يبدو أن الدول الغربية أدركت صعوبة تغيير صورتها لدى العالم الإسلامي بالاعتماد على قادتها وساستها بعد تكرار الإساءات الموجهة إلى الإسلام والمسلمين، خصوصاً أن متطرفين غربيين لم يتوقفوا عن توجيه صفعات وضربات موجعة لساستهم الذين باتوا حائرين بين كسب ود العالم الإسلامي والتزامهم بحرية التعبير، التي وصفها عدد من قادة الجمعيات الإسلامية في أوروبا بحرية الإساءة. وبينما استمرت الدول الغربية في إرسال وزرائها وأعضاء حكوماتها إلى الدول العربية والإسلامية، لتأكيد حرصها على العلاقات القوية التي تجمع تلك الدول بالعالم الإسلامي، خصوصاً السعودية التي تعد بحسب الغرب محور العالم الإسلامي، رأت السويد أن توكل تلك المهمة إلى أطفال تتراوح أعمارهم بين 11 و12 عاماً، أطلقت عليهم لقب سفراء المحبة، يزورون السعودية لمدة 10 أيام يلتقون خلالها بأطفال سعوديين، يناقشون معهم الأفكار السائدة لدى كل منهم عن بلد الآخر. وكان أمير منطقة الرياض الأمير سلمان بن عبدالعزيز افتتح أخيراً معرض"دنيا المحبة لرسوم الأطفال"، الذي يضم صوراً فوتوغرافية من إبداعات الأمير بندر بن سلمان بن عبدالعزيز، ولوحات فنية لأطفال السعودية والسويد تعكس تصوراتهم عن الحياة في البلد الآخر، وذلك في خيمة أمانة منطقة الرياض. ووصف مؤسس"دنيا المحبة"في السويد هنريك ميليوس هذه الزيارة التي تدخل ضمن سلسلة برامج لمؤسسته لتعزيز العلاقات بين النشء من البلدين، بأنها فرصة مهمة لتغيير الكثير من الصور النمطية الرائجة في الغرب وتصحيح عدد من المفاهيم والتصورات الخاطئة عن الإسلام والمسلمين، إضافة إلى تمكين الأطفال السعوديين من تكوين صور ومفاهيم عن السويد بعيدة عن التأويل والتحريف. وقال:"السعودية ليست فقط أحد أهم دول الشرق الأوسط والعالمين العربي والإسلامي، بل هي موطن الوحي، وقبلة الإسلام والمسلمين، ودلالتها الرمزية تعزز دورها المهم سياسياً وتجارياً وثقافياً، ما يمنحها القدرة على امتلاك زمام المبادرة في أي جهد يستهدف مد الجسور والعمل على تدشين حوار حضاري بين الغرب والعالم الإسلامي، لتصحيح الصور الخاطئة والانطباعات المغلوطة عن الإسلام في الغرب، وكذلك السعي لنشر رسالة المحبة والتسامح بين أتباع الديانات السماوية".واستشهد ميليوس بمبادرة خادم الحرمين الشريفين للحوار بين الأديان كنموذج لكسر الحاجز الذي بني بين الديانات المختلفة نتيجة تراكمات عدة، جعلت الكثير من أصحاب الديانات المختلفة يكوّنون أفكاراً خاطئة عن الآخر، وقال:"إن تلك المبادرة الشجاعة تنطلق من فهم حقيقي للإسلام وأسسه ومنطلقاته الإيمانية التي تدعو للتسامح وتؤكد على احترام حقوق الآخرين، وعلى رأسها حرية الاعتقاد". بدوره، قال سفير السويد لدى السعودية يان ثيسليف إن هذا البرنامج يهدف إلى التعريف بثقافة البلدين، وتصحيح المفهوم الخاطئ عن ثقافة الآخر، وتعزيز روح التسامح والإخاء بين أطفال السعودية وأطفال السويد،"إنها خطوة فعالة نحو تكوين جيل جديد من سفراء المحبة والتفاهم بين الشعوب". وأضاف:"تأتي هذه الزيارة في إطار برنامج ثقافي متعدد الفعاليات، يشتمل على رسم لوحات وزيارة مدارس ومعالم حضارية ومناطق تاريخية، إضافة إلى اشتراك الأطفال في عدد من الأنشطة، كالرسم والنقاش الحر، وسيقوم أطفال المملكتين معاً برسم لوحة بانورامية في السعودية تُهدى لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وأخرى في السويد تُهدى للعاهل السويدي الملك كارل غوستاف السادس عشر". واعتبر السفير السويدي خلال افتتاح المعرض، الذي يضم اللوحات التي رسمها أطفال السويد عن السعودية، وأطفال السعودية عن السويد أمس. أن توسعة الاتحاد الأوروبي جعلت منه الجار الأقرب للعالم الإسلامي، وقال:"السويد كانت في طليعة الدول التي أدركت الأبعاد الحضارية والجيوستراتيجية لهذا الجوار، ليس فقط باعتبار السويد جزءاً من الاتحاد الأوروبي، ولكن لأنها احتضنت في الأعوام الأخيرة أعداداً متزايدة من المهاجرين العرب والمسلمين، ومن ثمة أصبح العالم الإسلامي في قلب السويد، وأصبح تحقيق الاندماج الداخلي مرتبطاً بتعزيز علاقاتنا مع الجوار العربي الإسلامي، وتطوير شراكة استراتيجية قائمة على التسامح والتفاهم والاحترام المتبادل.