من شاهد مباراة الجارين اللدودين الاتحاد والأهلي الأخيرة ضمن منافسات الدوري السعودي لكرة القدم لا بدّ من أن يبصم على أنه يتابع"دربي"الكرة السعودية وليس مباراة التنافس التقليدي بين قطبي مدينة جدة، في هذه المباراة استطاع الفريقان أن يقدما مستوى رفيعاً وعرضاً ممتعاً لملايين المتابعين بعيداً عن الاحتقان الذي أفسد طويلاً مباريات التنافس التقليدي من خلال الخشونة الزائدة في الميدان والشغب الجماهيري في المدرجات. ويحسب لرئيس الاتحاد جمال أبو عمارة ونظيره في الأهلي عبدالعزيز العنقري تلك التصريحات المتزنة والواقعية قبل المباراة وبعدها، ما جعل اللاعبين يؤدون المباراة باحترافية بحثاً عن الفوز من خلال الأداء الفني والاهتمام بإنجاز المهام أثناء المباراة، ومنح أنصار الفريقين حال استرخاء منحتهم فرصة متابعة المباراة والاستمتاع بعرض يوازي قدرات الفريقين الحقيقية. وفي مواسم سابقة حفلت مباريات الاتحاد والأهلي بالإثارة والندية لكنها غالباً ما سقطت في مستنقع الخشونة والشد العصبي، بفعل هواة التصريحات النارية الذين لا يجدون حرجاً في شحن اللاعبين وتأليب الجماهير ضد المدرجات المقابلة، ما أفقد"دربي"الغرب قيمته الفنية وحال من دون استمتاع المتابعين بأداء راق يوازي الحماسة والإثارة في مباريات الجارين. ويحق لأنصار الاتحاد أن يبتهجوا بحصول فريقهم على نقاط المباراة الثلاث، لأن محمد نور ورفاقه برهنوا أنهم دخلوا إلى المباراة بروح وإصرار المحترفين، على رغم صعوبة المهمة وقوة الفريق المنافس، ويبدو أن الاتحاد استوعب درس الموسم الماضي حين فقد لقب بطل الدوري في الدقائق الأخيرة من عمر البطولة بداعي التفريط في النقاط، وفي حال استمر النمور على هذا النهج فالأقرب أن اللحاق بهم سيصبح مهمة صعبة في مرحلة الإياب من أول دوري للمحترفين في السعودية. خصوصاً أن الاتحاديين أصبحوا أمام تحد من نوع ثان، لأنهم يريدون كسر سوء الطالع الذي يلازمهم في دوري النقاط، وهو النحس الذي برهن سطوته عليهم حين لم يفلحوا في طرده الموسم الماضي. نتمنى جميعاً أن يسهم رؤساء ومسؤولو الأندية في إبعاد مباريات الدربي والمواجهات الحاسمة عن التعصب، وأن لا يطلقوا شرارة الشغب والعنف بتصريحات غير مسؤولة قد يتخذ منها المراهقون والمتعصبون مبرراً لممارسة العنف اللفظي والسلوكي، وهو مانريد أن نطرده عن ملاعبنا ومدرجاتها، لأن من شأن التعصب وأعماله المشاغبة أن تفقدنا متعة المباريات وقوة المنافسة. [email protected]