رصد تقرير اقتصادي عدداً من العوامل الداخلية والخارجية التي أدت إلى ارتفاع معدل التضخم في المملكة، أهمها زيادة الإنفاق الحكومي، والقروض المصرفية للقطاع الخاص، ونمو الطلب الكلي في الاقتصاد السعودي، إضافة إلى ربط الريال بالدولار الضعيف، ما أدى إلى انخفاض قيمة الريال. ورفع المستشار الاقتصادي في الغرفة التجارية الصناعية في جدة الدكتور خالد البسام، تقريراً إلى مجلس إدارة الغرفة، رصد فيه أسباب التضخم في المملكة، وانعكاساته السلبية. وقال البسام في مستهل تقريره، إن المملكة تتمتع باقتصاد حر لا يعاني من وجود ضغوطات تذكر على حركة السلع والأموال، كما أن القاعدة الإنتاجية المحلية لهذا الاقتصاد محدودة، ويؤدي تنامي الطلب على السلع المستوردة إلى تعرض المملكة للتضخم المستورد. وأوضح أن الاقتصاد السعودي يعتمد إلى حد كبير على نمو القطاع النفطي، وتشكل الإيرادات النفطية نسبة كبيرة من إجمالي الإيرادات الحكومية، على رغم النمو الملاحظ للإيرادات الحكومية الأخرى خلال العقدين الماضيين، ما يؤدي إلى التقليل من فعالية السياسة المالية في تأثيرها على النشاط الاقتصادي والتضخم، إذ يعتبر الإنفاق الحكومي في الوقت الحاضر الأداة الرئيسية والفعالة المتوافرة لدى صانعي السياسة المالية. وأضاف البسام في تقريره أن نمو معدلات السيولة بشكل متسارع في الآونة الأخيرة أسهم في خلق الضغوط التضخمية الحالية في المملكة، مشيراً إلى أن السلطة النقدية ممثلة بمؤسسة النقد العربي السعودي لها سيطرة محددة على السيولة المحلية، وبالتالي فإن سيطرتها على التضخم تكون محدودة أيضاً. وأوضح أن ربط الريال بالدولار يمثل قيداً كبيراً على قدرة مؤسسة النقد على رفع الفائدة على الريال أو خفضها. وأضاف أن من ابرز العوامل الداخلية التي أسهمت في ظهور التضخم، نمو الطلب الكلي في الاقتصاد السعودي بكل مكوناته على نحو متسارع خلال السنتين الماضيتين، بمعدلات تراوحت بين 13 و14.5 في المئة على التوالي، وهذا النمو المتسارع لم يواكبه نمو كاف في جانب العرض، وهو ما خلق ضغوطاً تضخمية. وقال إن العامل الآخر يتجسد في نمو السيولة المحلية خلال السنوات الثلاث الأخيرة، ما أسهم في رفع معدلات التضخم خلال العامين الماضيين، والذي يعزى إلى مصدرين أساسيين، هما الإنفاق الحكومي والقروض المصرفية للقطاع الخاص، إذ بلغت معدلات الإنفاق الحكومي عام 2006 حوالى 20.2 في المئة، فيما بلغ معدل نمو القروض المصرفية 9.9 في المئة، وبلغت معدلات نمو السيولة المحلية للعام الماضي 19.3 في المئة. وكشف التقرير أسباباً خارجية تؤدي إلى زيادة معدلات التضخم، منها ربط الريال بالدولار، وهو ما يترتب عليه أن أي ارتفاع أو انخفاض في قيمة سعر صرف الدولار أمام العملات الرئيسية، يؤدي إلى تغير في قيمة الريال بالنسبة إلى هذه العملات الرئيسية في الاتجاه نفسه، إذ شهد الريال انخفاضات ملحوظة في قيمة سعر الصرف تجاه معظم العملات الرئيسية. وأوضح أن انخفاض قيمة الريال في مقابل معظم عملات الدول الرئيسية التي تستورد منها المملكة، أسهم في رفع معدلات التضخم المحلية خلال السنوات القليلة الماضية، وقد يسهم في رفع التضخم هذا العام من خلال ارتفاع أسعار السلع التي تستوردها. وأوضح التقرير انه منذ نهاية عام 2005 وحتى نهاية آذار مارس 2007، تراجعت قيمة الريال بنسبة 11 في المئة في مقابل اليورو، العملة التي تستخدمها اكبر مجموعة مصدرة إلى المملكة. وأشار إلى أن السبب الخارجي الآخر، يتمثل في التضخم المستورد من الدول التي تشكل واردات المملكة منها نسبة كبيرة، مثل دول الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة الأميركية واليابان، ما أدى إلى رفع معدلات التضخم محلياً، إذ بلغت معدلات التضخم في الاتحاد الأوروبي 2.2 في المئة عام 2006، وفي الولاياتالمتحدة 2.1 في المئة، واليابان 2.2 في المئة.