لا تزال الأحكام الشرعية التي نطق بها القضاة في جلسات حكمهم في مناطق المملكة، محور رصد هذه الصفحة، إذ لا تزال المدونتان اللتان أصدرتهما وزارة العدل السعودية هذا العام والذي قبله، تحفلان بأحكام مهمة وظريفة، ومثيرة أحياناً، سواء في دعاوى الخصوم، أم حيثيات الحكم، أم تدخل أصحاب الكلمة الأخيرة من الهيئة القضائية. في يوم الثلثاء الموافق 17-6-1409ه حضر لدي أنا حمد بن عبدالعزيز الخضيري القاضي بالمحكمة الكبرى بالمدينةالمنورة التي يرأسها وتوابعها سماحة الشيخ عبدالعزيز بن صالح آل صالح. المدعي... رقم الحفيظة... سجل المدينة وحضر لحضوره... رقم الحفيظة... سجل المدينة فادعى... قائلاً: إن لي بذمة هذا الحاضر مبلغاً وقدره ثلاثة عشر ألفاً ومئة وخمسون ريالاً، وذلك قيمة بضاعة بعتها عليه في مدد متفرقة أطلب الحكم عليه بتسليم ما في ذمته لي وقدره ثلاثة عشر الفاً ومئة وخمسون ريالاً هذه دعواي. وبسؤال المدعى عليه أجاب قائلاً: صحيح أنه وردتني بضاعة من المدعي في مدد متفرقة ولكني لا أعلم عن عددها شيئاً ولا عن سعرها، وقد طلبت منه الكشف عدة مرات ورفض أن يعطيني ذلك، وإذا أثبت عدد البضاعة وقيمتها فأنا مستعد لتسليم القيمة حسب بيعه في السوق هذه إجابتي. فجرى سؤال المدعى عليه هل البضاعة موجودة لديه أو لا الآن؟ فقال: إنني قد بعت جزءاً منها وبقي بعضها موجوداً لدي الآن. فجرى سؤال المدعي عن البينة التي تشهد بعدد البضاعة المسلمة للمدعى عليه فقال بينتي هي دفاتري الخاصة، وحيث إنني من تجار الجملة فإذا بعت على عملائي بضاعة سجلتها في دفاتري وقت البيع ثم تسجل قيمتها. وكذلك الموظف... الذي قام بتسليم البضاعة للمدعى عليه ثم أحضر المدعي دفترين: الأول مذكور فيه البضاعة التي سلمت للمدعى عليه في 29-4-1408ه وهي ما يلي: قلب كبير عدد عشرة بسعر خمسمئة ريال، وقلب الكمثرى عدد عشرة بسعر ثلاثمئة ريال، سلاسل عدد عشرة بسعر ثلاثمئة وخمسين ريالاً، بناجر ملون عدد عشرة بمئة وخمسين ريالاً، وبناجر تسعة حلي عدد عشرة بمئة وخمسين ريالاً، وبناجر حنش عدد عشرة بمئتين وخمسين ريالاً، وأساور عدد عشرة بمئة وأربعين ريالاً، وسبح عدد عشرة بثلاثين ريالاً، وأساور ممتازة عدد خمسة بسبعمئة وخمسين ريالاً، وطقم ساعات عدد اثنين بمئة ريال وسلاسل مشكلة عدد عشرين بسبعمئة ريال وبناجر كبيرة عدد خمسة بمئة وخمسين ريالاً، وعقود كريستال عدد خمسين بأربعمئة ريال، وفانوس عدد عشرة بمئة وخمسين ريالاً، ومجموع سعر هذه البضاعة أربعة آلاف وعشرون ريالاً، والدفتر الثاني مذكور فيه البضاعة التي سلمت للمدعى عليه في 25-5-1408ه وهي كما يلي: سبح حجر عدد أربعين بثلاثة آلاف ومئتي ريال، وسبح حجر عدد خمسة وعشرين بألفين ومئتين وخمسين ريالاً، وسبح برتقالي عدد خمسة بمئة ريال، وشماسي أطفال عدد خمسة بمئة وخمسة وعشرين ريالاً، وسبح خشب عدد خمسة بمئة وخمسة وعشرين ريالاً، ومكائن حلاقة عدد اثنين بمئة وعشرين ريالاً، ومكامل عدد خمسة بتسعين ريالاً، وشماسي طبقة واحدة عدد اثنين بمئة وثمانين ريالاً، وشماسي طبقتين عدد ثلاثة بثلاثمئة وتسعين ريال، وقلب سلاسل عدد عشرة بثلاثمئة ريال، وقلب هلال عدد عشرة بثلاثمئة ريال، ولولو صغير عدد عشرين بثلاثمئة ريال، ولولو كبير عدد عشرة بأربعمئة ريال، ومكامل رقم خمسة عدد عشرة بثلاثمئة وخمسين ريالاً، وخواتم زمزم عدد عشرة بثلاثمئة ريال، وخواتم زمزم عدد عشرة بثلاثمئة وخمسين ريالاً، ومجموع سعر هذه البضاعة ثمانية آلاف وثمانمئة وثمانين ريالاً، وكذلك سبح رقم ثمانية عدد خمسين بمئتين وخمسين ريالاً بتاريخ 1-6-1408ه، والدفتران يلاحظ عليهما وجود حسابات لعملاء آخرين للمدعي كل عميل في صفحة. ثم أحضر المدعي..... المصرح له بالإقامة رقم........ مصدرها المدينة ولدى سؤاله عما لديه من شهادة أجاب قائلاً: إنني أحد العاملين في محلات المدعي وأنا المسؤول عن تسليم البضائع للزبائن في المدينة ومكة وقمت بتسليم المدعى عليه.... وهي البضاعة المذكورة في الدفترين اللذين عرضهما المدعي بالأعداد نفسها والقيمة نفسها والتي سجلتموها لديكم آنفاً هذا ما لدي من شهادة. فجرى عرض الدفترين على المدعى عليه، فقال: لا أعرف عنها شيئاً. فجرى سؤال المدعى عليه، هل لديه قدح في الشاهد الذي أحضره المدعي؟ فقال:" إن الشاهد عامل لدى المدعي ولا أعلم عنه شيئاً. فجرى تزكية الشاهد المذكور حسب الأصول الشرعية، فعرضت على المدعي أن يحلف اليمين مع شاهده فرفض. وبناءً على ما تقدم من الدعوى والإجابة وحيث أحضر المدعي شاهداً واحداً يشهد بصحة دعواه، وقد أيد الشاهد دفاتر المدعي، وحيث جرى عرف التجار على تسجيل البضائع التي تم بيعها كما عمل ذلك المدعي، وهذه قرينة قوية تؤيد شاهد المدعي وقد قال ابن القيم في الطرق الحكمية 105"وقد ذهبت طائفة من قضاة السلف العادلين إلى الحكم بشهادة الشاهد الواحد إذا علم صدقه من غير يمين". وقال:"فإذا علم الحاكم صدق الشاهد الواحد جاز له الحكم بشهادته وإن رأى تقويته باليمين فعل، وإلا فليس ذلك بشرط والنبي صلى الله عليه وسلم لما حكم بالشاهد واليمين لم يشترط اليمين، بل قوى بها شهادة الشاهد" وقد قال أبو داود في السنن 4/31"باب إذا علم الحاكم صدق الشاهد الواحد يجوز له أن يحكم به". ثم ساق حديث خزيمة بن ثابت رضي الله عنه"أن النبي صلى الله عليه وسلم ابتاع فرساً من أعربي فأسرع النبي صلى الله عليه وسلم المشي وأبطأ الأعرابي، فطفق رجال يعترضون الأعرابي فيساومونه بالفرس ولا يشعرون أن النبي صلى الله عليه وسلم ابتاعه فنادى الأعرابي رسول الله صلى الله عليه وسلم إن كنت مبتاعاً هذا الفرس وإلا بعته، فقام النبي صلى الله عليه وسلم حين سمع نداء الأعرابي فقال: أوليس قد ابتعته منك؟ ثم قال الأعرابي: لا والله ما بعتكه. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: بلى قد ابتعته منك. فطفق الأعرابي يقول: هلم شهيداً فقال خزيمة بن ثابت: أنا أشهد أنك قد بعته. فأقبل النبي صلى الله عليه وسلم على خزيمة فقال: بم تشهد. قال: بتصديقك يا رسول الله فجعل النبي صلى الله عليه وسلم شهادة خزيمة بشهادة رجلين" ورواه النسائي 7/301 وقد قبل النبي صلى الله عليه وسلم شهادة الأعرابي وحده على رؤية هلال رمضان وقبل شهادة المرأة الواحدة في الرضاع. وقال في الطرق الحكمية 109"وقال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد في شهادة الاستهلال تجوز شهادة امرأة واحدة في الحيض والعدة والسقط والحمام وكل ما لا يطلع عليه إلا النساء فقال: تجوز شهادة امرأة إذا كانت ثقة. فبناءً عليه فقد حكمت على المدعى عليه... بتسليم مبلغ وقدره ثلاثة عشر ألفاً ومئة وخمسون ريالاً للمدعي.... وبعرض ذلك على المدعى عليه قرر عدم القناعة به، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. حرر في 24-6-1409ه. تبين من شرح الشيخ حمد بن عبدالعزيز الخضيري بعدد 34 في 2-3-1410ه ما نصه: بناءً على ما لاحظته هيئة التمييز فقد جرى إحضار الطرفين، وأفهمت المدعي بأن له يمين المدعى عليه على نفي دعواه فقال: أريد يمينه، فعرضت ذلك على المدعى عليه، فنكل عن اليمين، وأصرَّ على نكوله، ثم جرى سؤال المدعى عليه عن بيان البضاعة التي أخذها وقيمتها، فقال: البضاعة وصلتني وبعت بعضها ولا أعلم عن عددها ومحتوياتها وقيمتها شيئاً. وعليه أفهمت الطرفين أني ما زلت على حكمي السابق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. حرر في 2-3-1410ه. - صدق الحكم من محكمة التمييز بالقرار رقم 397/1/1 في 29-7-1410ه.