إن الأمن من أهم وأكبر النعم على الإنسان، ولذلك قرنه رب العالمين في آيات عدة في كتابه الكريم بالطعام لأهميتهما للحياة، مثل قوله تعالى" الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف"، ولقد مَنّ الله حتى على الكفار في مكة بنعمة الأمن، عندما قال تعالى"أو لم يروا أنا جعلنا حرماً آمناً ويتخطف الناس من حولهم"، إذن يجب على خطيب الجمعة وإمام المسجد التركيز والتذكير بنعمة الأمن وأهميتها، إذ إنه لا حياة للإنسان من دون الأمن ولا تهنأ عيشة ولا تنمية من دون الأمن. وعندما يقوم خطباء المساجد بالتحدث عن الأمن ومحاربة الإرهاب والفكر الضال، فإننا نؤسس بذلك لإعلام شعبي... وهذا النوع من الإعلام في غاية الأهمية لدعم حربنا اليوم وجهودنا ضد الإرهاب والفكر الضال، وهي للأسف حرب تخاطب النخب المتعلمة وأنصاف المتعلمين، كالمحاضرات والندوات والكلمات والمعارض التي يحضرها النخب، في حين ان أرباب الإرهاب والفكر الضال هم من غير المتعلمين في غالبيتهم. كما يجب في معركتنا ضد الارهاب والفكر الضال، ان نستغل كل منبر حر شريف وعاقل لحربه، لأنه يحاول تدمير الوطن وتعطيل مسيرة تنميته، وهذا لن يحصل بإذن الله وقوته، ثم بجهود القيادة الراشدة لهذا الوطن الكريم ومواطنيه الطيبين ورجال أمنه البواسل. كما يجب ? أيضاً - الانتباه الى حلقات تحفيظ القرآن الكريم مع أنها خير كلها، ولكن في هذه الظروف يجب الانتباه حتى لا يدخلها شخص مشبوه يحاول نشر فكر ارهابي بين طلابها، كذلك إذا كانت هناك رحلات طلابية برية خارج منطقتهم، فيجب اخذ الحيطة والحذر من كل المجموعة، لأنه بهذه الرحلات من السهل انتقال الفكر من شخص لشخص، ويجب إبلاغ جمعية تحفيظ القرآن الكريم عن هذه الرحلات، وقتها ومكانها واشخاصها، كما يجب الحذر كل الحذر من تغيير اسماء الطلاب الحقيقية لالقاب مثل"أبو البراء"، إذ ان العديد من ارباب الارهاب يستخدمون هذه الالقاب بدلاً من الاسماء الحقيقية، واهل الارهاب هم آخر من يجب ان يقتدي به طلابنا نهائياً ومطلقاً، ويجب ان يحاسب من يعلم طلابنا وشبابنا مثل هذا الفكر الضال. وأتمنى من مرجعيتنا الدينية الكريمة إصدار فتوى واضحة وصريحة وتنشر في جميع وسائل الإعلام عن امور الجهاد والامور الكبرى في الامة، فمن الغباء ان بعض شبابنا يسأل عن امور صغيرة وسنن بسيطة في الدين، ولا يسأل عن الامور الكبرى مثل الجهاد والموت... واتمنى من المرجعيات مثل هيئة كبار العلماء إصدار فتاوى واضحة عن حرمة السفر للبلدان التي تعيش حالات حروب داخلية وقتال بين أبناء الوطن الواحد، من دون موافقة ولي الامر، وان هناك عهداً في رقابنا جميعاً للسمع والطاعة لولي الأمر، وألا يترك الاجتهاد للشباب المراهق من دون توعية صحيحة. كذلك نحتاج لفتاوى واضحة في التكفير وحكم تكفير المسلمين واهل القبلة، وبيان تاريخ الحركات والمذاهب الفاسدة والهدامة في تاريخ امتنا الاسلامية، مثل حركة الخوارج والقرامطة التي استباحت الدم الحرام بواسطة تكفير المسلمين، وبيان ان هذا الفكر ليس بجديد وانما هو قديم متوارث مع مرضى القلوب والعقول، يجب فضحه وبيان خطره وطرق واساليب اهله لتصيد اولادنا وادخالهم في هذا المستنقع الخبيث، كذلك تصحيح مفاهيم وشرح بعض الأحاديث النبوية الشريفة التي يركز عليها أرباب الإرهاب مثل حديث اخرجوا المشركين من جزيرة العرب، ومع ذلك توفي النبي محمد صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي من أهل الكتاب ولم يخرجه، ومات النبي صلى الله عليه وسلم والمدينةالمنورة نسبة من سكانها يهود، وكذلك حال جيرانها مع أن أطراف الجزيرة كانت تدين بالإسلام. على علمائنا وخطباء الجمعة في وطننا بيان أهمية حب الوطن والولاء للوطن، وان هذا لا ينافي الدين مطلقاً، للأسف لقد شاع أسلوب أممي يقدم الأمة، إذ يجب أن نضحي بالوطن من اجل الأمة، كما يريد أرباب الإرهاب! وهنا دور أهل العلم والفتوى والخطباء في بيان أهمية الوطن ونشر روح حديث النبي صلى الله عليه وسلم، عندما قال عن مكة لأنت أحب البقاع إلى نفسي، والله لم يخرجني اهلك لما خرجت وعندما قال عن المدينة اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد حباً... وذكر الآيات التي تعرضت لهذا الموضوع مثل قرن القتل والموت بالإخراج من الأوطان كما قال تعالى ولو أنا كتبنا عليهم أن قتلوا أنفسكم أو أخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليلاً وقوله تعالى وما لنا أن نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وانه تعالى جعل من العقوبات الكبرى الإخراج من الوطن مثل حالات الإفساد في الأرض عندما قرنه الله تعالى بالقتل في آية الإفساد إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض.... كذلك من المصائد التي يصطاد بها أرباب الإرهاب والفكر الضال شبابنا ومراهقينا ليكونوا وقوداً ومواد ومتفجرات داخل الوطن وخارجه أن يوهم هذا الشاب المراهق بأنه ارتكب من الخطايا والذنوب ما الله به عليم ويغلقون على هذا الشاب باب التوبة، والذي فتحه الشرع الحنيف ويوهمونه أن الطريق الوحيد للتخلص من هذه الذنوب هو كما أوهمه أرباب الإرهاب والفكر الضال أن يقدم نفسه قرباناً لهذا الفكر الضال بأن يفجر نفسه وينتحر باسم الشهادة، وعندما طلب من احد أرباب الإرهاب والفكر الضال أن يفعل ذلك بنفسه، أي أن يفجر نفسه وينتحر كما يعلم ويأمر هؤلاء الشباب المغرر بهم، قال"إذا أنا مت من يجهز الشباب"؟ وهذه حيلة الجبان فلو كان الأمر حقاً لكان هذا الخبيث هو الأول في الصف، ولكنه يعرف أن ما يقوم به جريمة خبيثة نكراء بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، ولذلك فهو يهرب ويقدم أبناء الوطن لهذه المحرقة، وهذا هو الخزي في الدنيا والآخرة. * أستاذ علم الإجرام ومكافحة الجريمة المشارك.