على رغم إشادة المخرج عبدالخالق الغانم ببعض التجارب النسائية السعودية في كتابة السيناريو، مثل تجربتي فائقة أبو هزاع ولمياء الزيادي، فإنه يرى"أن الدراما السعودية تعاني بشكل عام من عدم توافر الكاتب الجيد، سواء كان ذلك على مستوى الرجل أو المرأة"، وعزا السبب إلى"بساطة تجربتنا السينمائية وحداثتها"، لافتاً إلى أهمية التجربة السينمائية في صوغ وتأسيس كتاب دراما وسينما، ويشير إلى"غياب المناخ الفني وعدم توافر الدراسة الأكاديمية، حتى مع توافر الموهبة"، ويقول:"تجاربنا في هذا المجال ليست سوى اجتهادات شخصية"، معرفاً السيناريو بأنه"فيلم مكتوب على ورق، أو مسلسل على ورق"، معتبراً أن كتابة السيناريو"ليست بالأمر الهين وتحتاج، إضافة إلى الموهبة، إلى دراية بالأدب"، ويشدد على أهمية أن يطرح السيناريو مشكلات ترتبط بالمجتمع". أما الممثل سمير الناصر فنوه بأن"ثمة كاتبات سعوديات قدمن نصوصاً تلفزيونية، وعلى رغم جمالية بعض مواضيعها بيد أنها متواضعة، ومستوى السيناريو والحوار يحتاج إلى تطوير". وينتقد الناصر التعجل في التنفيذ، لافتاً إلى أن"الأمر ليس بيدنا مما يوقعنا معهن في الحرج، فلا يمكننا انتاج عمل ضعيف"، واصفاً بعض الكتابات النسوية بال"بشعة"، وارجع السبب إلى أن"بعض الأقلام النسائية عرّت المرأة مبرزة الجانب السوداوي ومركزة على الجسد، مما يحرم بذلك المشاهد جمال وروح الأنثى العربية والخليجية". وفي الوقت الذي سجلت فيه كاتبات خليجيات، مثل الكويتية فجر السعيد، والقطرية وداد الكواري، والسعودية ليلى الهلالي، أسماءهن ككاتبات دراما تلفزيونية، على صفحات الإعلام، بغض النظر عن القيمة الفنية، فإن الكاتبات السعوديات لم يستفدن حتى اليوم من امكان تعاطيهن مع الكتابة التلفزيونية، كونها إحدى المهن التي تتناسب مع بعض ضوابط المجتمع التي ترفض اختلاط المرأة بالرجل. وربما فاق الانتاج الروائي والقصصي النسائي في عام، ما تنتجه المرأة السعودية في أعوام على مستوى الكتابة التلفزيونية، على رغم ازدهار الأخيرة. وتتحدث الكاتبة فائقة أبو هزاع عن تجربتها مبينة بأنها انطلقت إلى كتابة السيناريو من خلال"كتابتي للقصة، فبعد أن صدر لي مجموعة قصصية تحت عنوان"الضياع"سعيت باحثة عن فرص لتحويل بعض نصوصي إلى أعمال درامية"، وتضيف:"تحقق لي ذلك اخيراً عبر بعض الأعمال". وترى أبو هزاع:"أن أهم عوامل النجاح في هذا المضمار هما: الخيال الخصب، وملكة الكتابة"، مرجعة عدم الإقبال النسائي على كتابة السيناريو إلى"الحاجة الماسة إلى حاضن لهذه الموهبة ومتبنٍ لها". وبدورها أرجعت الكاتبة بهية بو سبيت عدم تحويل بعض منجزها الكتابي إلى أعمال درامية، إلى أنها ليست ملمة بكتابة السيناريو، منوهة بأنها تقبل"أن يتولى هذا العمل بدلاً مني من يعرف فنياته". وترى الصحافية والقاصة ألباب كاظم التي لها بعض التجارب في كتابة السيناريو بأن"القصة، والرواية، والشعر بأنواعه، وكذا السيناريو المسرحي، والسيناريو السينمائي، وجميع الكتابات التي جاءت والتي ستأتي مستقبلاً هي قنوات تصبُّ في محيطٍ كبير اسمه الأدب"، معتبرة أن"الكتابات الأدبيةپالقائمة على التشابه حينًا وعلى التمايز حينًا آخر، سمة جمالية شأنها شأن التنوعپالذي حبته القدرة الإلهية الخلاّقة لحياتنا الدنيا". وتستطرد:"من الطبيعي أن ينتقل الكاتب بين الأجناس الأدبية بشغفٍ وتشوّقٍ كبيرين"، وعدت ذلك هو القاعدة، أما الثبات في فنٍّ واحد فهو"الأمر الشاذ والغريب من وجهة نظري، لا سيما في عصر انفتاح الآفاق، ووفرة الكتب، والمعلومات الذي نشهد تطورّه كل حين"، لافتة إلى أن"لدينا العديد من الكتاب من الجنسين بدأوا بفن كتابي وانتهوا إلى آخر"، مسندة السبب إلى"مدى ثقافة الكاتب وموهبته واجتهاده في الإحاطة بكل فن"، معتبرة بأن"هذه ظاهرة إيجابية بخلاف ما يروّج له في الميدان الثقافي من كون التخصص في نوعية كتابة واحدة فقط هو الأفضل بالنسبة للكاتب،پبسبب أن التركيز علىپفن محدد يقي من التشتت بين عدد من الفنون. وهذه النظرة القاصرة لا تنسجم مع طبيعة الذهنية البشرية وطاقة المخيلة الثرية المودعة في الإنسان، فكلپفن يمنح الكاتب خواصه ومزاياه وعلائقه ويثري تكوينه النفسي ويوسع مخزونه الفكري،پوهذاپبالطبع يتمّ ضمن شروط وعي الكاتب بأهمية القراءة والتعلم والإلمام بما هو مقبل عليه". مشيرة إلى أنه"من غير المعقول أن يتجه الشاعرپلكتابة الرواية وهو غير عالم بأسلوب الرواية وشروطها الأولية، ومن غير المعقول أيضاًپتوجه الروائي أو القاص لكتابة السيناريو وهو غير عالم بطبيعة هذا الفن وما يتطلبه من شروط، لهذا تحديداً يوصف نتاجنا الروائيپبالهزيل لكونه خالياً من المضمون العميق ومجرّداً عن أساسيات الرواية كفن"، مبدية قبولها ل"مقولة إن الإبداع ليس مقيداً"، وموضحة أن"الفوضى على سبيل المثال هي أيضاً غير مقيدة"، وخلصت إلى أن"عدم التقييد لا يدّل على الابداع دائمًا"، مضيفة بأن"الحرية الصحيحة يجب أن تنطلقپمن الثوابت الأولية، وأن تُبنى على أساس سليم لتحلّقپبعد ذلك في سماوات مفتوحة ورحبة. وهناك فرق حتى في تكوين الجملة بين أجناس الكتابة، فضلاً عن الآلية الأساسية التي تطبع كل نوعيّة منها"، وعدت كاظم القصة بأنها"العمود الفقري لأي سيناريو"، مستدركة"لكن بأيّ وسيلة يمكن لكاتب القصة أو الرواية الانتقال إلى كتابة السيناريو؟". وترى كاظم أن"من الملاحظ في ساحتنا المحلية انتصار الكم على الكيف في مجمل كتاباتنا، خصوصاً الصادرة حديثًا". وشددت على أهمية توافر"ورش عمل تدريبية في كل فنون الكتابة"، مستطردة"لتتطور الكتب المسماة بالروائية زيفاً ومن ثم لتستحق اسم رواية عن جدارة، ولتتطور أيضاً الكتب المسماة بالشعرية والهاربة من بحور الشعر، لأنها لم تتعلم السباحة في محيط العروض وهكذا"... مشيرة إلى"أهمية أن تغطِّي الورش التدريبية في مجالها التطويري النساء أيضاً، فلا تسلبهن حقهن في التطوِّر والإبداع. ومن الأهمية كذلك الانفتاح على جميع الأقطار من خلال استضافة شخصيات مهمة تستطيع أن تدرّب أبناء وبنات الوطن. وهذه المسؤولية يجب أن تُلقى على أكتاف الأندية الأدبية وجمعيات الثقافة والفنون بالدرجة الأولى، وهي ليست مسؤولية معقدة أو مستحيلة، خصوصاً إذا ما علمنا أن المنتديات الصغيرة المنتشرة في كل مكان، وعلى اختلاف اهتماماتها، تقوم بما يشبه ذلك".