جرت العادة عند العرب على استجلاب"البخور"منذ أن كانت طرق القوافل التجارية تشحن بأنواعه المختلفة من جنوب الجزيرة وشرق آسيا والهند، فكان الجمل العربي ذي السنام الواحد أكثر ما استؤنس قبل آلاف السنين على يد تجار"البخور"لقطع الرحلة الطويلة من جنوب الجزيرة العربية إلى المناطق الشمالية ومن الشرق الأوسط. واستمرت عادة شراء"البخور"في المنازل السعودية لتطييب الرائحة، فاستمرأ تلك العادة الرجال والنساء من دون انقطاع منذ القدم، وفي عصرنا الحالي تعتبر السعوديات أيام وليالي العيد من أكثر الأيام التي لا ينطفئ فيها"جمر"تبخير المنزل والملابس وحتى الشعر، إذ يشهد"البخور"في أيام العيد بالذات فضلا عن بقية أيام السنة المتفرقة أهمية كبيرة. وتتميز هذه العادة في السعودية بخصوصية إذ يعتبر شراء"مبخرة"جديدة و"بخور العيد"من أولويات السيدات ضمن تجهيزات المنزل لأيام العيد. وتقول مها طارق 29 عاما:"مع أني عروس جديدة إلا أنني أشتريت مبخرة حديثة للعيد غير تلك الموجودة ضمن أثاث المنزل الجديد، ولكن استعدادي وزوجي قبل العيد بشراء أجود الأنواع وأطيبها من البخور يعتبر من حسن استقبال ضيوف العيد، وبذلك يعتبر أهل زوجي أنني سيدة منزل من الطراز الأول". وتعتبر سوسن خوش حال 38 عاما أن من أبرز إشارات استقبال العيد منذ أول أيامه وحتى آخرها هي رائحة البخور في المنزل، مؤكدة أن عدم فواح رائحته لدى زيارة أحدهم في العيد يعتبر من نقص الضيافة"، وتضيف:"إن شراء البخور يعتمد على الوضع المادي أولاً نظراً لأن الأنواع الجيدة من"خشب العود"تعتبر مرتفعة الثمن، كما أن الذوق في اختيار الرائحة أمر مهم". ويقول أحد باعة البخور في المدينةالمنورة سعيد نور ولي:"إن الإقبال على شراء"البخور"يبلغ ذروته في فترة رمضان استعداداً للعيد ولكن تختلف الأذواق باختلاف الأهواء و"المحافظ"النقدية، فالبعض تستهويه أنواع تتوافر للجميع وتتراوح أسعارها مابين 25 وحتى 150 مثل"المعمول"أو"المبثوث"أو"المخلوط"أو"المعجون"كما تعتبر"المستكة"من أكثر أنواع البخور إقبالا من جميع الفئات، ويعتبر أغلى أنواع البخور"خشب العود"و"العنبر"التي ترتفع أسعارها لتصل إلى 10 الآف ريال". من جانبه يقول الباحث في تقنيات تصنيع الأخشاب خالد برادة ل"الحياة":"إن خشب العود والعنبر الأصلي المستخرج من الحوت، والمسك المستخرج من آيل المسك من أكثر الأنواع قبولاً، فروائحها ودهنها يخلط مع أصناف من الأخشاب الجيدة التي تبقى مدة طويلة". ويضيف:"كذلك العود الأزرق الاندونيسي والكمبودي والهندي من أجود الأنواع وأكثرها انتشاراً وإقبالاً". ويتابع:"يعتبر اللبان العماني من أجود الأنواع المستخدمة في البخور، وأيضا اللبان المستخرج من جزيرة"سوقطرة"اليمنية وتعتبر هذه الشجرة من الأشجار المعمرة من العصور البدائية للأرض وموجودة حتى الآن في جنوب الجزيرة العربية في اليمن، كما أن معظم الدهن يخلط بالأخشاب الأسرع امتصاصاً للدهن إذ يعتبر دهن الورد الطائفي من أجود أنواع دهن الورد في العالم والذي يصل سعر"التولة"إلى أكثر من 2000 ريال لقلته وندرته ورائحته الجيدة". ويزيد برادة:"إن من أكثر الأخشاب المستخدمة في البخور تلك التي تستخرج من دول شرق آسيا مثل الكمبودي وخشب الصندل الذي تستخرج منه المادة العطرية، وأحياناً يخلط لتذكية العطور والمسك كذلك لتقوية الرائحة وإضافة اللمسة الشرقية على العطور ثم إن الهالك من الأخشاب ومخلفاتها يخلط وتضاف إليه مجموعة من العطور الزيتية وهي من اقل الأنواع جودة وأكثرها انتشاراً".