زاد العثور على الجثة رقم 50 في الصحاري المحيطة بمحافظة رنية، أخيراً، من حيرة الأهالي وقلقهم، وأصبحت هذه الجثث لغزاً محيراً، تتشعب منه أسئلة يلفها الخوف من وجود أسباب جنائية للوفيات، خصوصاً وأن من بين الأهالي من لم يقتنع حتى الآن بالروايات التي تؤكد أن أسباب وفاة أصحاب هذه الجثث عائد إلى العطش. أهالي رنية يراودهم أمل في حل قضية الجثث التي تكرر العثور عليها في أوقات متفاوتة خلال السنوات الثلاث الماضية، والتي نسبتها التحقيقات الأمنية والفحوصات الشرعية إلى عمال مخالفين لأنظمة الإقامة من جنسيات مختلفة كانوا يحاولون عبور الصحراء مشياً على أقدامهم، إلا أن العثور على هذه الجثث بشكل متكرر أثار هواجس المواطنين ومخاوفهم من أن يكون هؤلاء المتوفون قضوا في حوادث جنائية. ويؤكد رئيس المجلس البلدي في محافظة رنية الدكتور محمد بن عبدالعزيز الفارس، أن هذه القضية باتت محل استياء جميع طبقات المجتمع في رنية، مطالباً الجهات المعنية بالكشف عن الحقيقة الكاملة وراء وفاة أصحاب هذه الجثث. وقال الفارس:"إن أهل رنية أناس متدينون، ومعروف عنهم صفات الكرم والضيافة، ولم يعرف عنهم قطع الطريق، سواء في الجاهلية أو بعد الإسلام، وإن شاء الله ستتضح الأمور كافة عن هذه الجثث، ويجب أن توضح أسباب الوفاة إن كانت طبيعية، أو ناتجة من حوادث جنائية، فيجب أن تطبق أشد العقوبات على الجناة، أياً كانوا، ومن دون رحمة". وأضاف:"إن تربية المجتمع في رنية جعلت منه مجتمع ضيافة ووفادة ورفادة، بل أن كثرة الوافدين في المحافظة يدل على كرم أهل المحافظة، ولكننا نطالب بالكشف عن الجناة إذا كانت أسباب الوفاة جنائية، من دون تحفظ، لأن هذا التكتم يسيء إلى سمعة المحافظة وأهلها". من جهته، أوضح المواطن منصور بن فهيد، أن هذه القضية مخيفة جداً، وخصوصاً من ناحية عدد الجثث التي تم العثور عليها حتى الآن، لاسيما وأن بعض الجثث عثر عليها في مواقع قريبة جداً من المحافظة. ويأمل بن فهيد: بزيادة عدد رجال الأمن ومراكز الشرطة في المحافظة، لكثرة السكان فيها، واتساع نطاقها الجغرافي، والتي تحتاج إلى زيادة التغطية من الجهاز الأمني على اختلاف أفرعه، بما في ذلك الدوريات الأمنية والجوازات. وأيد المواطن عثمان السبيعي، التفسير المعلن من الأجهزة الأمنية لأسباب الوفاة، مشيراً إلى أن أسباب وفاة هؤلاء العمال الأجانب يعود إلى العطش، نتيجة السير الطويل لمسافات بعيدة، والتيه في الصحاري، خصوصاً وأن غالبيتهم من العمالة السائبة المتسللة من دول الجوار، والذين يسلكون طرقاً غير معبدة هرباً من رقابة الجهات الأمنية. ولفت إلى ضرورة محاسبة الأيدي الخفية التي تقوم بتهريب هؤلاء العمال وجلبهم إلى المحافظة، وعدم التهاون معهم، وتمنى في الوقت نفسه زيادة عدد أفراد الأجهزة الأمنية، وخصوصاً دوريات أمن الطرق في المحافظة. وفي المقابل، أكد الناطق الرسمي في شرطة الطائف النقيب تركي الشهري ل"الحياة"أن كل الدلائل المتوافرة حول الجثث المتحللة التي عثر عليها في ضواحي محافظة رنية تشير إلى أن الوفاة كانت نتيجة العطش في الصحراء، وذلك وفقاً لتقارير الطبيب الشرعي، ومعاينته المبدئية للجثث.