالية والإقليمية والدولية لمناقشة هذه المبادرة وتفعيلها. ثانياً: أدعو المجلس الوزاري لصندوق أوبك للتنمية الدولية للاجتماع والنظر في إقرار برنامج موازي للبرنامج السابق له صفة الاستمرار واقترح أن يخصص لهذا البرنامج بليون دولار أميركي. ثالثاً: أعلن استعداد المملكة بالمساهمة في تمويل البرنامجين المشار إليهما أعلاه ضمن الإطار الذي يتم الاتفاق عليه. رابعاً: أعلن عن تخصيص مبلغ 500 مليون دولار أميركي لقروض ميسرة عن طريق الصندوق السعودي للتنمية لتمويل مشاريع تساعد الدول النامية على الحصول على الطاقة وتمويل المشاريع التنموية التي تحتاج إليها. خامساً: أطلب من اجتماعكم هذا تكوين مجموعة عمل من الدول والمنظمات التي شاركت في هذا الاجتماع تحت مظلة الأمانة العامة لمنتدى الطاقة الدولي، تكون معنية بمتابعة التوصيات التي سيصدرها هذا المؤتمر وتنفيذها، ومراقبة التطورات في سوق النفط وأعلن عن استعداد المملكة لدعم مجموعة العمل هذه بالإمكانات البشرية والمادية كافة حتى تتمكن من القيام بمهمتها بنجاح. وأضاف الملك عبدالله:"في هذه الساعة الحرجة يجب أن يرتفع المجتمع الدولي إلى مستوى المسؤولية، وأن يكون التعاون هو حجر الأساس في أي مجهود، وأن نكون جميعاً في نظرتنا إلى الحاضر والمستقبل أصحاب رؤية إنسانية عميقة شاملة تتحرر من الأنانية الضيقة وتسمو إلى آفاق الإخاء والتكافل وفي هذا وحده سر النجاح". من جانبه، قال وزير النفط والثروة المعدنية السعودي المهندس علي النعيمي إن الوضع الراهن لأسواق النفط لا يرضي أحداً، مؤكداًَ أن أحوال السوق الحالية لا تصب في مصلحة المنتجين ولا المستهلكين.ورأى النعيمي أن هواجس تتعلق باحتمال نقص المعروض على المدى البعيد، ويبدو أنها تلعب دوراً في أسعار العقود الآجلة، مشيراً إلى أن هذه الهواجس لا مبرر لها، نظراً إلى أن العالم لديه ما يكفي من الموارد النفطية التقليدية وغير التقليدية، القادرة على تلبية الطلب لعقود عدة مقبلة، حتى ولو نضع في الاعتبار عامل التقدم التكنولوجي المستقبلي، الذي سيمكننا من زيادة فعالية الإنتاج من تلك الموارد. وبين أن هناك عوامل جديدة طرأت على العالم منها التغير في قيادة السيارات، والإقبال على شراء أنواع المركبات الأكثر كفاءة في استهلاك الوقود، وقوانين رفع متوسط اقتصادات الوقود للمركبات وأنظمة استخدام الإيثانول، على النحو الذي نشهده في أميركا. كما أن هناك انخفاضاًَ مطرداً في الاستهلاك الياباني للنفط، وأثر الأسعار على الطلب على المدى الطويل، مع وجود ضغوط لخفض مستوى الطلب. كل تلك العوامل يجب أن تؤخذ في الاعتبار على رغم نمو الطلب في بعض البلدان النامية مثل: الصين والهند. وقال النعيمي:"من الواضح أن ثمة شيئاً آخر، غير عوامل العرض والطلب يقف وراء ارتفاع الأسعار، وأن التركيز ببساطة على زيادة العرض لن يكبح على الأرجح جماح الأسعار الحالية". في إشارة إلى ارتفاع خام غرب تكساس 11 دولاراً في جلسة تداول واحدة. وأكد وزير النفط أن المطلوب على المدى البعيد ليس المزيد من النفط الموجود في باطن الأرض، والسعودية من جانبها توفر هذه المرافق من خلال برنامجها الاستثماري المتكامل واسع النطاق في جميع الأعمال النفطية. وأوضح النعيمي:"أن الصناعة النفطية تشهد ضغوطاً على طاقة التكرير العالمية، وصعوبات بسبب بعض الاختناقات في البنية الأساسية العالمية و بالقدر نفسه من الأهمية هناك نقص في الطاقة التحويلية لمعالجة أنواع الزيت الخام المر نسبة الكبريت فيه عالية والثقيل، إلى جانب تشدد وتباين متزايدين في ما يتعلق بمواصفات المنتجات المكررة، مما يزيد من معاناة المستهلك النهائي لتلك المنتجات. ويضيف:"يعود هذا النقص في القدرة التحويلية إلى نقص الاستثمارات في تلك المرافق، خلال العقد الماضي، وهو النقص الذي يمكن أن نتفهمه، بالنظر إلى الطبيعة الدورية لأعمال التكرير، وهوامش الأرباح القليلة نسبياً، لا سيما في أوقات انخفاض الطلب، ولكنه يحد من قدرة شركات التكرير على معالجة أنواع الزيت الخام الثقيلة والمرة، المتوافرة بشكل كبير... ومرت صناعتنا بمثل هذه الظروف في الماضي، ولكن من دون أن تشهد هذا الحد من ارتفاع الأسعار وتقلبات السوق". واعتقد النعيمي أنه ليس هناك انسجام بين موازين العرض والطلب والأساسيات الأخرى في الصناعة من جهة، وسلوك الأسعار وتقلبات السوق من جهة أخرى، فأساسيات الصناعة لا يمكن أن تكون مسؤولة عن ارتفاع الأسعار الذي نشهده اليوم ولا عن التقلبات الهائلة في السوق في الآونة الأخيرة. كما أعتقد أن مجموعة واسعة من العوامل الأخرى لا تستطيع الصناعة النفطية معالجتها، أو التأثير فيها، تغذي ارتفاع الأسعار وتقلبات السوق. ولعل من أبرزها التوجهات الأخيرة في الأسواق المالية العالمية، بما في ذلك ضعف أسواق الأسهم والسندات، والتي شجعت المستثمرين على توجيه رؤوس أموالهم إلى سلع مثل: النفط. وأشار إلى أنه في حين لم تكن هناك علاقة تذكر على المدى العامين الماضيين بين مخزونات النفط العالمية، وبين أسعار الزيت الخام، كان هناك علاقة قوية بين تزايد حجم تجارة النفط الخام الآجلة في سوقنايمكس، وارتفاع الاسعار، ووفقاً لعدد من المراقبين والمحللين فإن عدم كفاية الرقابة والتنظيم وتقارير استثمارات المضاربة في السلع قد فاقمت من هذا الوضع، لذا فإننا نرحب بخطوات مثل الاتفاق الذي أبرم أخيراً بين الهيئة الأميركية للتجارة الآجلة في السلع وهيئة المبادلات بين القارات بخصوص مد الرقابة التنظيمية لتشمل العقود الآجلة في أوروبا. وأكد النعيمي أن الضرائب والتعرفات الجمركية غير العادلة وسياسات الطاقة والتشريعات التنظيمية التي تعوق إنشاء وتطوير مرافق النفط، وترسل إشارات متضاربة إلى المستثمرين المحتملين في الصناعة إلى جانب التوجيهات نحو مصادر الوقود البديلة بما فيها تقديم الدعم لأنواع الوقود الحيوي.