يعتبر أستاذ الصحة النفسية والعلاج النفسي في كلية الملك خالد العسكرية الدكتور سعد بن عبدالله المشوح أن السمنة المفرطة تعد من أمراض العصر، ويقول:"لقد باتت تؤرق المجتمعات المدنية، بسبب الأضرار الصحية والطبية التي تتسبب بها، وعلى رغم اختلاف ثقافات الشعوب والمجتمعات في اتجاهاتهم نحو السمنة أو الوزن الزائد إلا أنه مع التقدم الحضاري والاجتماعي العالمي أصبح هناك شبه الاتفاق على أن الوزن الزائد لا يعد ظاهرة صحية يمكن أن يوصف بها الفرد، واختلفت النظرة الاجتماعية العربية التي كانت تنظر في العصور السابقة إلى مقاييس الجمال عند النساء، وهذا التغير طاول المجتمع السعودي، وأصبح من دلائل عدم الصحة العامة عند الرجال والنساء على حد سواء ظهور علامات السمنة، أو وجود وزن مفرط أو زائد بين الفئات العمرية المختلفة". ويضيف المشوح:"كما هي عليه الحال فقد ترتبط السمنة بأمراض متعددة تتمثل باضطرابات عضوية مختلفة، فقد ترتبط بوجود اضطرابات نفسية إما أن تكون مساعدة على ظهور السمنة وازديادها عند الأفراد، أو تكون علامة أو مؤشراً إلى اختلال نفسي عند الفرد وهو ارتفاع أو زيادة الوزن. ومن أشهر الأمراض النفسية التي ترتبط بالأكل ما يسمى اضطرابات الأكل Eating disorders، التي تكون على هيئة فقدان الشهية العصبي Anorexia nervosa الذي غالباً تصاب به الإناث بنسبة أكبر من الرجال، وهذا الاضطراب يتمثل في فقدان الشهية تماماً حتى تصبح الفتاة في حال من الهزال وفقدان معظم الوزن، ولكن أحياناً قد تصاب الفتاة وبعد فترة من الزمن بما يسمى النهام العصبي Bulimia nervosa، الذي يتمثل في شهية مفتوحة للأكل وتصاحبه زيادة في الوزن، إلا أنه لا يمكن أن تعتبر هذه الحالات من مسببات الزيادة في الوزن أو من المسببات النفسية في ارتفاع الوزن عند الأفراد، فقد يصاب الفرد بنوبة أو اضطراب اكتئابي مع اختلاف درجة الاكتئاب، ويصبح الفرد في حال من الكآبة والحزن والانطواء حول الذات ويزداد الوزن بشكل سريع، وذلك لأسباب متعددة منها قلة الحركة والانطواء بشكل مستمر حول الذات، وكذلك تناول بعض المهدئات النفسية التي غالباً ما تكون مضادات الاكتئاب، ومن أبرز تأثيراتها زيادة الوزن غير الطبيعي الذي يلاحظ على الفرد في فترة زمنية قصيرة". ويؤكد أستاذ الصحة النفسية والعلاج النفسي أن"الوزن الزائد يمكن أن يعود إلى وجود مشكلات اجتماعية ونفسية لدى الفرد، وعدم قدرته على التكيف مع البيئة المحيطة حوله، فيلجأ إلى تناول الأطعمة بشراهة كبيرة، وذلك لوجود أحداث تشعر الفرد بالضيق والضجر والقلق العام من أمور حياتية لا يستطيع مواجهتها، كما أن حالات الأحزان والحوادث والكوارث تزيد من شأن إصابة الفرد بالبدانة المتزايدة وارتفاع الوزن. ولارتفاع الوزن يلجأ كثير من الأشخاص إلى استخدام أنظمة غذائية صارمة تهدف إلى قهر الذات، ما قد يؤدي إلى وجود حال من الانتكاسة وعدم الرضا الذاتي، ويبدأ الفرد في رؤية ذاته وشكله بصورة مشوشة ومشمئزة، ويلجأ إلى استخدام أساليب وطرق قد تكون ضارة طبياً وصحياً على المستوى البعيد".